توقّفت مصادرُ صيداويّةٌ مطّلعةٌ عند سعي أحدِ الأقطابِ السياسيّين في المدينة إلى تحسينِ صورتِه لدى مرجعيّةٍ سياسيّةٍ كبرى، مستغلًّا مناسبةً دينيّةً مذهبيّة، مع تسجيلِ دخولِ أكثر من “صديقٍ مشترك” على خطِّ التهدئة، لرأبِ ما قد انقطع بين الطرفَين، وذلك في إطارِ الاستعداداتِ للانتخاباتِ النيابيّةِ المقبلة، ورسمِ خارطةِ التحالفاتِ التي ستتشكل. فهل ينجحُ العطّارُ في إصلاح ما أفسدتْه “ثورةُ ١٧ تشرين”؟
لطالما كان ملفُّ سلاحِ حزبِ اللهِ اللبناني نقطةَ خلافٍ رئيسيّة في المشهدِ السياسيِّ اللبنانيِّ والإقليميِّ والدوليّ. فمنذ تأسيسه في أوائلِ الثمانينيّات، لعب الحزبُ دورًا محوريًّا في مقاومةِ الاحتلالِ الإسرائيلي، لكنَّ ترسانتَهُ العسكريّة أصبحت أيضًا مصدرًا للتوتّراتِ الداخليّةِ والخارجيّة مع تزايدِ الضغوطِ الإقليميّة والدوليّة لنزعِ سلاحِه، يبرزُ تساؤلٌ جوهريّ: ماذا لو لم يُسلِّم حزبُ الله سلاحَه؟ وما هي التوقّعاتُ والتداعياتُ المحتملةُ على الصعيدَين المحليِّ والدوليّ؟ السيناريوهاتُ المحتملةُ والتداعياتُ المترتبةُ على استمرارِ حزبِ الله في الاحتفاظِ بسلاحه كثيرةٌ ومتشعّبة، من ناحيةِ الأبعادِ السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة على لبنان والمنطقة. انقسامٌ سياسيٌّ وتوتّرات سيؤدّي احتفاظُ حزبِ اللهِ بسلاحه خارجَ إطارِ الدولةِ اللبنانيّة حتمًا إلى تعميقِ الانقساماتِ السياسيّة القائمة في لبنان. فالقوى السياسيّة المناهضةُ للحزب، والتي تُطالِبُ بحصرِ السلاحِ في يدِ الدولة، ستجدُ نفسَها في مواجهةٍ مستمرّة مع حزبِ اللهِ وحلفائِه، ممّا قد يُشِلُّ عملَ المؤسّساتِ الدستوريّة ويُعيقُ اتخاذَ القراراتِ المصيريّة. قد يتطوّرُ هذا الانقسامُ إلى أزماتٍ حكوميّةٍ متكرّرة، ويزيدُ من صعوبةِ عملِ الحكومةِ لمعالجةِ الأزماتِ الاقتصاديّةِ والاجتماعيّة التي يُعاني منها لبنان. على الصعيدِ الأمنيّ، يُمثّلُ سلاحُ حزبِ اللهِ تحدّيًا كبيرًا لسلطةِ الدولة وقدرتِها على بسطِ سيادتِها على كاملِ أراضيها. فوجودُ قوّةٍ عسكريّةٍ موازيةٍ للجيشِ اللبناني يُضعفُ هيبةَ الدولة، ويخلقُ حالةً من عدمِ الاستقرارِ الأمنيّ. وقد يُؤدّي أيُّ احتكاكٍ بين عناصرِ حزبِ اللهِ والقوى الأمنيّةِ اللبنانيّة، أو بين الحزبِ وخصومِه السياسيّين، إلى توتّراتٍ أمنيّة قد تتطوّر إلى اشتباكاتٍ مسلّحة، ممّا يُهدّدُ السِّلمَ الأهليَّ ويُعيدُ إلى الأذهانِ شبحَ الحربِ الأهليّة. من الناحيةِ الاقتصاديّة، فإنَّ عدمَ تسليمِ حزبِ اللهِ لسلاحه سيُفاقمُ الأزمةَ الاقتصاديّة في لبنان. فالمجتمعُ الدوليّ والمؤسّساتُ الماليّةُ الدوليّةُ تربطُ تقديمَ المساعداتِ للبنان بضرورةِ إجراءِ إصلاحاتٍ هيكليّة، من ضمنِها معالجةُ قضيّةِ السلاحِ غيرِ الشرعيّ. وبالتالي، فإنَّ استمرارَ الوضعِ الراهن سيُعيقُ حصولَ لبنان على الدعمِ الماليِّ الذي هو بأمسِّ الحاجةِ إليه، ممّا سيزيدُ من تدهورِ قيمةِ الليرةِ اللبنانيّة، ويرفعُ معدّلاتِ التضخّمِ والبطالة، ويُفاقمُ من معاناةِ المواطنين اللبنانيّين. يُمثّلُ سلاحُ حزبِ اللهِ تحدّيًا كبيرًا لسلطةِ الدولة وقدرتِها على بسطِ سيادتِها على كاملِ أراضيها. فوجودُ قوّةٍ عسكريّةٍ موازيةٍ للجيشِ اللبناني يُضعفُ هيبةَ الدولة، ويخلقُ حالةً من عدمِ الاستقرارِ الأمنيّ توتّراتٌ إقليميّةٌ وعزلةٌ دوليّة على الصعيدِ الدوليّ، فإنَّ عدمَ تسليمِ حزبِ اللهِ لسلاحه سيُؤدّي إلى استمرارِ التوتّراتِ الإقليميّة، خاصّةً مع إسرائيل. فالحزبُ يعتبرُ نفسَه جزءًا من “محورِ المقاومة” المدعومِ من إيران، وسلاحُه يُمثّلُ ورقةَ ضغطٍ في الصراعِ الإقليميّ. هذا الوضعُ قد يُؤدّي إلى تصعيدٍ عسكريٍّ في أيِّ لحظة، ممّا يُهدّدُ الأمنَ والاستقرارَ في المنطقةِ بأسرِها. وقد رأينا كيف أنَّ أيَّ تصعيدٍ بين حزبِ اللهِ وإسرائيل يُؤثّرُ بشكلٍ مباشرٍ على دولِ الجوار، ويزيدُ من احتماليّةِ نشوبِ صراعٍ أوسع. كما أنَّ استمرارَ حزبِ اللهِ في الاحتفاظِ بسلاحِه سيُعرّضُ لبنان لعزلةٍ دوليّةٍ متزايدة. فالمجتمعُ الدوليّ، وخاصّةً الدولُ الغربيّة، يعتبرُ سلاحَ حزبِ الله تهديدًا للأمنِ الإقليميِّ والدوليّ، ويُطالِبُ بضرورةِ نزعِه. وبالتالي، فإنَّ عدمَ استجابةِ لبنان لهذه المطالبِ قد يُؤدّي إلى فرضِ عقوباتٍ اقتصاديّةٍ وسياسيّةٍ إضافيّة على البلاد، ممّا يزيدُ من معاناتِها، ويحدُّ من قدرتِها على التعاملِ مع الأزماتِ التي تُواجِهُها. هذا الأمرُ سيُؤثّرُ سلبًا على علاقاتِ لبنان مع الدولِ المانحةِ والمؤسّساتِ الدوليّة، ويُقلّلُ من فُرصِ حصولِه على المساعداتِ والاستثماراتِ اللازمةِ لإنعاشِ اقتصادِه. علاوةً على ذلك، فإنَّ عدمَ تسليمِ سلاحِ حزبِ الله يُعقّدُ جهودَ التسويةِ السياسيّة في المنطقة. فالحزبُ يُمثّلُ لاعبًا رئيسيًّا في المشهدِ السياسيِّ اللبنانيِّ والإقليميّ، وسلاحُه يمنحه نفوذًا كبيرًا. وأيُّ محاولةٍ للتوصّلِ إلى حلولٍ سياسيّةٍ للأزماتِ الإقليميّة، مثل الصراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ أو الأزمةِ السوريّة، ستصطدمُ بواقعِ وجودِ سلاحِ حزبِ الله، ممّا يجعلُ التوصّلَ إلى تسوياتٍ شاملةٍ أمرًا صعبًا للغاية. هذا الوضعُ قد يُؤدّي إلى استمرارِ حالةِ الجمودِ السياسيّ في المنطقة، ويزيدُ من تعقيدِ الأزماتِ القائمة. يمكنُ القولُ إنَّ عدمَ تسليمِ حزبِ اللهِ اللبناني لسلاحِه يحملُ في طيّاتِه تداعياتٍ خطيرةً على المستويَين المحليِّ والدوليّ. فمحليًّا، سيُؤدّي إلى تعميقِ الانقساماتِ السياسيّة، وزيادةِ التوتّراتِ الأمنيّة، وتفاقمِ الأزمةِ الاقتصاديّة. ودوليًّا، سيُؤدّي إلى استمرارِ التوتّراتِ الإقليميّة، وعزلةِ لبنان الدوليّة، وتعقيدِ جهودِ التسويةِ السياسيّة في المنطقة. تتطلّبُ معالجةُ هذه القضيّة حوارًا وطنيًّا شاملًا، ودعمًا دوليًّا، وإرادةً سياسيّةً حقيقيّةً من جميعِ الأطرافِ لتقديمِ مصلحةِ لبنان وشعبِه على أيِّ اعتباراتٍ أُخرى، وصولًا إلى بناءِ دولةٍ قويّةٍ ومستقرّةٍ تتمتّعُ بالسيادةِ الكاملةِ على أراضيها وقرارِها.
