منذ تولّي دوروثي كلاوس إدارةَ الأونروا في لبنان، تغيَّر وجهُ الوكالة: اللاجئُ صارَ رقمًا، والميدانُ شاشةً، والإغاثةُ إدارةً رقميّةً باردة. خطابٌ ناعمٌ يُخفي مشروعًا يُفرِّغُ العملَ الإنسانيَّ من روحِه الوطنيّة، ليُحوِّله إلى إدارةٍ أمنيّةٍ “ذكيّة” تُراقبُ أكثرَ ممّا تُغيث. ويبقى السؤالُ الأكبر: لِمصلحةِ مَن؟ ثمّة ما يُعادُ هندستُه في الخفاء. توسّعٌ عمرانيٌّ غامض في منطقةِ سبلين في إقليمِ الخروب، وأجهزةُ “حمايةٍ” مريبة، وتوظيفٌ متسارع… وكلُّ ذلك تحتَ لافتةِ “التحديثِ الإداري” و”التحوّلِ الرقميّ”. مَن فوّضَ الأونروا بإعادةِ تشكيلِ المخيّمات؟ وفي إطارِ أيِّ مشروعٍ يصبُّ ذلك؟ ومَن منحها صلاحيّةَ تحويلِ مجتمعٍ بأكملهِ إلى قاعدةِ بياناتٍ تُدارُ من خلفِ الشاشات؟ مَن يريدُ استبدالَ الهُويّةِ بالرَّمز، والحقِّ الإنسانيِّ بخُطّةٍ أمنيّةٍ ناعمةٍ، تمهيدًا لمرحلةِ وصايةٍ جديدةٍ وتلاشي قضية عالمية، وتوطين مكتوم؟
توقّف مصدرٌ اقتصاديٌّ صيداويٌّ مُخضرَم عند خبرِ توقيعِ وزارةِ الطاقةِ السوريّةِ يومَ الخميسِ الماضي اتفاقيّاتٍ نهائيّةً مع تحالفِ شركاتٍ دوليّةٍ تقودُه شركةُ أورباكون القابضةُ القطريّةُ، لإنشاءِ وتشغيلِ محطّاتٍ لتوليدِ الكهرباءِ بقدرةٍ إجماليّةٍ تبلغُ 5000 ميغاواط، تتضمّنُ إنشاءَ أربعِ محطّاتِ توليدِ كهرباءَ جديدة، إضافةً إلى مشاريعِ طاقةٍ شمسيّةٍ موزّعةٍ على أربعةِ مواقع. وقالَ المصدر «تخيَّل أنَّ سوريا الخارجةَ للتوِّ من حربٍ مدمِّرةٍ كارثيّة، استطاعت في أقلَّ من عامٍ التوصّلَ إلى بدايةِ حلولٍ جذريّةٍ ومستدامةٍ لمشكلةِ عدمِ توفُّرِ الكهرباءِ التي عانتْ منها لسنوات، بينما نحنُ في صيدا لا نزالُ تحتَ رحمةِ أصحابِ المولّدات، أمثالِ بوجي والعكّاوي وغيرِهما، من دونِ أيِّ أفقٍ لحلِّ هذه المشكلةِ في المدى القريبِ أو حتى البعيد».
توقّفَ مصدرٌ سياسيٌّ صيداويٌّ مُتابِع، في إحدى اللقاءاتِ الجامعةِ التي انعقدَت أخيرًا على مستوى المدينة، عندَ التظاهرةِ الشعبيّةِ الحاشدةِ التي نظّمَها أنصارُ الشيخِ أحمدَ الأسير منذ أيّامٍ عندَ دُوّارِ إيليّا، للمطالبةِ بإقرارِ العفوِ العامِّ عن الموقوفينَ في هذا الملفِّ وإطلاقِ سراحِهم. وقالَ المصدرُ إنّ “ظاهرةَ الشيخِ الأسير”، على الرغمِ من كلِّ التنكيلِ والتشويهِ اللذينِ تعرّضت لهما خلالَ السنواتِ الماضيةِ بهدفِ شيطنتِها وطمسِها، إلّا أنّها أظهرت أنّها باقيةٌ ومستمرةٌ، بل وتتنامى في الأوساطِ الصيداوية، خاصّةً بعدما أظهرتِ الفيديوهاتُ التي تمَّ نشرُها في الآونةِ الأخيرةِ حقيقةَ الافتراءِ والكذبِ الذي شهدتهُ أحداثُ عبرا، ومشاركةُ حزبِ الله وسرايا المقاومةِ في المعركةِ دونَ أن تتمَّ مساءلتُهم في محاكمةٍ عادلةٍ، وصوابيّةُ الخطابِ الذي كانَ يقولهُ الرجلُ، وأثبتهُتْهُ الأيّامُ وتبنّاهُ لبنانُ “العهدُ الجديد” رسميًّا. وأكّدَ المصدرُ أنّ عددَ المشاركينَ الذي شهدهُ الحشدُ لا يمكنُ اعتبارُهُ مشهدًا عابرًا في المدينة، في وقتٍ قد تعجزُ بعضُ القوى السياسيّةِ الفاعلةِ عن حشدِ مثلِهِ في مثلِ هذه الظروف. وأنّ عددَ المشاركينَ وإنْ كانَ مُؤشِّرًا، إلّا أنّ دلالتَهُ تكمنُ في التأثيرِ الأعمّ. لافتًا إلى أنّ هناكَ مصلحةً مشتركةً من قبلِ القوى السياسيّةِ الصيداويةِ لإبقاءِ ملفِّ الشيخِ الأسيرِ مُغلَقًا، خوفًا من أن خروجَه قد يغيّرَ في حساباتِ هذه القوى بالنسبةِ لمجرياتِ المعركةِ الانتخابيةِ المقبلة، وهو السببُ الذي يُفسِّرُ عدمَ إقدامِ هذه القوى على التطرّقِ لهذا الأمرِ بعد كلِّ ما ظهرَ فيه.