لم يُبادِرِ الرجلُ إلى أخذِ تلك الخطوة، والنزول إلى الشارع؟ لكانت المشاهدُ البائسةُ التي اعتدنا عليها قد استمرّت لسنواتٍ دون أن يتغيَّر شيء...
الأكيدُ أنَّ في صيدا مَن هو أغنى من مرعي أبو مرعي. والأكيد أنَّ فيها حُكماً مَن هو بمثل ثروته، وأقلّ ثراءً منه طبعاً.
بعيداً عن كلِّ خيارات الرجل وحُرِّيَّته المطلقة التي يمارسها في السياسة والمال والأعمال والمجتمع والعلاقات، فإنَّ الخطوة التي اتَّخذها منذ أيّام، بمبادرةٍ شخصيّة، جديرةٌ بالتوقّف عندها والتفكّر في حيثيّاتها.
مشكلةُ انتشارٍ وتمادي ظاهرة التسوّل والشحّاذين في صيدا، معضلةٌ تزايدت وتفاقمت مؤخّراً، ويشتكي منها الجميع منذ سنين، من دون تغييرٍ في واقع الأمر، ما عدا بعض الترقيعات الآنيّة.
السؤال الكبير: لماذا لم يُقدِم أحد من رجالات أو سيّدات المدينة، الذين منهم مَن قد ينتقد أبو مرعي وغيرَه من المبادرين لغاياتٍ وأسبابٍ لا تنضب، على مبادرةٍ لحلّ هذه المعضلة ومحاولة إضاءة شمعةٍ وسط ظلام المدينة الدامس، بدل “النَّقّ” والتذمّر في الغرف المغلقة، وعَلك الكلام، وبضع بطولات وهميّة على وسائل التواصل الاجتماعي؟
وللعِلم فقط، لم يُكلِّف حلُّ هذه المشكلة، التي عانى منها جميع الصيداويّين والعابرين في عاصمة الجنوب، أكثر من 10 آلاف دولار فقط لا غير، مُقسَّمة على فترة 6 أشهر. وحركة بسيطة خلقت أكثر من 9 فرص عمل جديدة لعائلات في المدينة. ثمنٌ أبخس بكثير من كلفة عشاءٍ قد يُقيمه الكثير من أهل الصفّ الأوّل، أو الثاني، أو حتّى الثالث والرابع في هَرَميّة المدينة.
ليس المال دوماً هو الحلّ لجميع المشكلات.
إنَّه القرار، والإرادةُ المقرونةُ بالعمل، ما تشكو منه صيدا اليوم، لا شحّ المال فحسب.... كما قد يظنّ كثيرون.