“السؤالُ الكبير” الذي طُرِحَ في السالفِ من الأيّام حولَ تفسيرِ عودةِ بهاء الحريري إلى لعبِ دورٍ سياسيٍّ في لبنان، وتداعياتِ ذلك على “خصوصية” صيدا، لاسيّما في موضوعِ الانتخاباتِ النيابيّة المقبلة، يبدو أنّه لم يتعدَّ، كعادةِ الرجل، كونه “فورةً في فنجان”. فقد أكّدت مصادرُ سياسيّةٌ مُطَّلِعةٌ في المدينة أنّ بهاء، بعد زياراتِه “الإشكاليّة” الأخيرة إلى صيدا، لم يكن سعيداً بما وجد، ولم تكن حصيلةُ هذه الحركةِ بحسب توقّعات الحدِّ الأدنى. وأشار العارفون إلى أنّ بهاء أبدى انزعاجاً من “طريقةِ الشُّغل” التي جرت في الانتخابات البلديّة الأخيرة، وأنّه ينوي ألا يكررها. فبحسب هؤلاء، لم يكن الحريري سعيداً أبداً بفكرةِ دفعِه مبلغ 100 ألف دولار أميركي لدعمِ لائحةِ حجازي خلال المعركة البلديّة، في حين أنّ المبلغَ الذي وصلَ إلى الماكينة لم يكن إلا 90 ألفاً فقط لا غير، بحيث “طار” عشرةُ آلافٍ على الطريق (علماً أنّه لم يكن طويلاً)، وانقسمَ على شكل “خمستين” لتحطَّ في جيوبِ شخصين معروفين صيداويّاً. ومع ذلك يبقى السؤالُ يتردد: هل يُعيدُها بهاء دعماً لمرشّحينَ محتملينَ في المعركةِ النيابيّة المقبلة؟ هذا إنْ حصلتْ في موعدِها…
إنْ كانتِ الضوضاءُ قد حصلتْ على صَخرةِ الروشة، فالحدثُ كان في صيدا. ليسَ من بابِ المصادفةِ أنْ يظهرَ “محمّد مهدي” نجلُ الأمينِ العامِّ السابقِ لـ”حزب الله” حسن نصر الله عندَ الطرفِ الجنوبيِّ للمدينة، مُحاطًا بجُمْهرةٍ من المؤيّدين والمناصرين، وهو الذي يَعتبره كثيرون شبيهَ أبيه ووَريثَه المحتمل في احتفالٍ بذكرى والده. علْمًا أنّ المسافةَ بينَ الحدثين تَبعُدُ عشراتِ الكيلومترات، ولا ترابطَ بينهما بأيٍّ من الأشكال. وفي هذا الإطار توقّفت مصادرُ سياسيةٌ صيداويةٌ متابعةٌ عند هذه المشهدية، التي بعثتْ برسائلَ في مختلفِ الاتجاهات، خاصّةً على صعيد المدينة بوابة الجنوب. أبرزُها موجَّهٌ ضدّ النائب أسامة سعد، لاسيّما بعد الإشكال الأخير الذي حصل بينه وبين ممثّلي “الحزب” في ذكرى انطلاق “حركة المقاومة الوطنية”، برسالةٍ واضحة مفادُها: “نحن على الأرض وفي الشارع”. أمّا الثاني فكان بحقّ النائب عبد الرحمن البَزري، المقرَّب حاليًّا من الجوّ السعودي، بأنّ حساباتِ المرحلة المقبلة ستكون مختلفة عمّا كانت. بالإضافة طبعًا إلى مسعى تثبيتِ وجودٍ طاغٍ للحزب يُبنى عليه في مَهدِ والمعقل الأقوى ل “الحريرية السياسية”. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ صيدا في عين الحدث، ولو كان أهلُها “نائمين”، وستكون في القادم من الأيام على موعد مع محطات كثيرة مشابهة. ولا تأتي مظاهرُ الاحتفالات والمسيرات والعراضات التي تشهدها المدينةُ بشكلٍ يستفزُّ الكثيرَ من أهلها وناسها، إلا لتؤكّد أنَّ العينَ على صيدا اليومَ أكثرُ من قبل، خاصّةً بعدما أفرزتْه وقائعُ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على جنوب لبنان تحديدًا. فَتَحَضَّروا… محمد مهدي خلال الاحتفال مع أنصار حزب الله في صيدا
ظاهرةٌ “شاذّة” جديدة تُضافُ إلى ظواهرَ كثيرةٍ مِثلَها تُعاني منها مدينةُ صيدا على أكثرَ من صعيدٍ، وباتت مُكرَّسةً بحُكمِ قوّةِ الأمرِ الواقع، دونَ حسيبٍ ولا رقيبٍ. المكان: الكورنيش البحري الجديد في صيدا، مقابل مدرسة “المقاصد”. إنّه الشارعُ الفرعيّ العريضُ الموازي لأوتوستراد الجنوب الداخليّ، الذي حوَّله عددٌ من أصحاب المقاهي المخالفين أصلاً بطاولاتهم وكراسيهم وخيمهم، إلى موقفٍ خاصٍّ لروّادِهم دون أحد سواهم. فقد شكا عددٌ من أهالي المدينة من منعِ أصحابِ هذه البسطات غيرِ القانونيّة السيّارات من الرَّكن في هذا الشارع، إن لم يكن أصحابُها يريدون الجلوس أو الشراء من البسطات هناك. كما شكا الأهالي لـ”البوست” من تحوُّل المنطقة إلى مرآبٍ كبيرٍ للشاحنات، التي يتعامل سائقوها مع المكان والشارع باعتبارِه بيتَهم الثاني، في الليل والنهار…. من الطبيعيّ أن تتزايد هكذا ظواهرُ مع شعور المواطنين بتراخي البلديّة عن أداء دورها وتطبيق القوانين. وإذا كان الأعضاء يتقاتلون فيما بينهم على تنظيف الشوارع ، فهذا شارعٌ برسمِ جهودِكم الطيبة للتنظيف، ليس من الأوساخ فحسب!