سيكون من الصعب على أهلِ صيدا، كما اللبنانيين جميعًا، تصوّرُ المشاهدِ التي شهدَتْها جَلسةُ المجلس البلدي في المدينة مساء أمس، والتي وصلت حدَّ التَّضارُبِ بالأيدي وتَراشُقِ الكراسي وكَيلِ الاتهاماتِ والصُّراخِ والتشنّج، بين الأعضاء من جهة، وبين أعضاءٍ والرئيس من جهةٍ أخرى، لتؤكّد ما قاله أحدُ المسؤولين الرسميين المُطّلعين عن هذا المجلس: إنّه “مدرسةُ المُشاغبين”. “الحِسْبَة”، أي سوقُ الخُضارِ والفواكهِ المركزي في المدينة، كانت الموضوعَ الذي طُرِحَ من خارج جدول الأعمال، فكان سببًا في تفجير الجلسة، وأدّى إلى احتدامِ النقاش، الذي وصل حدَّ الإهاناتِ والسبابِ التي لا ترقى إلى خَناقةٍ شَوَارِعيّة في “زَقْزوق حمص” في البلد. إنه بالفعل يؤكد كل يوم بأنه مجلس لا يليق بالمدينة. فمن المُعيب، تحت أيّ مُسمّى أو عذرٍ كان، أن يَنحدرَ مستوى الكلامِ والحوارِ في مرفقٍ عام يتحكّم بمصير المدينة وأهلها، ليصلَ إلى دَرَكٍ يقول فيه عضوٌ لرئيسه: “كول خـ…”.عيب!فليكن تاريخُ نضالٍ نقابيٍّ طويلٍ كفيلًا بتوقّفِ أحدِهم عند الحدّ الأدنى المطلوب من الاحترام الإنسانيّ والعملِ المؤسساتيّ. طَردُه من الغرفة ليس كافيًا بحدّه الأدنى، بل المفروضُ إحالتُه إلى المُساءلةِ القانونية، بجرمِ القدحِ والذمّ، وإهانةِ رئيسِ هيئةٍ مُنتَخَبةٍ من الشعب. أمّا حصيلةُ المهزلةِ المُبكية، فاجتراحُ حلٍّ (قد) يقضي بعقودِ إيجارٍ جديدة مع التُّجارِ ومُستأجري المحالّ في “الحُسْبَة”، تقومُ على فترةِ 20 سنة من تاريخ التوقيع (توجه دون إقرار بعد)، حفاظًا على حقوقِ وأموال كثيرٍ منهم ممّن دفعوا بالفريش دولار مبالغَ ماليةً كبيرةً على شكل “خُلوات” للمحالّ، كانت ستذهب أدراجَ الرياح لو لم يُحَلَّ الموضوعُ إلى التصويت وينلِ الأغلبية. ما عُدَّ انتصارًا للرئيسِ وأحدِ الأعضاءِ النافذين الـ”مُشاكِسِين”… لكن لمصلحة الناس هذه المرّة. Click here
يعكفُ فريقُ عملِ أحدِ المحالِّ التجاريةِ الكبيرةِ الواقعةِ على الأوتوستراد الشرقي لمدينةِ صيدا، منذ أيّام، على القيامِ بورشةِ مُضنية تتمثّلُ بزيادةِ أسعارِ المنتجاتِ التي يبيعونها بما بين 15–20% تحضيرًا لـ”هَمروجة” الـ Black Friday التي من المفترض أن تنطلقَ فعالياتُها خلال الأيامِ المقبلة. وفي خطوةٍ التفافيةٍ، إن لم نقل احتيالية، تتمُّ زيادةُ الأسعارِ 20%، ليلحقَها الحسمُ تحت مسمّى 50%، بينما هي في الواقع تكونُ 30% إن لم يكن أقلّ أحيانًا؛ أمرٌ قد يتحصّلُ عليه الزبونُ في الأيامِ العادية دون أيِّ جميلٍ يحمله من كيسِه. إنّها “حركات” تسويقيةٌ رخيصة تتكرّرُ كلَّ عام في المناسبةِ نفسها، صار من الواجبِ فضحُ أصحابِها، كي لا يكونَ المواطنُ مجرّدَ خروفٍ يُساقُ إلى المقصلة… وهو يبتسم.
تتكشّف فصولُ فوضى جديدة داخل مرفقٍ عامّ حيوي في مدينة صيدا، حيث تبيّن خلال اليومين الماضيين أن غرفاً داخل مسلخ صيدا، الذي أُعيد تأهيله حديثاً ووُضعت له آليةُ عمل جديدة، جرى تأجيرُها لجزّارَين اثنين مقابل عشرة ملايين ليرة لبنانية شهرياً عن كل غرفة. الفضيحة لا تقف عند هذا الحدّ، إذ إنّ بدل الإيجار لم يدخل إلى صندوق البلدية، فيما لا تزال الجهةُ المنفِّذة المشرفة على القطاع البلدي المعني بالمسلخ مجهولة حتى اللحظة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول إدارة هذا المرفق العام ومن المستفيد الحقيقي من هذا الترتيب. وفي تطوّر موازٍ، حاول أحدُ موظفي البلدية، تحميلَ أحدِ أعضاء المجلس مسؤولية خطأٍ بدا واضحاً أنه مُفتعَل بهدف تضليل التحقيق والتهرّب من المحاسبة. ورغم خطورة ما يجري داخل المرفق العام، يلتزمُ رئيسُ البلدية صمتاً لافتاً، من دون اتخاذ أيّ إجراءات واضحة للتحقيق أو وضع حدّ للتجاوزات، في مشهدٍ يُثير علامات استفهام حول الدور البلدي في حماية المال العام والدفاع عن مصالح المواطنين.