تحميل

إبحث

في الصميم

صيدا إن حكت…

saida_speaking

المفاجأةُ الوحيدةُ في صيدا اليوم… أنّه لا مفاجأة.
نعم، على الرغم من كلّ ما قيل وسيُقال عن النتائج والأرقام. ومن فتح ثغره وتوسّعت أحداق عينيه، واستعجل الفرح أو الحزن والهمّ من هول الأرقام، فهو لا يعرف المدينة جيّدًا، في السياسة كما في الاقتصاد والدّين والمجتمع والهَوى…

انتهت معركةُ الانتخاباتِ البلديّةِ على مجموعةِ معطياتٍ ومشاهدَ وخلاصاتٍ، سيتناولها كلٌّ بحسب ما يراه ومن زاويته ورؤياه. ستكثر النظريّات والتحليلات والروايات، وسنحاول كما غيرُنا أن نعرف ما الذي جرى في صيدا نهار 24/5/2025؟ علّنا نفهم ماذا قالت المدينةُ بنفسها، لا ما سيقولونه عنها:

  • أظهرت صيدا أنّ حجم القوى السياسيّة الأساسيّة التي تحكمها منذ ردحٍ من الزمن، موجودة وباقية ولا تزال تتحكّم بالكثير من مفاصل الحياة السياسيّة والشعبيّة فيها، على الرغم من المتغيّرات العديدة التي طرأت على الحياة خلال السنوات الأخيرة. كاعتكاف الحريريّة السياسيّة، إفرازات الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على الداخل اللبناني، تراجع نفوذ حزب الله، التباعد بين النائب أسامة سعد وثنائيّة “الشيعيّة السياسيّة”، العهد الجديد، المحاصرة العربيّة لحركة “الإخوان المسلمين”…
  • المزاج العامّ للمدينة دلّ على أن بهيّة لا تزال، رغم السنوات العجاف الأخيرة، قادرةً على استقطاب نحو 40% من الكتلة الجماهيريّة الناخبة لصيدا، وأسامة سعد مؤثّر مباشر في نحو 30%، أمّا الجماعة الإسلاميّة ومَن يدور في فلك الإسلاميين فيمثّلون نحو 15% من الناخبين، بينما لا يتعدّى حجم عبد الرحمن البزري وتأثيره الـ10% من القوّة التجييريّة.
  • بيّنت صيدا أنّها مدينة تقليديّة محافظة، لها علاقتها الخاصّة بموضوع التديّن الذي لا يزال يشكّل حاضرًا وجدانيًّا في أذهان أكثرية أهلها، وبالتالي مؤثّرًا على قراراتهم، وهو ما انعكس بوضوح بحصول المرشّح رامي بشاشة على أصوات المتديّنين (تبعًا لنشأته ومسيرته القريبة من الفكر الإسلامي) على الرغم من ترشّحه على لائحة “علمانيّة”.
سؤال كبير يُطرح عن الثمن الذي ستدفعه الجماعة الإسلاميّة لحزب الله ردًّا على الـ1400 صوت التي جُيّرت لمناصريها، وكيف ستكون تكملة مشوار "معركة الإسناد" وتأثّرها و"تأريشها" على مستقبل المدينة
  • كشفت الأرقام النهائية أنّ حجم هذه القوى لا يزال كما هو من ناحية التحشيد والأعداد كما عهدناه منذ سنوات، وهذا مؤشّر قد يُعدّ سلبيًّا لأنّ المدينة عجزت، على الرغم من المتغيّرات الكبيرة التي عصفت بالحياة السياسيّة في لبنان مؤخرًا، عن إحداث ولو خرق فعلي يُبنى عليه فيما هو مُثبت منذ أكثر من 40 عامًا.
  • أكّدت صيدا أنّه ليس هناك من “لحظة سياسيّة” momentum كالتي توفّرت مع تداعيات ثورة 17 تشرين 2019 يمكن أن يُبنى عليها لتحقيق خرق في الصورة العامة المعروفة للقوى التي تتقاسم نفوذ المدينة.
