ذكرت مصادر مُطَّلِعة أنَّ صفقةً عقاريّةً لافتة جرت في قضاء جزّين منذ فترة، تمثَّلت بشراء النائب السّابق أمل أبو زيد وشريكٍ له فندقَ روم الكبير، الّذي يُعَدُّ واحدًا من المعالِم المعماريّة البارزة في البلدة، الّتي تقع ضمن قرى جوار جزّين. ويمتاز العقار بموقعٍ مهمٍّ يتوسّط ساحة البلدة الأساسيّة، وهو مُقفَل ومهجور منذ سنوات بسبب خلافٍ على إرثٍ عائليٍّ بعد وفاة مالكه الأصليّ من آل أبو عَجّاج، ومن المرتقب إعادة تأهيله وافتتاحه بحلة جديدة في وقت قريب.
بعد سنوات من الركود والأزمات المتلاحقة، يشهد القطاع العقاري في لبنان حراكاً لافتاً في عام 2024، لكنه حراك انتقائي ومعقد يرسم ملامح سوق منقسم على نفسه. ففيما تسجل الدوائر العقارية قفزة هائلة في عدد المعاملات، مدفوعة بعودة انتظام عملها، تبقى الأسعار في معظم المناطق أدنى من مستوياتها قبل الأزمة الأخيرة، في حين تحولت عقود الإيجارات إلى “القصة الكبرى” التي تؤرق المستأجرين وتنعش جيوب المالكين تكشف الأرقام الرسمية عن مشهد متناقض. فقد قفز عدد المعاملات العقارية بنسبة 118% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. وبلغت القيمة الإجمالية لهذه المعاملات حوالي 3.7 مليارات دولار حتى ديسمبر 2024، مع تركز واضح في العاصمة بيروت وقضاء بعبدا. لكن هذا الانتعاش في حجم التداول لا يترجم بالضرورة إلى ارتفاع عام في الأسعار. انتعاش رقمي لا يعكس الواقع بحسب خبراء السوق، لا تزال الأسعار المقومة بالدولار الأمريكي أقل بنحو 20% في المناطق الحيوية والمدينية الممتازة، بينما يصل الهبوط إلى 35% في مناطق الأطراف، وذلك مقارنة بأسعار ما قبل خريف 2019. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الغياب شبه التام للتمويل المصرفي، مما دفع المطورين العقاريين إلى التركيز على بناء وحدات سكنية أصغر حجماً تستهدف المشترين الذين يملكون السيولة النقدية (الكاش). الخلاصة بالأرقام تشير إلى سوق “انتقائي” بامتياز، حيث يتركز الصعود السعري في “جيوب” محددة، لا سيما في أحياء بيروت الراقية، بينما لا تزال مناطق واسعة من البلاد تعاني من ركود الأسعار. “الدولرة” والنزوح يغيران قواعد اللعبة في المقابل، يشهد سوق الإيجارات قصة مختلفة تماماً. فقد أدت “الدولرة” شبه الكاملة لعقود الإيجار، سواء السكنية أو التجارية، إلى قفزات هائلة في بدلات الإيجار، التي باتت تحتسب بالدولار النقدي أو ما يعادله بالليرة اللبنانية على سعر السوق الموازية. وقد وصلت الزيادات في بعض الحالات، خاصة في الشقق المفروشة، إلى أضعاف ما كانت عليه في السابق. ويغذي هذا الارتفاع الجنوني طلب قوي على الإيجار في المناطق التي توصف بـ”الأكثر أماناً”، نتيجة موجات النزوح الداخلي من مناطق التوتر في جنوب لبنان. وقد وثقت تقارير إنسانية وصحافية حالة من الازدحام وارتفاع الأسعار في المناطق التي تستقبل النازحين، مثل الشريط الممتد من بعبدا إلى كسروان، وكذلك في مدينة صيدا ومحيطها. في تطور لافت سيؤثر على آلاف التجار والمؤسسات، ثبّت المجلس الدستوري في