ماذا يجري في البيت الأبيض؟


أنه دونالد ترامب، الشخص الذي لا تستطيع أن تتكهن ما هي خطوته التالية. في أقل من أسبوع، زلازل تضرب البيت الأبيض وارتداداتها تصيب العالم كله. من إيلون ماسك وصولا إلى ميراف سيرين وإريك تراغر ومورغان أورتاغوس…الإدارة الأميركية تتغير بسرعة قد يبدو من الصعب مواكبتها هضمها بسهولة
تشهد إسرائيل حالة من القلق المتزايد إثر نقل مسؤولين “شديدي الدعم” لتل أبيب بشكل مفاجئ من مناصبهم في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي الأمريكي. وتأتي هذه التحركات وسط مخاوف من أن تكون الخطوة نابعة من خلافات متصاعدة بين واشنطن والاحتلال حول ملفات حساسة تتعلق بإيران والحرب المستمرة في قطاع غزة، وفق ما نقلت تقارير إعلامية عبرية.
وأبرزت صحيفة “يديعوت أحرونوت” قلق إسرائيل من التغييرات الأخيرة داخل الإدارة الأمريكية، مشيرة إلى نقل عدد من المسؤولين المعتبرين من أشد المؤيدين لإسرائيل من مناصبهم بشكل مفاجئ. وأوضحت الصحيفة أن هذه الخطوة مرتبطة بالخلافات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول احتمال شن هجوم على إيران، بالإضافة إلى استمرار الصراع في غزة.
وقد عبرت إسرائيل مرارًا عن رفضها للمفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي الإيراني، مع إشارة إلى احتمال اتخاذ إجراءات عسكرية منفردة ضد إيران.
المسؤولون المُقالون؟
حسب “يديعوت أحرونوت”، من أبرز المغادرين ميراف سيرين، وهي مواطنة أمريكية-إسرائيلية شغلت مؤخرًا منصب رئيس قسم إيران وإسرائيل في مجلس الأمن القومي، وإريك تراغر، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس ذاته.
وقد عُيّن سيرين وتراغر في مناصبهما من قبل مستشار الأمن القومي السابق مايك وولتز، الذي يُعتبر من أكبر المؤيدين لإسرائيل، قبل أن يُعفى من منصبه مؤخرًا بقرار من ترامب. ويُعتقد أن وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو هو من يقف وراء هذه الإقالات.
إريك تراغر حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا وعمل باحثًا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الذي يُعتبر مركزًا مؤيدًا لإسرائيل. تخصص في دراسة الإسلام السياسي والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. ألف كتابًا عن صعود وسقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر، واعتبرها “جماعة كراهية دولية”. كما كان عضوًا في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الجمهوري، وهو من الداعمين لإسرائيل وله نشاطات خيرية في الكنائس والمنظمات اليهودية.
على منصاته في وسائل التواصل، نشر تراغر رسائل مؤيدة للأسرى الإسرائيليين في غزة، وناقدة للمحكمة الجنائية الدولية واتهاماتها لرئيس الوزراء نتنياهو.
ميراف سيرين، مواليد حيفا وتحمل الجنسية الأمريكية، شغلت مناصب مهمة في السياسة الأمريكية، منها نائبة مدير السياسات لدى السيناتور الجمهوري تيد كروز. حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الدولية، وعملت سابقًا في وزارة الدفاع الإسرائيلية في ملف التنسيق مع السلطة الفلسطينية. دافعت عن الغارات الإسرائيلية على غزة خلال حرب 2008 وهاجمت الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمته إدارة أوباما.
تغييرات محتملة
بحسب الصحيفة، من المتوقع أن تغادر مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأمريكي السابق المكلفة بالملف اللبناني، منصبها قريبًا. وتُعتبر أورتاغوس من أبرز المؤيدين لإسرائيل في الإدارة الأمريكية، ولعبت دورًا في جهود التهدئة بين إسرائيل ولبنان، ودعمت مواقف حازمة ضد حزب الله ونزع سلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
نقلت “يديعوت أحرونوت” عن مصادر إسرائيلية مطلعة أن الإقالات تأتي في إطار أجندة “أمريكا أولاً” التي يتبناها ترامب، وتهدف إلى تقليص نفوذ أي دولة أجنبية داخل دوائر صنع القرار الأمريكية. وأكدت المصادر أن الإقالات ليست بسبب مواقف المؤيدين لإسرائيل، بل لتعزيز السيطرة المباشرة للرئيس على السياسة الخارجية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوزير ماركو روبيو، المعروف بدعمه لإسرائيل، لا يشارك الأجندة الإسرائيلية بالكامل كما فعل سلفه، ويبدو أنه يتبع نهجًا براغماتيًا.
أفادت تقارير إسرائيلية بأن رئيس الوزراء نتنياهو يشعر بقلق بالغ من التغيرات في واشنطن، وخصوصًا من التأثير المتصاعد للتيار الانعزالي المعروف بـ”الوايت ووك” على الرئيس ترامب، من خلال شخصيات مثل المذيع المحافظ تاكر كارلسون، الذين يغذون مشاعر الشك تجاه إسرائيل ويشككون في نواياها.
تغييرات هيكلية في مجلس الأمن القومي
وكشفت وكالة رويترز أن ترامب أقال مئات من موظفي مجلس الأمن القومي في إطار إعادة هيكلة تهدف إلى تقليص دوره وتحويله من جهة لصياغة السياسات إلى جهة تنفيذية تركّز على أجندة الرئيس.
ويتوقع أن يُخفض عدد موظفي المجلس إلى نحو 50 شخصًا، مما يعكس محاولة لإعادة توزيع صلاحيات السياسة الخارجية بين وزارات أخرى مثل الخارجية والدفاع.