توقّفَ مصدرٌ سياسيٌّ صيداويٌّ مُتابِع، في إحدى اللقاءاتِ الجامعةِ التي انعقدَت أخيرًا على مستوى المدينة، عندَ التظاهرةِ الشعبيّةِ الحاشدةِ التي نظّمَها أنصارُ الشيخِ أحمدَ الأسير منذ أيّامٍ عندَ دُوّارِ إيليّا، للمطالبةِ بإقرارِ العفوِ العامِّ عن الموقوفينَ في هذا الملفِّ وإطلاقِ سراحِهم. وقالَ المصدرُ إنّ “ظاهرةَ الشيخِ الأسير”، على الرغمِ من كلِّ التنكيلِ والتشويهِ اللذينِ تعرّضت لهما خلالَ السنواتِ الماضيةِ بهدفِ شيطنتِها وطمسِها، إلّا أنّها أظهرت أنّها باقيةٌ ومستمرةٌ، بل وتتنامى في الأوساطِ الصيداوية، خاصّةً بعدما أظهرتِ الفيديوهاتُ التي تمَّ نشرُها في الآونةِ الأخيرةِ حقيقةَ الافتراءِ والكذبِ الذي شهدتهُ أحداثُ عبرا، ومشاركةُ حزبِ الله وسرايا المقاومةِ في المعركةِ دونَ أن تتمَّ مساءلتُهم في محاكمةٍ عادلةٍ، وصوابيّةُ الخطابِ الذي كانَ يقولهُ الرجلُ، وأثبتهُتْهُ الأيّامُ وتبنّاهُ لبنانُ “العهدُ الجديد” رسميًّا. وأكّدَ المصدرُ أنّ عددَ المشاركينَ الذي شهدهُ الحشدُ لا يمكنُ اعتبارُهُ مشهدًا عابرًا في المدينة، في وقتٍ قد تعجزُ بعضُ القوى السياسيّةِ الفاعلةِ عن حشدِ مثلِهِ في مثلِ هذه الظروف. وأنّ عددَ المشاركينَ وإنْ كانَ مُؤشِّرًا، إلّا أنّ دلالتَهُ تكمنُ في التأثيرِ الأعمّ. لافتًا إلى أنّ هناكَ مصلحةً مشتركةً من قبلِ القوى السياسيّةِ الصيداويةِ لإبقاءِ ملفِّ الشيخِ الأسيرِ مُغلَقًا، خوفًا من أن خروجَه قد يغيّرَ في حساباتِ هذه القوى بالنسبةِ لمجرياتِ المعركةِ الانتخابيةِ المقبلة، وهو السببُ الذي يُفسِّرُ عدمَ إقدامِ هذه القوى على التطرّقِ لهذا الأمرِ بعد كلِّ ما ظهرَ فيه.
نقل زوار التقوا بالسفير السعودي في لبنان منذ أيام كلاما “ضبابيا” يُستشف منه أنه “غير محسوم” عن أن وليد البخاري ألمح إلى أن “الفيتو” السعودي على عودة “تيار المستقبل” للعمل السياسي في لبنان ومشاركته في الانتخابات النيابية المقبلة لا يزال قائما، لكنه قد لا يكون ساري المفعول على ترشح بهية الحريري في صيدا تحديدا. وعلى الرغم من هذا المؤشر الانتخابي، تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن السعودية حسمت موضوع دعمها الكامل “لرجلها الأول في صيدا” النائب عبد الرحمن البزري الذي تتعدى علاقته السعودية قناة السفارة في اليرزة لتصله مباشرة بمسؤول الملف اللبناني الأساسي، الأمير يزيد بن فرحان بحكم علاقة طبية وإنسانية تربط الرجلان منذ أكثر من ١٥ عاما. وعليه، فسّر متابعون “الجو” السعودي تجاه بهية باعتباره نزولا عند “الأمر الواقع” الذي ستحققه أرقام بهية في صيدا باعتبارها المرشح الأقوى بين المتنافسين (إن حصلت الانتخابات في موعدها)، دون أن يعني ذلك البتة عدم اتجاه السعودية لخوض معركة “كسر عظم” معها من خلال البزري الذي ستنطلق ماكيناته الفعلية خلال فترة وجيزة “بعدة شغل” مختلفة عن سابقاتها.
عَلِمَتْ صحيفةُ “البوست” من مصادرَ سياسيّةٍ مُطَّلِعة، أنّ حزبَ الله تقدَّم، منذ فترة، بعدّة طَلَباتٍ بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشر، عبر شخصيّاتٍ صديقة، لطلبِ تحديدِ لقاءٍ بين وفدٍ من الحزب والنائب أُسامة سعد. إلّا أنّ الجواب كان يأتي على الشكلِ الآتي: “الحكيم مَشغول هالفترة”؛ وذلك بعدَ احتدامِ الخلافِ بين الطرفين، عقبَ انسحابِ وفدٍ من الحزب من فعاليّةٍ سياسيّةٍ في صيدا، تناولَ فيها سعدٌ موضوعَ انتقالِ المقاومة “مِن حَوْلِ المقاومةِ إلى فِعلٍ مَذهبيٍّ ضيّق”. وبحسبِ مُتابعين، تأتي هذه المحاولاتُ من قِبَلِ الحزب لإعادةِ الوَصلِ مع نائبِ صيدا في توقيتٍ دقيق، على أعتابِ ترقّبِ تصعيدٍ في العدوانِ الإسرائيلي، من المتوقَّعِ أن يُنتِجَ حالةَ نُزوحٍ “جنوبيّ” باتجاهِ عاصمةِ الجنوب. كما لا يمكنُ قراءةُ الأمرِ إلّا باعتباره مؤشِّرًا دالًّا على مَعالِمِ التحالفاتِ التي منَ المُحتَمَل أن “تِركَب” على خارطةِ المتنافسين في الانتخاباتِ النيابية المقبلة. فهل يُعيدُ سعدٌ تبييضَ صفحةِ الحزب في المدينة بعد كلّ ما جرى؟ في السياسةِ لا شيء ثابت… ولا حتّى مُتحرّك….هي لعبةُ المصالح على حسابِ “القطيع”.