إنْ كانتِ الضوضاءُ قد حصلتْ على صَخرةِ الروشة، فالحدثُ كان في صيدا. ليسَ من بابِ المصادفةِ أنْ يظهرَ “محمّد مهدي” نجلُ الأمينِ العامِّ السابقِ لـ”حزب الله” حسن نصر الله عندَ الطرفِ الجنوبيِّ للمدينة، مُحاطًا بجُمْهرةٍ من المؤيّدين والمناصرين، وهو الذي يَعتبره كثيرون شبيهَ أبيه ووَريثَه المحتمل في احتفالٍ بذكرى والده. علْمًا أنّ المسافةَ بينَ الحدثين تَبعُدُ عشراتِ الكيلومترات، ولا ترابطَ بينهما بأيٍّ من الأشكال. وفي هذا الإطار توقّفت مصادرُ سياسيةٌ صيداويةٌ متابعةٌ عند هذه المشهدية، التي بعثتْ برسائلَ في مختلفِ الاتجاهات، خاصّةً على صعيد المدينة بوابة الجنوب. أبرزُها موجَّهٌ ضدّ النائب أسامة سعد، لاسيّما بعد الإشكال الأخير الذي حصل بينه وبين ممثّلي “الحزب” في ذكرى انطلاق “حركة المقاومة الوطنية”، برسالةٍ واضحة مفادُها: “نحن على الأرض وفي الشارع”. أمّا الثاني فكان بحقّ النائب عبد الرحمن البَزري، المقرَّب حاليًّا من الجوّ السعودي، بأنّ حساباتِ المرحلة المقبلة ستكون مختلفة عمّا كانت. بالإضافة طبعًا إلى مسعى تثبيتِ وجودٍ طاغٍ للحزب يُبنى عليه في مَهدِ والمعقل الأقوى ل “الحريرية السياسية”. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ صيدا في عين الحدث، ولو كان أهلُها “نائمين”، وستكون في القادم من الأيام على موعد مع محطات كثيرة مشابهة. ولا تأتي مظاهرُ الاحتفالات والمسيرات والعراضات التي تشهدها المدينةُ بشكلٍ يستفزُّ الكثيرَ من أهلها وناسها، إلا لتؤكّد أنَّ العينَ على صيدا اليومَ أكثرُ من قبل، خاصّةً بعدما أفرزتْه وقائعُ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على جنوب لبنان تحديدًا. فَتَحَضَّروا… محمد مهدي خلال الاحتفال مع أنصار حزب الله في صيدا
رَصَدت مَصادِرُ تَربَويّةٌ مُتابِعة، ظاهِرَةً خَطيرةً بَدَأَت بالتَّنامي والانتِشار كالسَّرطانِ الخَبيث في عَدَدٍ مِن مَدارِس صَيدا الرَّسميّة الأساسيّة والفّاعِلة، سَيكونُ لَها تَداعِياتٌ خَطيرةٌ على حاضِرِ المُدينةِ ومُستَقبَلِها اجتِماعِيًّا وتَربَويًّا وثَقافِيًّا. وتَتَمَثَّلُ في استِقدامِ كَوادِرَ تَعليمِيّةٍ وإداريّةٍ مِن خارِجِ المَدينة ومن “لون معين” وفَرضِها بِطُرُقٍ مُلتَوِيَة على هذِه المَدارِس لِتَكريسِ أَمرٍ واقِعٍ يَصعُبُ تَغييرُه لاحِقًا، وذلِكَ باستِغلالِ مَنصِبٍ حَسّاسٍ في دائِرَةِ التَّربِيَة في “السِّراي” لِفَرضِ هَذا المَوضوعِ بِشَكلٍ مُمنهَج. وأَكَّدَت المَصادِرُ المُطَّلِعَة أَنَّ كَونَ مُديرِ المَدرَسَةِ ظاهِريًّا مِن صَيدا، لا يَعني شَيئًا فِعليًّا، لأَنَّ أَغلبَ هؤُلاءِ المُدَراء باتوا يَقِفون عاجِزين أَمامَ التَّغَييراتِ الّتي تَشهَدُها المَدارِسُ مِن الدّاخِل نَتيجَةَ ضَخامَةِ عَددِ الأَساتِذَةِ الّذينَ يُؤتَى بِهِم مِن آخِرِ بِقاعِ الأَرضِ وفَرضِهِم بِالسّاعَةِ وبِالتَّعاقُدِ ووُصولًا إلى التَّثبِيت. اللّافِتُ بالأَمرِ سُكوتُ نائِبِ صَيدا السّابِقَة بَهيَّة الحَريري على هَذا الأَمرِ الّذي يَحصُلُ على مرئى ومَسمَعٍ مِنها دُونَ أَن تُحرِّكَ ساكِنًا، وهيَ المَعرُوفُ عَنها اضطِلاعُها بِواقِعِ القِطاعِ التَّربَوي والتَّعليمِي بِكُلِّ مَفاصِلِه، وإِدراكُها لِخُطورَةِ ما يَحصُل. فَكَثرَةُ الضِّباعِ تَغلِبُ الأَسَد، فمتى ستحّرك هذه المدينة ساكناً.
إنَّه زمنُ الكلِّ شيء. كلّو على كلّو، على حدِّ قول المطرب الراحل أحمد عدوية. الغسيلُ، النظيفُ والوسخ، بات منشورًا على صفحات السوشيال ميديا علَّه يجذب انتباهَ المارّة في الشوارع الرقميّة، الذين يبصقون عليه أحيانًا أو يقذفونه بقاذوراتِ الشارع، فيُلمّ ويُنشر مكانَه غسيلٌ آخر، وهكذا…