يونيو 2025 قانون الإيجارات غير السكنية الجديد، الذي يمهد لتحرير تدريجي لعقود الإيجار القديمة (ما قبل عام 1992) خلال فترة انتقالية تصل إلى أربع سنوات، مما سيغير بشكل جذري اقتصاديات العديد من المحال التجارية والمكاتب في البلاد. خارطة طريق للاستثمار في ظل هذا المشهد المعقد، تتغير استراتيجيات الاستثمار بحسب طبيعة المستثمر وأهدافه: قراءة جغرافية: بيروت أولاً بيروت المركزية (وسط المدينة، الأشرفية، رأس بيروت): الطلب نشط على الشقق الجاهزة عالية الجودة، مع حسومات أقل مقارنة بسنوات الأزمة الأولى. بعبدا–المتن–كسروان: طفرة إيجارات للمدد القصيرة والمتوسطة، مدفوعة بالنزوح نحو مناطق أكثر هدوءًا. الجنوب وصيدا: الضغط يتركز في الإيجارات أكثر من البيع، حيث يُسجّل طلب كبير على الشقق المفروشة والجاهزة في المناطق البعيدة عن خطوط التماس. البيع يبقى انتقائيًا ويتأثر مباشرة بالوضع الأمني. بحسب الفئة المطورون والمقاولون: استراتيجيات “البناء للاستئجار” تبدو الأنسب، مع وحدات صغيرة–متوسطة تحقق عوائد إيجارية صافية تتراوح بين 7–9%. التجّار وأصحاب المحال: القانون الجديد لغير السكني فرصة لإعادة هيكلة العقود، شرط مراعاة قدرة المستأجرين لتفادي الشغور. صيدا تحديدًا تُعد أرضية خصبة لمشاريع نقدية سريعة كالمكاتب والعيادات. المستثمر الفردي: خياراته تتنوع بين الشراء في “جيوب بيروت الممتازة” للحفاظ على رأس المال، أو اقتناء شقق مفروشة للإيجار بهدف تحقيق دخل جارٍ، أو الاستثمار طويل الأمد في أراضٍ قريبة من مراكز الخدمات، شرط الحصول على خصومات تغطي المخاطر الأمنية. سوق بوجهين يمكن القول إن السوق العقاري في لبنان يشهد ارتفاعاً، لكنه ارتفاع “انتقائي” ومتباين. فبينما تستعيد بعض المناطق الراقية عافيتها تدريجياً، لا تزال مناطق أخرى تكافح للخروج من عنق الزجاجة. ويبقى سوق الإيجارات هو الرابح الأكبر في المعادلة الحالية، مدفوعاً بالدولرة والنزوح، مما يرسم ملامح جديدة لسوق عقاري معقد ومتغير، يتطلب من المستثمرين والمطورين والمواطنين على حد سواء قراءة دقيقة للواقع والتسلح بالمرونة والحذر.
بتاريخ التاسع من تموز ٢٠٢٥، تسلَّمت بلدية صيدا بطاقة معلومات عن الملكيّة العقاريّة لبلدية صيدا، صادرة عن المديرية العامة للشؤون العقارية، تُظهِر نقصاً في عدد العقارات والأقسام العقارية عن تلك الصادرة في ٢٨ حزيران ٢٠١٢، ستةً وعشرين عقاراً وقِسمًا عقارياً. أي إنّ بلدية صيدا التي كانت تملك ٢٧٤ عقاراً وقسماً عقارياً وفق بطاقة المعلومات عام ٢٠١٢، صارت تملك ٢٤٨ عقاراً وقسماً عقارياً وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، يقول مصدر متابع إنّ البلدية لا تملك صورة واضحة عن أوضاع عقاراتها وما يجري فيها. وعند المقارنة بين بطاقتي المعلومات تبيَّن غياب ١٥ قسماً عقارياً من العقار ١٤٦٨ حي الوسطاني. إذ إنّ البطاقة الأولى تشير إلى أنّ البلدية تملك ٣٣٤ سهماً في كلٍّ من الأقسام المرقّمة من ٤ إلى ١٨ من العقار ١٤٦٨/ الوسطاني، في حين تشير البطاقة الثانية إلى أنّ البلدية تملك ٣٣٤ سهماً في كلٍّ من الأقسام ٤ و٧ و١٦ من العقار المذكور. في بيتنا بلدية فماذا الذي حصل بهذا الموضوع؟ نتيجة مشروع الضمّ والفرز في منطقة الوسطاني العقارية في صيدا بموجب المرسوم رقم ٤٩٦٦ بتاريخ ١٣ آذار ١٩٨٢، باتت بلدية صيدا تملك ٣٣٤ سهماً في العقار رقم ١٤٦٨.بتاريخ ٢٩ كانون الثاني ٢٠١٨ تقدَّم كلٌّ من حازم قدورة ومحمد نحولي بطلب حمل رقم ٣٤٨ لشراء أسهم بلدية صيدا في العقار المذكور بعد إنجاز مبنى سكني ومحلات تجارية على العقار المذكور. يقول أحد المالكين في المبنى المذكور: “عندما اشتريتُ محلاً في المبنى لم أكن أعلم جميع المالكين، لكن بعد حصولي على سند التمليك وجدتُ نفسي أملك ٢٠٦٦ سهماً من أصل ٢٤٠٠ سهم، واكتشفتُ أنّ بلدية صيدا شريكة لنا في كلّ الأقسام، وهنا بدأت المعاناة، وصار لزاماً أن أدفع مبلغاً إضافياً على ثمن المحل كي أحصل على كامل الأسهم”. في ٣٠ كانون الثاني ٢٠١٨ أصدر المجلس البلدي في جلسته المنعقدة بحضور ١٨ عضواً من أعضاء المجلس، قراراً حمل الرقم ٣٢ يتضمّن الآتي: “لما كانت البلدية غير راغبة في البقاء بحالة الشيوع كونه تمّ تشييد بناء قائم على العقار المذكور، وأصبحت البلدية مالكة بالشيوع في كافة أقسام البناء.وحيث إنّ قدورة ونحولي قد عرضا شراء الأسهم المذكورة أعلاه ملك البلدية، وحيث إنّ المجلس البلدي قد وافق على البيع بمبلغ ١٧٠٠٢ دولار أميركي، بما يعادل بالليرة اللبنانية خمسةً وعشرين مليوناً وخمسمائةً وثلاثة آلاف ل.ل. لا غير. لذلك قرر المجلس البلدي الموافقة على بيع الأسهم في العقار رقم ١٤٦٨/ الوسطاني. كما فوَّض المجلس البلدي رئيسه على توقيع عقد البيع واتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ حسب الأصول”. يقول أحد المالكين: “عندما اشتريتُ محلاً في المبنى لم أكن أعلم جميع المالكين، لكن بعد حصولي على سند التمليك وجدتُ نفسي أملك ٢٠٦٦ سهماً من أصل ٢٤٠٠ سهم بعد مراجعة القرار البلدي المذكور، والذي يشير إلى بيع جميع الأسهم في الأقسام العقارية للعقار المذكور، يصير من الواجب الحصول على أجوبة للأسئلة الآتية: لماذا بقيت الأقسام العقارية التي تحمل الأرقام ٤ و٧ و١٦ ملكاً للبلدية حسب بطاقة المعلومات الأخيرة؟ألم يحصل أصحاب البناء على رخص بناء للمبنى من البلدية والتنظيم المدني وغيرها من المؤسسات الرسمية المعنيّة بعد موافقة من البلدية التي تملك ٣٣٤ سهماً من العقار المذكور؟ وكيف جرت العملية؟ وكيف تمّ تسعير الأسهم المذكورة؟ لدى مراجعة المعنيين في بلدية صيدا، نفوا معرفتهم بالموضوع وخصوصاً عند السؤال عن وجود لجنة تخمين لتحديد سعر البيع، وبعد تدقيق قالوا إنّه لم يكن هناك لجنة تخمين، وأنّ عليك مراجعة رئيس البلدية الذي كان آنذاك.وكان السؤال الإضافي: “بأي صفة أسأله؟ ربّما يجيب، وهذا حقّه. إنّ علاقتك مع البلدية كمؤسّسة وليس كأفراد”. فهل من أجوبة يملكها المعنيون في المجلس البلدي؟ يبدو أنّ هذا هو النموذج عن سياسة المجالس البلدية المتعاقبة التي تمرِّر قرارات ناقصة، فهل ستستمر هذه السياسة ويبقى هذا النموذج؟