“الوحدة 127″…ذراع حزب الله الجوية

في صلب التعقيد الأمني والعسكري الذي يربط لبنان بإسرائيل، تتصدر “الوحدة 127” التابعة لحزب الله واجهة التهديدات التي تراها تل أبيب غير تقليدية وخارجة عن قواعد الاشتباك السابقة
تعتبر هذه الوحدة المتخصصة بالطائرات المسيّرة (درونز)، باتت تمثل تحوّلًا نوعيًا في أدوات حزب الله للردع والمواجهة، مما دفع بإسرائيل إلى تصعيد استهدافها لها في الضاحية الجنوبية لبيروت وغيرها من المناطق.
فما هى الوحدة الجوية 127 التي زعمت إسرائيل أنها المستهدفة الرئيسية في سلسلة الغارات التي شنتها مساء اليوم على الضاحية الجنوبية لبيروت؟ وما هو القلق من التصنيع المحلي إلى الدعم الإيراني، وكيف غيّرت الطائرات المسيّرة موازين الردع التي سادت لسنين؟
تُعرف “الوحدة 127” داخل البنية العسكرية لحزب الله بوحدة “الطائرات المسيّرة”و وهي تعمل بتنسيق وثيق مع “الوحدة 340” التابعة لفيلق القدس الإيراني، حيث تتلقى الدعم الفني والتدريب والتجهيزات اللازمة لتطوير الطائرات المسيّرة. تأسست بشكل سري مطلع العقد الماضي، ويُعتقد أن القائد المؤسس لها هو القيادي الراحل حسان اللقيس، أحد أبرز العقول التقنية في الحزب، الذي اغتيل في ديسمبر 2013، في عملية نسبتها تقارير إلى الموساد الإسرائيلي.
الرقم “127” ليس رقما رمزيا فحسب، بل يعكس طابعا استخباراتيا وهيكليا داخل منظومة الحزب، التي تضم عشرات الوحدات العسكرية واللوجستية المتخصصة، كتلك المسؤولة عن الصواريخ الدقيقة، والحرب السيبرانية، والمهام البحرية.
المهام الأساسية
- التصنيع والتطوير: الوحدة مسؤولة عن تطوير الطائرات المسيّرة بتقنيات متفاوتة:
طائرات استطلاع قصيرة ومتوسطة المدى، طائرات هجومية انتحارية تحمل متفجرات
نماذج محسّنة تستوحي تصاميمها من المسيّرات الإيرانية من نوع “مهاجر” و”شاهد”
- التدريب والانتشار: تدريب مشغلي الدرونز في قواعد خاصة داخل لبنان، وبعضهم تلقى تدريبات في إيران أو سوريا سابقا، تشغيل الطائرات في مهام مراقبة على الحدود الجنوبية أو عبر البحر.
- الهجمات والتسلل:
نفذت الوحدة عددًا من العمليات المباشرة، من أبرزها ما كشفته إسرائيل عام 2024 بشأن إرسال طائرة مسيّرة متفجرة إلى قاعدة “غولاني” العسكرية، أدت إلى مقتل وجرح العشرات. كما أطلقت عددا من الطائرات لرصد التحركات في الجولان ومزارع شبعا.
الارتباط بإيران
لا تنفصل “الوحدة 127” عن مشروع الطائرات المسيّرة الإقليمي الذي يقوده “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني. فوفق تقارير استخباراتية غربية، تُنقل المواد الخام والقطع الإلكترونية عبر سوريا إلى لبنان، حيث تُركب وتُبرمج المسيّرات داخل ورش سرية، بعضها موجود في مناطق مأهولة بالضاحية الجنوبية وصور والبقاع.
ويُعتقد أن قائد الوحدة السابق محمد سرور، الذي اغتيل في غارة إسرائيلية عام 2024، كان حلقة وصل مباشرة بين طهران وبيروت في هذا المجال.
تهديد استراتيجي؟
السؤال الأكبر الذي يطرح، لماذا تعتبر إسرائيل هذه الوحدة تهديدا استراتيجيا لوجودها؟
الإجابة تكمن بسبب:
مرونة التحرك: الطائرات المسيّرة أرخص وأصعب على الرصد من الصواريخ التقليدية.
استغلال المدنيين كدروع: تصنيع وتخزين الدرونز داخل مناطق سكنية يعقّد أي هجوم إسرائيلي دون خسائر جانبية.
خلخلة موازين الردع: القدرة على توجيه ضربات دقيقة من الجو دون الاعتماد على صواريخ قد تستفز حربًا شاملة.
ولهذه الأسباب، يُنظر إلى “الوحدة 127” في تل أبيب كجزء من “التهديد الجوي الدقيق”، إلى جانب برنامج الصواريخ الدقيقة، مما جعلها في مقدمة بنك الأهداف الإسرائيلي.
ما وراء القصف الإسرائيلي الأخير؟
مساء اليوم 5 يونيو 2025، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت ما وصفه بـ”موقع تصنيع وتخزين طائرات مسيّرة تابع للوحدة 127″ في الضاحية الجنوبية لبيروت. إسرائيل قالت إنها وجهت إنذارات مسبقة لإخلاء المبنى، لتفادي سقوط ضحايا مدنيين. العملية تمثل تصعيدًا مباشرًا في الحملة الإسرائيلية على القدرات غير التقليدية لحزب الله، وتأتي بعد أيام من إطلاق مسيّرات من لبنان.
تمثل “الوحدة 127” عنوانًا لتغيّر جوهري في العقيدة العسكرية لحزب الله، وانتقاله من الردع بالصواريخ إلى الردع التكنولوجي، باستخدام أدوات منخفضة التكلفة وعالية الأثر. وبينما تُعد الطائرات المسيّرة سلاح الفقراء في الحروب الحديثة، فإنها في الحالة اللبنانية – الإسرائيلية – أصبحت وسيلة معقدة في لعبة الردع والمبادرة التي لا يُتوقع أن تهدأ قريبًا.
