في هذا التوقيت بالتحديد، فإن كلَّ ما يتعلّق بآلِ الحريري، أو أيَّ خبرٍ يصدرُ عنهم أو يتصلُ بهم مهما بلغ من الحجمِ والثقلِ ولو حتى الخفّة، يتحوّل “حدثًا”. إنّه الفراغُ السياسيُّ في بلادِ الهشاشة، لا سيما عند الطائفةِ السُّنيّة، وعلى أبوابِ التحضيرِ للانتخاباتِ النيابيّةِ المقبلة. الكلّ يترقّب، في السياسةِ كما في المجتمعِ والاقتصادِ وعالمِ المالِ والأعمال، ما ستقوله “الحريريّةُ السياسيّة” في القادمِ من الأيام، مهما تبدّلتِ الظروفُ والوقائع. شائعة “الرسالة السعودية” مؤخرًا، تداولت وسائلُ إعلامٍ محليّةٌ أخبارًا عن «رسالةٍ سعوديّة» جديدةٍ وُجّهت إلى سعد الحريري بالمباشر، تمثّلت في “تجميدِ عملِ شركةٍ حديثةٍ أسّسها نجلُه حسام في الرياض”، وهو ما جرى التسويقُ له باعتبارِه قد يشكّل بابًا لإعادةِ استئنافِ العلاقة، بحسب ما نُشر.جرى تقديمُ الخبر كأنّه مؤشّرٌ حاسمٌ على مسارِ العلاقة بين المملكةِ والحريري، بل ذهب البعضُ إلى اعتبارِ أن “الحَرَم” المفروضَ على الحريري بات يشملُ الأصلَ والفروع، ويصيبُ كلَّ ما يمتّ بصِلةٍ سياسيّةٍ إليه في لبنان.إيقاعُ الخبر كان سريعًا، مُضخّمًا، ومحمّلًا بالإيحاءات… تمامًا كما تُحبّ الساحةُ اللبنانية. شركةُ حسام سعد الحريري التي قيل إنها “حديثة” عمرَها يتجاوز 4 سنوات، وهي شركةٌ أجنبية بمكتب تمثيلي في المملكة تُعنى بتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات لا تجميد ولا رسائلمصادرُ سياسيّةٌ مطّلعةٌ أكّدت لصحيفةِ “البوست” أنه لا تجميدَ، لا منعَ، ولا حتى إشارةً سلبيّة. حسام سعد الحريري لا يزال يزاولُ أعمالَه في المملكة عبر شركتَين لا واحدة، وعلى كاملِ أراضي السعودية، بشكلٍ طبيعيٍّ واعتياديّ.وبحسب عارفين، فالشركةُ التي قيل إنها “حديثة” ليست كذلك؛ بل إن عمرَها يتجاوز 4 سنوات. وهي شركةٌ تُعنى بتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، افتُتح لها فرعٌ تمثيليٌّ في السعودية منذ مدة وفق الأصولِ المتَّبعة في المملكة للشركاتِ الأجنبية. أمّا الشركةُ الثانيةُ التي يمتلكها حسام فهي متخصصة في مجالِ الإنشاءات والبناء، وهي كذلك تعمل بلا أيّ عوائق، لم تتعرّض لضغط، ولا لمضايقة، ولا حتى لإشارةٍ صغيرة يمكن تفسيرُها على أنها “غضبةٌ سعوديّة” أو “رسالةٌ مبطّنة” موجّهة لسعد الحريري أو لما يمثّله سياسيًّا. بين روايةٍ تُنفخ في بيروت، ووقائعَ براغماتيّةٍ في الرياض، يظلّ اسمُ الحريري، مهما ابتعد عن الأضواء والمسافات، قادرًا على تحريكِ المشهد ولو بلا كلمةٍ تصدرُ عنه.
