أوحت إحدى الجهاتِ السياسيّةِ النافذةِ في المدينةِ إلى رئيسِ البلديةِ الحاليّ ضرورة تثبيتَ الشَّتائمِ والعنفِ اللفظيِّ الذي شهدتْه إحدى الجلساتِ البلديّةِ الأخيرة، والذي طاله شخصيًّا بشكلٍ غيرِ مقبول، في محضرِ بيانِ الاجتماعِ الرسميّ للبلدية، كي يوقِّعَ عليه الأعضاءُ في جلستهم المقبلة. من شأنِ هذا الأمر، إنْ حصل، أنْ يحفظَ حقَّ الأداءِ الشخصيِّ أو حتى العامّ بحقِّ مرتكبِها، وإحالته إلى القضاءِ في مرحلةٍ لاحقةٍ إنِ استدعتِ الظروفُ ذلك. ومن المرتقبِ أن يكونَ هذا الموضوعُ مادةً خلافيّةً بين أعضاءِ المجلس، الذين سينقسمون بين مؤيِّدٍ ومعارِضٍ لهذه الخطوة، لما تحمله من تداعياتٍ على أداءِ عملِ المجلسِ وخارطةِ تقاسُمِ القوى داخله في المرحلةِ المقبلة.
منذ أيّام، انشغل الرأيُ العامّ الصيداوي بموضوع تعديل إيجارات المحال في “الحِسبة”. الموضوع الذي كان سببًا لنقاشٍ موتور و”هابط المستوى” داخل المجلس البلدي، انتهى إلى قراراتٍ “ضبابيّة” يُفسِّرها كلُّ طرفٍ على ليلاه في الجهة التي عارضت فكرةَ تمديد العقود لـ 20 و30 سنة، اعتبر المعنيّون في المجلس البلدي أنّ القرار لم يُقَرّ، وسيُعاد بحثه في جلسة جديدة. أمّا الطرف المتحمّس لقطف ثمار هذا الطرح، فاعتبر أنّ القرار قد اتُّخذ، وإن لم يُعلَن إقراره رسميًّا خلال الجلسة، وأنّ سريانه لا يحتاج أكثر من توقيع الرئيس، بعدما نال حقّه من تصويت الأعضاء—وهو أمر قد يحصل في أيّ وقت. “على الطريقة الصيداويّة”، خرج طرفا “مجلس الغِلمان البلدي” الحالي ليُخبرا الناس أنّه حقّق ما هو لصالح المصلحة العامّة ولتحصيل حقوق الشعب. بحسب مصادر مُطّلعة لصحيفة “البوست”، فإنّ كلَّ ما تحقّق حتى الآن لا يعدو كونه “كلامًا فارغًا” غير نهائيّ، يندرج ضمن لعبة شدّ الحبال بين طرفَي النقيض داخل البلديّة حيال هذا الملف، كما أنّه موضوع تجاذب يتمّ توظيفه لأغراض سياسيّة قبيل الانتخابات النيابيّة، والوجاهة. فكلُّ ما قيل عن التوصّل إلى قرار يقضي بتمديد عقود إيجار المحال في السوق المركزي للخضار والفاكهة—”الحُسبة”—سيصطدم بواقعٍ قانونيّ واضح: لا قرارًا بلديًّا ولا اتفاقًا محلّيًا بين “زعماء أزقّة” يمكن أن يتقدّم على قانونٍ نافذٍ أقرّه مجلس الوزراء فكلُّ ما قيل عن التوصّل إلى قرار يقضي بتمديد عقود إيجار المحال في السوق المركزي للخضار والفاكهة—”الحُسبة”—سيصطدم بواقعٍ قانونيّ واضح: لا قرارًا بلديًّا ولا اتفاقًا محلّيًا بين “زعماء أزقّة” يمكن أن يتقدّم على قانونٍ نافذٍ أقرّه مجلس النواب بخصوص قضيّة بعينها. وسيسأل المحافظُ البلديّة “على أيّ أساس قانوني استندتم في مقاربتكم وأرقامكم؟” الجواب: لا يوجد. ويبدو أنّ رئيس البلدية مصطفى حجازي على علمٍ تامٍّ بهذا الواقع، لكنه تصرّف بمنطق تقاذُف كرة النار بعيدًا عن ملعبه؛ أي إنّه أظهر عدم معارضة المجلس البلدي لتمديد