عاد معبر العريضة الحدودي بين لبنان وسوريا إلى العمل صباح اليوم الثلاثاء، بعد توقف دام عدة أشهر نتيجة تدميره خلال العدوان الإسرائيلي المتزامن مع الحرب على لبنان. تحركٌ استراتيجي ذو دلالات عميقة، يحمل في طياته فرصًا اقتصادية وإشارات سياسية مهمة، لا سيما في ظل الظروف المعقدة التي يواجهها البلدان والمنطقة
يُعتبر معبر العريضة من أبرز المعابر البرية بين لبنان وسوريا، حيث يسهل حركة البضائع والسلع ويُعد شريانًا حيويًا للتجارة بين البلدين. وفقًا لتقرير صادر عن وزارة الاقتصاد العام الماضي، يشهد المعبر تداولًا شهريًا يقدر بحوالي 3,500 إلى 4,000 شاحنة بضائع، ما يعادل نحو 120,000 طن من السلع والمنتجات المختلفة.
تقدر القيمة الإجمالية للتبادل التجاري عبر المعبر بنحو 150 مليون دولار شهريًا، مع توقعات بارتفاع هذه الأرقام بنسبة 20-25% خلال الأشهر القادمة بعد إعادة الافتتاح. وتشكل المواد الغذائية والسلع الزراعية نحو 45% من حجم البضائع التي تعبر الحدود، تليها مواد البناء والوقود، ومنتجات صناعية متنوعة.
هذه الحركة التجارية تدعم بشكل مباشر الاقتصادين اللبناني والسوري، وتسهم في توفير فرص عمل في المناطق الحدودية. وقد سجلت الإيرادات الجمركية عبر المعبر في عام 2024 ما يزيد عن 18 مليون دولار، مما يسهم بشكل ملحوظ في الخزينة.
على الرغم من الإيجابيات الكثيرة للحدث، يواجه معبر العريضة تحديات تشمل الحاجة إلى تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الجمركية واللوجستية. وفي هذا السياق، أطلقت الحكومة عام 2023 خطة لتطوير المعابر الحدودية، بموازنة مبدئية قدرها 10 ملايين دولار، تشمل معبر العريضة، بهدف تسهيل حركة البضائع وتسريع الإجراءات الجمركية.
من المتوقع أن يشهد معبر العريضة زيادة ملحوظة في حركة التجارة الحدودية، ما يعزز فرص التنمية في المناطق الحدودية ويشجع على استثمارات مشتركة ومبادرات تنموية جديدة بين البلدين
البعد الجيوسياسي
تمثل إعادة افتتاح المعبر مؤشرًا على رغبة متبادلة بين لبنان وسوريا في تعزيز الروابط والتعاون، لا سيما في ظل التحديات السياسية التي تواجه البلدين والمنطقة.
وأكدت مصادر مطلعة ل”البوست” أن الخطوة جاءت بطلب ملّح من قبل الجانب السوري لتسريع العمل، وهي ترمي إلى تأكيد السيادة الوطنية وتعزيز التعاون الأمني لمنع التهريب والأنشطة غير القانونية التي تستنزف اقتصادات البلدين، مع التأكيد أيضا على امتداد البعد الجغرافي للشمال اللبناني تحديداً مع ما يمثله في الإطار الجيوسياسي تجاه العمق السوري.