في خطوةٍ قد تُثير الدهشة والاستغراب، أبلغت الشرطة البلدية في صيدا رئيس تجمّع المؤسسات الأهلية في صيدا، ماجد حمتو، بضرورة إخلاء المكتب الذي يستخدمه التجمّع في مبنى البلدية، وذلك استنادًا إلى قرار اتّخذه رئيس البلدية الجديد، مصطفى حجازي، من دون أي اتصال أو تواصل مع تجمّع المؤسسات الأهلية السبب المُعلن للخطوة، كما يقول حجازي، هو حاجة البلدية إلى غرف إضافية لأجل عمل اللجان البلدية.في متابعةٍ للموضوع، تبيّن أن استخدام التجمّع للمكتب المذكور يستند إلى قرار مجلس بلديٍّ اتُّخذ قبل عام 2010، وبالتالي فإن نقضه يستوجب قرارًا بلديًّا جديدًا، وهذا ما لم يفعله رئيس البلدية الجديد.وما يلفت الانتباه أنّ هناك غرفًا أخرى في مبنى البلدية تستخدمها جمعيات غير موجودة أصلاً. قرار حجازي فتح جدلًا داخل المجلس البلدي حول آلية اتخاذ هذا القرار، وعدم أخذ رأي المجلس به لاتخاذ القرار المناسب. هذا السلوك من الرئيس الجديد دفع تجمّع المؤسسات الأهلية إلى القيام بجولة على الفعاليات السياسية والروحية في المدينة لطرح المشكلة، وصولًا إلى إيجاد الحلّ المناسب. كما يسعى التجمّع إلى تقديم ردٍّ قانوني على قرار حجازي الأخير. تأتي هذه الخطوة من جانب حجازي وسط خطاب “مسرحي” بلدي يتحدث عن التشاركية بين المجتمع المحلي والسلطة المحلية. ويُذكر أن تجمّع المؤسسات الأهلية كان قد ترك الخيار لجميع المؤسسات لاتخاذ الموقف الذي يناسبها خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، مع الإصرار على أهمية التعاون بين البلدية والتجمّع في المرحلة المقبلة. وإذ يتفاجأ التجمّع بخطوة رئيس البلدية الأخيرة، فإنه يؤكّد أن يده ما زالت ممدودة للتعاون مع البلدية، حسب ما أفاد أحد مصادر التجمّع. يقول أحد الناشطين: “المدخل لحلّ هذه المشكلة التي نشأت بسبب قرار رئيس البلدية هو تجميد القرار ونقاشه في المجلس البلدي، ليكون بابًا لتحديد العلاقة بين البلدية كمجلس بلديٍّ والمجتمع الأهلي والمدني، بعيدًا عن الخطابات الشعبوية، واعتماد سياسة التعاون بين مكوّنات المجتمع في المدينة.” فهل يُبادر المجلس البلدي إلى نقاش الموضوع، ووضع آلية جدية لتنظيم العلاقة بين تجمّع المؤسسات الأهلية والمجلس البلدي؟ أم تبقى المدينة أسيرة قراراتٍ فرديّة لا تستند إلى أرضيّة قانونيّة؟