لفتَ نظرَ المهتمين بأوضاع مدينة صيدا، البيانُ الذي أصدرته البلدية بتاريخ ١٤ أيلول ٢٠٢٥، الذي دعت فيه أصحابَ المبادرات للتنسيق المسبق مع البلدية والحصول على موافقة خطيّة منها، وذلك “بعد كثرة التقديمات والمبادرات الطيبة والمشكورة من أبناء صيدا”. وتضمّن البيانُ بنودًا تشترط إلزامَ كلّ صاحب مبادرة بالحصول على موافقة خطية مسبقة، كي تستطيع البلدية تنظيمَ الأعمال وضمانَ سلامتها، وأنّ كل مبادرة لا تلتزم سيتم إيقافُها من قِبَل شرطة البلدية، كما جاء في البيان المذكور.
لماذا المبادرات؟
لا يختلفُ اثنان حول قانونية البنود التي تضمنها البيان، الذي أتى بعد مبادرات عديدة نُفِّذت من قِبَل مواطنين من أعضاء المجلس البلدي أو من خارجه، وكان آخرها مبادرة صبّ الباطون في شارع الشاكرية التي بادر إليها الصيدليّ عمر مرجان. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تحصل هذه المبادرات الآن؟ البعضُ يشير إلى أنّ معظم أصحاب المبادرات يسعى لدور سياسيّ أو سلطويّ في المدينة، والبعض الآخر يشير إلى عدم قيام بلدية صيدا بواجباتها ومهامها ما فتح الباب أمام هذه المبادرات.
فضيحة تبليط الشوارع
إذا كان بيانُ البلدية قد أتى بعد عملية صبّ الباطون في شارع الشاكرية مباشرة، فإنّ السؤال الملحّ يصير: لماذا لم تُبادر بلدية صيدا إلى إصلاح فضيحة تبليط السوق التجاري التي جرت قبل سنوات؟ خلال تنفيذ المشروع المذكور كان النقاشُ يدور حول آلية تنفيذ المشروع وكيفية الإشراف عليه، وكان واضحًا منذ تلك اللحظات أنّ المشروع فاشل وسيُخرّب السوق التجاري بالطريقة التي نُفِّذ فيها، ومع ذلك وافق المجلس البلدي آنذاك على الأعمال ووقّع المعنيون في المجلس البلدي على تسلّم المشروع.
اليوم، ومنذ أكثر من شهر، تتداول المعلومات أنّ السلطات المركزية قد أمّنت كمية الزفت المطلوبة لإعادة تزفيت شوارع السوق الأساسية، وأنّ معظم التجار وافقوا على إعادة التزفيت قبل وصول فصل الشتاء، بديلًا من الخراب الذي تعيشه شوارع السوق التجاري، إلا أنّ الحديث يدور حول موقف رئيس جمعية التجار علي الشريف وعدد من التجار الذين يرفضون التزفيت ويصرّون على إعادة التبليط، من دون البحث في طريقة تأمين التمويل اللازم لذلك.
بانتظار التجار
بالمقابل، يُلاحَظ غيابُ موقف رسميّ وواضح للسلطة المحلية، ويبدو أنّ المجلس البلدي بانتظار أن يحسم التجار موقفهم، ناسيًا مسؤوليةَ البلدية وسلطتَها التقريرية. لا يكفي أن نضع شروطًا لأيّ مبادرة، بغضّ النظر عن النوايا السياسية لأصحابها، المهم أن تلعب البلدية دورَها كمؤسسة مسؤولة عن المدينة، هذا إذا كنا من أصحاب النوايا الحسنة. لأنّه من الجانب الآخر قد تبرز آراء تُبرّر عجزَ البلدية وضرورةَ تلزيمها إلى القطاع الخاص أو جمعيات أهلية.