لِبُرهةٍ من الوقت، تُحسِّنُ الظنَّ. تُخالُ أنَّ كثرةَ السَّفرِ إلى خارجِ حدودِ “الأولي”، خاصّةً إلى مدنٍ كبرشلونة (ولو حتّى على حساب الـNGOs)، قد تُفيدُ صاحبَها في توسيعِ آفاقِه، والاطّلاعِ على تجاربِ الشّعوبِ والحضاراتِ في ترقّي سُلَّمِ التطوّرِ والنّماء.تأمُلُ أن يكونَ قاصدُها قد أُصيبَ بعدوى الحقوقِ المدنيّة، وشَغْلِ المؤسّساتِ، مبدأ الثوابِ والعقاب. لكن في “لحظةِ تخلٍّ”، و”ولدنة” تسقطُ كلُّ الآمالِ المعقودة بتحسّنٍ مُرتجى، وتجدُ أنّ الطَّبعَ يغلِبُ التطبّع، مهما تجمَّل وتزيَّف، فتكونُ “السَّقطة” المُدوِّية كتلك التي أقدمت عليها بلديّةُ صيدا أمس بتقديمِ بلاغٍ بحقِّ “جريدة” البوست (راجعِ التراخيصَ على الموقعِ الإلكتروني للبوست وتواريخَ الصّدور… نشر مطبوع) إثارةُ النّعراتِ الطائفيّة والمذهبيّة، المادة /317/ عقوبات”، صُلبُ الدّعوى المُقدَّمة من محامي البلديّة بحقّ “البوست”. تحتارُ: أَتضحكُ أم تَحزنُ على مساكينَ لا يفقهون لغةَ الضّاد في زمنِ التِّيك توك؟ تتساءل: هل قرأ رئيسُ البلديّة ومحاميها والأعضاءُ المقالَ، أم سارعَ “كبيرُهم” لتنفيذِ حتّى مجرّد إشارات “لتبييض طناجر” أمام مَن يعلوهم في السُّلَّمِ الوظيفي وقضايا الشأنِ العام؟ لماذا تعمد المدعي اسقاط صفة ، السؤال عن المقال، ارضاء لخفة كائن لا تحتمل، عذرا ميلان كونديرا… جُلُّ المقالِ موضوعِ الدّعوى، تساؤلٌ عن سببِ إقدام المحافظ على إقفالِ مَسلخِ العاصمةِ الثالثة للبلد في توقيتٍ محدَّد، بعد حادثةٍ يتناولها معظمُ أهالي صيدا ربطاً ببيعِ التينِ والصبر. فالمسلخُ مأساةٌ وفضيحةٌ منذ سنين، فلماذا حصلَ الإقفالُ أخيراً؟مَنطقيّاً، قد تتفهَّم أن يُقدِمَ المحافظُ على رفعِ الدّعوى، لكن أن يُقدِمَ رئيسُ البلديّة على رفعِ دعوى بحقِّ مَن يُفترَضُ أنَّه يتحدَّثُ عن وجعِ ومشكلات من انتخبهم، فتلك أمورٌ لا تجدُ لها تفسيراً عقلياً، سوى مزيدٍ من الانبطاح لأجسادٍ لم تَعرِف معنى انتصابِ القامات يوماً. حفلةٌ من المُزايداتِ والتزلّفِ المُصطنع، إرضاءً لتفاهاتٍ لا “تُصرَفُ” في ميدانِ الشأنِ العام، إلّا فتاتَ خدماتٍ وصُوَراً سَمِجةً لدُروعٍ تكريميّة، وقَصَّ شرائط، وابتساماتٍ بلهاء في الصّفوف الأولى لتجمّعاتٍ بشريّة خاوية. قد يكونُ العُذرُ الوحيدُ الذي قد نَلتمسُه لكم، أنَّكم “غِلمانٌ” حديثو عهدٍ بقضايا الناس، التي لا تعنيكم، كما الكرسيّ التي طَرَأتم عليها في غفلة. تربَّيتُم على نمطٍ سخيفٍ من صحافةٍ بليدةٍ فارغة، معروفةِ الثمنِ وشكلِ الكتابة، لا تُجيدُ حتّى صحافةَ “استقبلْ وودِّعْ” بمعناها الخليجي. ولم تعتادوا مواجهةَ المشاكلِ بصدقٍ ومهنيّة، لأنَّ الحلولَ عندكم تكونُ بكَنسِ الوَسَخِ تحت السجّادة، والهروبِ من التخطيطِ الاستراتيجي، والاعتمادِ على الزبائنيّةِ والارتجال. عليكم أن تعتادوا نمطاً مختلفاً، منذ أن انطلقت “البوست” في مسيرتِها المهنيّة المتجدّدة قبل أشهر، سواءٌ أعجبَكم ذلك أم لم يُعجبكم. لا خيارَ لكم في ذلك البتّة.