يُشكّل قانون الإيجارات غير السكنية الجديد الإطار التشريعي الذي ينظّم عقود إيجار الأماكن ذات الاستخدام التجاري أو المهني في لبنان، من محال ومكاتب ومؤسسات. وقد جاء هذا القانون ليضع قواعد واضحة لتحديد بدلات الإيجار ورفعها تدريجيًا، مع اعتماد آلية قضائية وخبرات تخمينية للفصل في النزاعات. يقوم القانون على مبدأ “بدل المِثل”، أي القيمة الإيجارية السنوية العادلة للعقار، والتي يحددها خبير محلّف آخذًا في الاعتبار الموقع والمساحة والحالة العامة للعقار وظروف السوق. هذا المعيار بات المرجع الأساسي لتسعير الإيجارات بعد سنوات من الجدل حول البدلات القديمة. المسار التشريعي مرّ القانون بمراحل متسارعة حتى استقر بصيغته النهائية: 12 حزيران/يونيو 2025: دخول القانون رقم 11/2025 حيّز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية. 22 تموز/يوليو 2025: ردّ المجلس الدستوري الطعن المقدم، مكتفيًا بإبطال الفقرة “د” من المادة 10. 31 تموز/يوليو 2025: إقرار تعديلات نيابية أُعلنت رسميًا في 21 آب/أغسطس بموجب القانون رقم 24/2025. وبهذه المراحل، تكرّس الإطار التشريعي الجديد الذي ينهي تدريجيًا عقود الإيجار “القديمة” وفق قواعد ملزمة. أبرز التعديلات خفض معيار الاحتساب: حُدِّد بدل المثل بما يعادل نحو 5% من القيمة السوقية السنوية للعقار، بعدما كان أعلى في الصيغة الأولى. إلغاء التحرير السريع: أُسقط الخيار الذي يتيح للمالك تحرير المأجور فورًا مقابل تجميد البدل لعامين، واستُبدل بمسار تدريجي إلزامي. مرحلة انتقالية أطول: تمتد بين 5 و8 سنوات بحسب الفئات، مع زيادات مرحلية محددة بجدول واضح. تصنيف المستأجرين قسّم القانون المستأجرين إلى أربع فئات، تختلف مدد حمايتهم ومراحل زياداتهم: الفئة الوصف مدة التمديد مسار الزيادات (من بدل المثل)1 من دون دفع “خلو” 5 سنوات 30%، 40%، 50% ثم البدل الكامل2 دفعوا “خلو” قبل 2015 6 سنوات 30%، 40%، 50% ثم البدل الكامل3 دفعوا “خلو” بعد 2015 7 سنوات 30%، 40%، 50%، 60% ثم البدل الكامل4 إدارات عامة ومهن منظَّمة 8 سنوات 30%، 40%، 50%، 60% ثم البدل الكامل أحدث القانون انقسامًا بين المالكين والمستأجرين: المالكون اعتبروا أن القانون أنصفهم بعد عقود من بدلات زهيدة لا تغطي حتى تكاليف الصيانة والضرائب. ورأوا أن “بدل المثل” معيار عادل، والمرحلة الانتقالية ضمانة عملية للتوازن. المستأجرون أبدوا تخوفهم من أن تشكّل الزيادات عبئًا على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خصوصًا في الأسواق الشعبية. وطالبوا بدعم حكومي ورسوم مخففة وتسهيلات لتجنب الإقفال. يسعى القانون إلى تحقيق توازن بين حق المالك في عائد عادل وحق المستأجر في استمرارية عمله. ويتحقق ذلك عبر: اعتماد بدل المثل وفق خبرة قضائية شفافة. احترام المهل الانتقالية (5–8 سنوات) وجدولة الزيادات دون قفزات مفاجئة. تشجيع الاتفاقات الرضائية لتجنب النزاعات القضائية. بهذا، يُفترض أن يمهّد القانون لانتقال تدريجي من بدلات تاريخية متدنية إلى أخرى أقرب إلى القيمة السوقية، بما يحفظ استمرارية المؤسسات ويعزز عدالة السوق العقارية في لبنان.