هل كانت صخرةُ الرَّوشة منارةً للأملِ أم شاهدًا على إطفائِه؟ مشهدُ إضاءةِ صخرةِ الرَّوشة مساءَ أمس حمل العديدَ من الرسائل إلى الأطراف الدَّاخليَّة والخارجيَّة، وأعلن عودةَ حزبِ الله إلى ممارسةِ العمل، أو “العربدة” السياسيَّة التي اعتاد عليها قبل حربه الأخيرة مع إسرائيل. بدأ الحزب اليومَ بتطبيق سياسة “إحياء الأموات” التي أطلقها رئيسُ كتلته النيابيَّة محمّد رعد عبر إعادة انتخاب “الأخ الأكبر” لرئاسة مجلس النواب بعد عُمرٍ مديد. الإصبعُ الذي لطالما ارتفع في وجه اللبنانيّين عمومًا، وأهالي بيروت خصوصًا، يوم أُعلن السابع من أيّار “يومًا مجيدًا”، عاد ليطلَّ على العاصمة ليعلن انتكاسةً جديدةً لمدينةٍ منكوبة.وما أشبه الأمسَ باليوم: فالسِّلاحُ غاب عن اجتياح العاصمة هذه المرّة، لكن طيفَه كان حاضرًا بقوّةٍ في المشهد. أراد الحزب أن يُنذر خصومه في الداخل بأن زمنَ الاستثمار بهزيمةِ المحور قد انتهى، وأنَّه بعد عامٍ على اغتيال زعيمِه، وأقلَّ من سنةٍ على اتفاقِ وقفِ الأعمال العدائيّة، استعاد عافيتَه وقدرتَه على فرض شروطه على الدولة.أمّا التمثيل السياسي للحزب في هذا النشاط عبر مختلف المناطق اللبنانيَّة، فحمل الكثيرَ من الدلالات. إذ جاء ظهور “الحاج وفيق”، مُهدِّد القضاة والحاكم بأمرِ الله الجديد في الحزب، برفقة بعض الوجوه الشابّة، ليكشف عن المحرّك الفعلي للذباب الإلكتروني التابع للحزب، ذلك الذي لم يترك له حليفًا من فيصل كرامي إلى أسامة سعد مرورًا بوئام وهاب. لم تقتصر رسائل الحزب على الداخل فحسب، بل سعى أيضًا إلى إبلاغ الخصم السعودي بأن يدَه الممدودة ما زالت قويّةً وقادرةً على التحكّم بالقرار اللبناني. وأخيرًا، وجّه رسالةً إلى العدوّ الإسرائيلي مفادها أنّه بات جاهزًا للجولة الثانية – وربّما الأخيرة – من الحرب، وأنّ إيقاف المواجهات على لبنان والتركيز على إنهاء حماس في قطاع غزّة منحه الوقت الكافي لإعادة ترتيب صفوفه وتحديد أهدافه المستقبليّة. في المُحصّلة، تتعدّد الرسائل التي أراد الحزب إيصالَها عبر إضاءة صخرة الرَّوشة، لكن النتيجة لم تكن سوى إطفاءٍ لروح الأمل والزخم الذي انطلق مع عهدي الرئيسين جوزف عون ونواف سلام. فالمشهد جاء ليُذكِّر اللبنانيين الذين حلموا بولادة “الجمهوريّة الثالثة” بأنّ الطريق ما زال طويلًا ومليئًا بالألغام والأشواك.
يكثرُ السؤالُ في الأوساطِ السياسيةِ اللبنانية عمّا إذا كان النجلُ الأكبرُ للرئيسِ رفيق الحريري، بهاء، عائدًا إلى البلد بغطاءٍ دوليّ أو عربيّ، وتحديدًا سعودي، على اعتبار أنَّ هذا الأمر سيكون مؤشّرًا داعمًا لمسيرةِ الرجل والدور الذي من المفترض أن يلعبه، باعتبار أنَّه لا حَظرَ سعوديًّا عليه كما هو الحال بالنسبة لسعد وتيّار المستقبل، حتّى الآن أقَلَّه، وما سيعنيه ذلك. اللافت، بحسبِ مصادرٍ مطّلعة، أنَّ بهاء لم تتم دعوتُه من قبلِ السلطاتِ السعودية المعنيّة إلى فعاليات “اليوم الوطني السعودي” الذي أُقيم منذ يومين في فندق “فينيسيا”، على الرغم من تواجده في بيروت، ما فسر باعتباره تجاهل سعودي لكل الحركة السياسية والاجتماعية التي يقوم بها. في المقابل، سُجّل حضورٌ لافت للنائب بهية الحريري وأمين عام تيّار المستقبل أحمد الحريري. بهاء، منعًا للإحراج، قرّر مغادرةَ لبنان قبل الحدث حيث رُصِد في العاصمة الأردنيّة عمّان، يومها.
ظاهرةٌ “شاذّة” جديدة تُضافُ إلى ظواهرَ كثيرةٍ مِثلَها تُعاني منها مدينةُ صيدا على أكثرَ من صعيدٍ، وباتت مُكرَّسةً بحُكمِ قوّةِ الأمرِ الواقع، دونَ حسيبٍ ولا رقيبٍ. المكان: الكورنيش البحري الجديد في صيدا، مقابل مدرسة “المقاصد”. إنّه الشارعُ الفرعيّ العريضُ الموازي لأوتوستراد الجنوب الداخليّ، الذي حوَّله عددٌ من أصحاب المقاهي المخالفين أصلاً بطاولاتهم وكراسيهم وخيمهم، إلى موقفٍ خاصٍّ لروّادِهم دون أحد سواهم. فقد شكا عددٌ من أهالي المدينة من منعِ أصحابِ هذه البسطات غيرِ القانونيّة السيّارات من الرَّكن في هذا الشارع، إن لم يكن أصحابُها يريدون الجلوس أو الشراء من البسطات هناك. كما شكا الأهالي لـ”البوست” من تحوُّل المنطقة إلى مرآبٍ كبيرٍ للشاحنات، التي يتعامل سائقوها مع المكان والشارع باعتبارِه بيتَهم الثاني، في الليل والنهار…. من الطبيعيّ أن تتزايد هكذا ظواهرُ مع شعور المواطنين بتراخي البلديّة عن أداء دورها وتطبيق القوانين. وإذا كان الأعضاء يتقاتلون فيما بينهم على تنظيف الشوارع ، فهذا شارعٌ برسمِ جهودِكم الطيبة للتنظيف، ليس من الأوساخ فحسب!