لن تكونَ صيدا، مدينةُ التاريخِ والكفاءات والنّاسِ الطيّبين، “مَمسَخةَ جُوخٍ” على موائدِ الطّارئين. لا يزالُ في المدينة رجالٌ، وإن لم تُصادِفوهم بعد. كم كنّا نتمنّى في “البوست” لو أنّنا سمعنا بأنَّ البلديّة قد قدّمت دعوى بحقّ “الأشباحِ” التي تُشعِلُ أطنانَ النفاياتِ كلّ كم يوم، لتقتلَ أبناءَنا وأهلَنا بالسرطانِ والتلوّث البيئي. كم كنّا سُعِدنا بكم لو أنَّكم حرّكتم النيابةَ العامّة بحقِّ أصحابِ الموتورات، الذين فاضت بحقِّهم شكاوى الناس من التلاعبِ بالأسعار والبلطجة. آه، كم كان قلبُنا ليكبرَ بكم لو أنكم تجرّأتم على عصاباتِ الشوارع والأحياء والتسول والفاليه باركينغ، التي تستبيحُ الأرصفةَ العامّة والأملاكَ البحريّةَ وعقاراتِ البلديّة. قد نعذرُ جهلَكم بالرسالةِ المهنيّة التي نَحمِلُها منذ عقود، ويشهدُ لها تاريخُنا في لبنان والعالم، والتي تهدفُ إلى بناءِ الأوطانِ والانسان بعيداً عن نعرات قوتكم الطائفِي والمذهبي. لكنَّه الجهلُ بمَن هم في مقابلكم، هو ما سيَدفعُكم الثمنَ الأكبر. كم كنّا نتمنّى في “البوست” لو أنّنا سمعنا بأنَّ البلديّة قد قدّمت دعوى بحقّ الأشباحِ التي تُشعِلُ أطنانَ النفاياتِ كلّ فترة، لتقتلَ أبناءَنا وأهلَنا بسرطانِ الرئةِ والتلوّث البيئي أمّا محامي عقدِ الـOne Dollar مع البلديّة (تجنباً لديوان المحاسبة) فتقاطُعاتُنا ستكونُ كثيرةً في القادمِ من الأيّام، ليس أوَّلُها الروائحُ المُنبعثة من الجدولِ المالي للتنفيعات وتوزيعاتِه على القوى والمحظيّين، الصادرة عن مكبِّ النفايات ومعملِ الفرز. ولن تكونَ آخِرَها..صدقاً فسيروا بأمان، ولكن تَلفّتوا خلفَكم جيّداً… سنكونُ هناك. هل يعلمُ رئيسُ البلديّة، الذي يزورُ برشلونة الإسبانيّة تِكراراً، أنّ رئيسةَ بلديّة المدينة أقدمت قبلَ مُدّةٍ على منعِ بناءِ واحدٍ من أكبر وأهمّ الفنادق ذات السلسلة العالميّة المشهورة في المدينة؟ وقد كسرت بذلك قراراً كانت قد اتّخذته الحكومةُ المركزيّة في مدريد، لكنّها عطَّلته معتبرةً أنّ المدينة لا تحتاجُ إلى بناءِ فندقٍ ضخم (قدرت قيمةُ استثمارِه بأكثرَ من مليار دولار)، بحجّة أنّ البناء سيزيدُ من الازدحامِ الذي تُعاني منه برشلونة أصلا، ويرفعُ من مستوياتِ التلوّث فيها. الأكيد أنّه لم يَسمع بالخبر، إن كان معظمُ الوقت يُزهقُ في المقاهي على شارعِ "الرَّمبلا". البوست رئيس التحرير
آخرُ فصولِ المَهازلِ المأساويّة، قرارٌ يتّجهُ المجلسُ البلديُّ الجديدُ لاتّخاذِه في محاولةٍ لحلِّ مشكلةٍ كانت المدينةُ في غِنى عنها. شوارعُ السوقِ التجارية في المدينة، التي لم ينسَ الصيداويون ورشةَ «قَرَفِها» بعد، حينَ جرى «تبليطُها» منذُ سنواتٍ قليلة، سيتمُّ إزالتُها ليحلَّ محلَّ البلاط «الزَّفت» المجانيُّ المُقدَّمُ من قبلِ الحكومة.
سجلت في الآونة الأخيرة حركة شراء عقارات لافتة يقوم بها أحد الطامحين إلى لعب دور سياسي في مدينة صيدا. وآخر هذه العمليات ما تم رصده منذ نحو أسبوع، حيث أقدم المعني على شراء قطعة أرض من آل البابا في إفراز بديع والبساط في منطقة كفر جرة، بقيمة بلغت 100 ألف دولار أميركي، من دون أن تتضح بعد وجهة استخدامها المستقبلية.