في مدارسِ صيدا الرسميّة، وعلى مَرأى ومَسمَع آلافِ الصيداويّين، يَظهر كتابُ التربيةِ الوطنيّةِ والتنشئةِ المدنيّة بأنّه من إعدادِ مُعلّمي المادّة في مدارس المهدي.هكذا، وبشكلٍ واضِحٍ ومطبوعٍ صراحةً على الغلاف، تُدرَّس التربيةُ الوطنيّة في مدارسِ الدولةِ الرسميّة من منظورٍ مذهبيٍّ صِرف، كما يَراه مُدرّسو مدرسةٍ تَعتنق فِكرًا طائفيًّا مُحدّدًا. وللمدرسةِ – طبعًا – كلُّ الحقِّ في منهجها داخل مؤسّساتها الخاصّة، لكن ليس لأحدٍ الحقُّ في فرضِه على تلاميذَ من مذاهِبَ أخرى، وفي مدارسِ لبنان الرسميّة، وفي مدينةٍ ذاتِ أغلبيّةٍ سُنّيّة. ويَبقى السُّؤال: مَنِ المسؤولُ عن هذا الأمر؟ ومَن مرَّرَهُ وأدخَلَهُ إلى مدارسِ صيدا؟ وكيف تكون مادّةٌ وطنيّة في مدارس رسميّة من صياغةِ مدارسَ ذاتِ مذهبٍ دينيٍّ مُحدَّد؟ فالمادة اسمها مادة التربية الوطنية…لا التربية المذهبية!
منذ تولّي دوروثي كلاوس إدارةَ الأونروا في لبنان، تغيَّر وجهُ الوكالة: اللاجئُ صارَ رقمًا، والميدانُ شاشةً، والإغاثةُ إدارةً رقميّةً باردة. خطابٌ ناعمٌ يُخفي مشروعًا يُفرِّغُ العملَ الإنسانيَّ من روحِه الوطنيّة، ليُحوِّله إلى إدارةٍ أمنيّةٍ “ذكيّة” تُراقبُ أكثرَ ممّا تُغيث. ويبقى السؤالُ الأكبر: لِمصلحةِ مَن؟ ثمّة ما يُعادُ هندستُه في الخفاء. توسّعٌ عمرانيٌّ غامض في منطقةِ سبلين في إقليمِ الخروب، وأجهزةُ “حمايةٍ” مريبة، وتوظيفٌ متسارع… وكلُّ ذلك تحتَ لافتةِ “التحديثِ الإداري” و”التحوّلِ الرقميّ”. مَن فوّضَ الأونروا بإعادةِ تشكيلِ المخيّمات؟ وفي إطارِ أيِّ مشروعٍ يصبُّ ذلك؟ ومَن منحها صلاحيّةَ تحويلِ مجتمعٍ بأكملهِ إلى قاعدةِ بياناتٍ تُدارُ من خلفِ الشاشات؟ مَن يريدُ استبدالَ الهُويّةِ بالرَّمز، والحقِّ الإنسانيِّ بخُطّةٍ أمنيّةٍ ناعمةٍ، تمهيدًا لمرحلةِ وصايةٍ جديدةٍ وتلاشي قضية عالمية، وتوطين مكتوم؟
توقّف مصدرٌ اقتصاديٌّ صيداويٌّ مُخضرَم عند خبرِ توقيعِ وزارةِ الطاقةِ السوريّةِ يومَ الخميسِ الماضي اتفاقيّاتٍ نهائيّةً مع تحالفِ شركاتٍ دوليّةٍ تقودُه شركةُ أورباكون القابضةُ القطريّةُ، لإنشاءِ وتشغيلِ محطّاتٍ لتوليدِ الكهرباءِ بقدرةٍ إجماليّةٍ تبلغُ 5000 ميغاواط، تتضمّنُ إنشاءَ أربعِ محطّاتِ توليدِ كهرباءَ جديدة، إضافةً إلى مشاريعِ طاقةٍ شمسيّةٍ موزّعةٍ على أربعةِ مواقع. وقالَ المصدر «تخيَّل أنَّ سوريا الخارجةَ للتوِّ من حربٍ مدمِّرةٍ كارثيّة، استطاعت في أقلَّ من عامٍ التوصّلَ إلى بدايةِ حلولٍ جذريّةٍ ومستدامةٍ لمشكلةِ عدمِ توفُّرِ الكهرباءِ التي عانتْ منها لسنوات، بينما نحنُ في صيدا لا نزالُ تحتَ رحمةِ أصحابِ المولّدات، أمثالِ بوجي والعكّاوي وغيرِهما، من دونِ أيِّ أفقٍ لحلِّ هذه المشكلةِ في المدى القريبِ أو حتى البعيد».