العقود لفترةٍ طويلة تصل إلى 20 عامًا كما يُشاع، مع علمه “المبطّن” بأنّ الموضوع لن يمرّ حين يُحال إلى وزارة الداخليّة التي سترده بالرفض، فيتجمّد لاحقًا داخل أروقة محافظة الجنوب—من دون أن يتحمّل هو شخصيًّا أو المجلس مسؤوليّة الأمر. وبمعنى أبسط: التجّار سينامون على حرير، معتقدين أنّ الأمر قد حُلّ، بينما سينصدمون بالواقع خلال فترة قصيرة. لن يتمّ الاستثناء لأيٍّ منكم مهما كانت “الخلوات” التي دفعتموها. سقف المهلة لن يتجاوز 7 سنوات، وما يقرّه القانون الحالي سينفَّذ عليكم. أمّا أولئك اللاهثون وراء طباعة صورهم العملاقة وتعليقها على الحيطان الوسخة لـ”الحِسبة”، فتمهّلوا قليلًا. اكتفوا بما نُشر لكم من صور بوضعيات مضحكة على مواقع ومجموعات واتساب “خفيفة”، لأنّكم لن تقطفوا إلا “سوادة الوجه” وأوهامًا منفوخة. ما هكذا تُورَد الإبل يا مصطفى، ويا عامر، ويا أبو سلطان، ويا عبد الجواد، و…
سيكون من الصعب على أهلِ صيدا، كما اللبنانيين جميعًا، تصوّرُ المشاهدِ التي شهدَتْها جَلسةُ المجلس البلدي في المدينة مساء أمس، والتي وصلت حدَّ التَّضارُبِ بالأيدي وتَراشُقِ الكراسي وكَيلِ الاتهاماتِ والصُّراخِ والتشنّج، بين الأعضاء من جهة، وبين أعضاءٍ والرئيس من جهةٍ أخرى، لتؤكّد ما قاله أحدُ المسؤولين الرسميين المُطّلعين عن هذا المجلس: إنّه “مدرسةُ المُشاغبين”. “الحِسْبَة”، أي سوقُ الخُضارِ والفواكهِ المركزي في المدينة، كانت الموضوعَ الذي طُرِحَ من خارج جدول الأعمال، فكان سببًا في تفجير الجلسة، وأدّى إلى احتدامِ النقاش، الذي وصل حدَّ الإهاناتِ والسبابِ التي لا ترقى إلى خَناقةٍ شَوَارِعيّة في “زَقْزوق حمص” في البلد. إنه بالفعل يؤكد كل يوم بأنه مجلس لا يليق بالمدينة. فمن المُعيب، تحت أيّ مُسمّى أو عذرٍ كان، أن يَنحدرَ مستوى الكلامِ والحوارِ في مرفقٍ عام يتحكّم بمصير المدينة وأهلها، ليصلَ إلى دَرَكٍ يقول فيه عضوٌ لرئيسه: “كول خـ…”.عيب!فليكن تاريخُ نضالٍ نقابيٍّ طويلٍ كفيلًا بتوقّفِ أحدِهم عند الحدّ الأدنى المطلوب من الاحترام الإنسانيّ والعملِ المؤسساتيّ. طَردُه من الغرفة ليس كافيًا بحدّه الأدنى، بل المفروضُ إحالتُه إلى المُساءلةِ القانونية، بجرمِ القدحِ والذمّ، وإهانةِ رئيسِ هيئةٍ مُنتَخَبةٍ من الشعب. أمّا حصيلةُ المهزلةِ المُبكية، فاجتراحُ حلٍّ (قد) يقضي بعقودِ إيجارٍ جديدة مع التُّجارِ ومُستأجري المحالّ في “الحُسْبَة”، تقومُ على فترةِ 20 سنة من تاريخ التوقيع (توجه دون إقرار بعد)، حفاظًا على حقوقِ وأموال كثيرٍ منهم ممّن دفعوا بالفريش دولار مبالغَ ماليةً كبيرةً على شكل “خُلوات” للمحالّ، كانت ستذهب أدراجَ الرياح لو لم يُحَلَّ الموضوعُ إلى التصويت وينلِ الأغلبية. ما عُدَّ انتصارًا للرئيسِ وأحدِ الأعضاءِ النافذين الـ”مُشاكِسِين”… لكن لمصلحة الناس هذه المرّة. Click here