  • أظهرت الأرقام محدوديّة التأثير في المشهد الصيداوي العام لـ”ترند” المجتمع المدني والجمعيات الأهليّة، والذي لم ينجح في تكوين قوّة ذات تأثير ملموس. بل ظهرت “بعض” هذه المجموعات وكأنها لا تقلّ فسادًا وتشرذمًا عن القوى السياسيّة التقليديّة في كثيرٍ من تعاملاتها، وهو ما تجلّى واضحًا في بداية حراك البحث عن توافق على اسم لرئاسة البلديّة والأعضاء وعناوين المعركة الانتخابيّة وبرامجها.
  • أشّرت تداعيات المعركة السياسيّة الكبرى التي خيضت أنّ “العُرس” في صيدا بينما “الزفّة” في جزّين، على اعتبار أنّ الخلاصة التي أفضت إليها نتائج البلديّة ستفتح بشكل مباشر وسريع حسابات المعركة النيابيّة المقبلة، والتي تدخل جزّين وشرق صيدا في معادلات الربح والخسارة الدقيقة للسيناريوهات المحتملة والمفتوحة على أكثر من احتمال ستظهر في الأيام المقبلة.
  • بحكمته المعهودة، والتي تجلّت في التوقيت الصائب لتسمية نجيب ميقاتي الراحل رئيسًا للحكومة، قضى عبد الرحمن البزري على حظوظه في رؤية الكرسي النيابيّة في الدورة المقبلة. سواء ترشّحت بهيّة الحريري بالمباشر مع يوسف النقيب، أو بشخصيّة ستسمّيها ترافق النقيب، فإنّه بحسابات بسيطة وفقًا للقانون الحالي والحاصل الانتخابي، يكون البزري قد ودّع النيابة دون أن يُمهّد له عمر مرجان الطريق إلى السراي الكبير كما كان يأمل.
  • أظهرت صيدا أنّها مدينة صيداويّة بحتة، لا تكترث بحسابات العواصم العربيّة أو المعارك الكونيّة التي تُخاض خارج نهري الأولي أو سينيق. فالسفارات والحسابات الإقليميّة لم تكن حاضرة في اختيار أسماء الصيداويين لمرشّحيهم، والدليل أنّ النتيجة التي خلصت إليها المعركة لا ترضي لا ترامب ومحمد بن سلمان ولا محمد بن زايد.
  • سؤال كبير يُطرح عن الثمن الذي ستدفعه الجماعة الإسلاميّة لحزب الله في القادم من الأيام ردًّا على الـ1400 صوت التي جُيّرت لمناصريها، وكيف ستكون تكملة مشوار “معركة الإسناد” وتأثّرها و”تأريشها” على مستقبل المدينة.
  • لم يهضم الفكر الجماعي الصيداوي مسألة “الكوتا” النسائيّة والتيّار المعولم للحضور النسائي المصطنع والمبالغ فيه في الحياة السياسيّة والشأن العام.
  • لم يكترث الناخب الصيداوي بتكريس عُرف وجود مرشّحين مسيحيين وشيعيين في المجلس البلدي كحقّ مكتسب للأقليّات في المدينة، بل صبّ همّه على معركته التي تلتصق به التصاقًا مباشرًا، وهو ما تُرجم بوصول شيعي ومسيحي فقط إلى المجلس.
separator
بهية الحريري
في سبعة أيام فقط أثبتّ أني حاضرة وقادرة
أسامة سعد
مهما تكن المحاصرات والمعارك معروف باقٍ بجوار القلعة
عبد الرحمن البزري
في انتظار جائحة جديدة ك"كورونا" لإعادة التعويم
الجماعة الإسلامية
التدين حاضر هنا بغضّ النظر عن المعارك الكونية الخارجية

هذا بعض ممّا قالته صيدا بلغة الأرقام. ويَبقى ما ستقوله تاليًا لا يقلّ تأثيرًا عمّا سبقه، حين ينجلي غبار المعركة أكثر، لتبدأ المعارك الصغيرة التي ستُحدّد الكثير من مسارات المدينة ومستقبلها، في صغائر أمورها كما في كبائرها.
فهل يجلس “أبو سلطان” على نفس الطاولة التي سيكون فيها أحمد عكْرة نائبًا للرئيس؟
من الصعب هضمها…

العلامات

يعجبك ايضاً

أترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تفعيل التنبيهات نعم كلا