تتكشّف فصولُ فوضى جديدة داخل مرفقٍ عامّ حيوي في مدينة صيدا، حيث تبيّن خلال اليومين الماضيين أن غرفاً داخل مسلخ صيدا، الذي أُعيد تأهيله حديثاً ووُضعت له آليةُ عمل جديدة، جرى تأجيرُها لجزّارَين اثنين مقابل عشرة ملايين ليرة لبنانية شهرياً عن كل غرفة. الفضيحة لا تقف عند هذا الحدّ، إذ إنّ بدل الإيجار لم يدخل إلى صندوق البلدية، فيما لا تزال الجهةُ المنفِّذة المشرفة على القطاع البلدي المعني بالمسلخ مجهولة حتى اللحظة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول إدارة هذا المرفق العام ومن المستفيد الحقيقي من هذا الترتيب. وفي تطوّر موازٍ، حاول أحدُ موظفي البلدية، تحميلَ أحدِ أعضاء المجلس مسؤولية خطأٍ بدا واضحاً أنه مُفتعَل بهدف تضليل التحقيق والتهرّب من المحاسبة. ورغم خطورة ما يجري داخل المرفق العام، يلتزمُ رئيسُ البلدية صمتاً لافتاً، من دون اتخاذ أيّ إجراءات واضحة للتحقيق أو وضع حدّ للتجاوزات، في مشهدٍ يُثير علامات استفهام حول الدور البلدي في حماية المال العام والدفاع عن مصالح المواطنين.
بعيدًا عن الأضواء، في منزلٍ صار مرجعاً جامعًا في قضايا الشأن العام المتعلّقة بصيدا، تمت «الصُّلحة/المصلحة» بين رئيسِ دائرةٍ تنفيذية محلية وأحدِ أعضاء مجلسه النافذين/المُشاكسين، بعدما احتدمت الأمور بينهما على أكثر من صعيد خلال الفترة الماضية.وبحسب معلوماتٍ مُستقاة حصلت عليها «البوست»، فقد تمت المصالحة بين “مُتخاصمي الأمس”، بعد سلسلة محاولات قام بها عدد من الأصدقاء المشتركين، كان أحدهم مسؤولا محليا من خارج المدينة “على رأس معسّل”، بحيث اتفق المتخاصمان على مجموعةٍ من النقاط تُسجَّل كمكاسب للعضو النافذ.الطريف في الموضوع، أن جلسةُ «غَسْلِ القلوب» والمفاوضات بين الرجلين قد طالت، ما اضطُرَّ صاحبُ المكان إلى مغادرة منزله لارتباطه بمناسبة. المناقشات والاتفاقات التي أفضت إليها الجلسة ستظهرُ مفاعيلُها في أداء المجلس على صعيد المدينة قريباً، على أمل أن تصبَّ في مصلحة صيدا.
في إحدى اللقاءات التي جمعت رَهْطًا من فاعليات المدينة وأهلها ووافدين، يميلُ أحدُ الأقطاب الأثرياء على جليسِه بجانبه على الطاولة، يسألُه عن الشخص الذي أتاه يُلقي عليه التحيةَ بحرارة ويسأله عن حاله وأحوال عائلته… يتفاجأ الشخصُ الذي تمَّ سؤاله من قبل “القُطب الثري”، فيقول له، وعلاماتُ الدهشة باديةٌ على محيّاه: هذا عضوُ البلدية فلان… لقد كنتَ أنت أكبرَ داعمي لائحته (الأخفياء، من وراء ستار، جبناً) في المعركة الأخيرة. ألا تعرفه؟ لقد موّلت حملته وأوصلته إلى البلدية. يَنْصَدِمُ السائلُ من الإجابة، فلا يجدُ مفرًّا من الإحراج إلا أن يُكمِلَ قَضْمَ الجَزَر من صحن على الطاولة. هكذا تُدارُ المعاركُ الانتخابية في صيدا. داعمون لا يعرفون مَن يدعمون، ومدعومون لا يتعرفون على داعميهم إلا في المناسبات. أما ما يحكم العملية برمتها فغالبا ما تكون النَكَايَاتٍ السياسية، وحتى الشخصية، وأهواءِ نفوسٍ آخرُ هَمِّها المدينةُ وأهلُها ومشاكلها، ومَن يصلُ إلى الكرسي، وماذا يُقدِّم من بعد ذلك…