في اجتماعٍ عُقِدَ بعيدًا عن الأعين أخيراً، طلبَ قُطبٌ سياسي مؤثر في صيدا من رئيسِ إدارةٍ تنفيذيةٍ وأحدِ الأعضاءِ الفاعلين فيها، تأجيلَ المضيِّ في دعوى قضائيةٍ كان يجري التحضيرُ لها بحقِّ مرفقٍ اقتصاديٍّ حيويٍّ وأساسي في صيدا، بعد سلسلةٍ من التجاوزاتِ والمخالفاتِ التي شابت مسيرةَ عملِه لسنواتٍ. هذه الخطوة، فسرتها مصادرٌ سياسيةٌ متابعةٌ أنَّها تندرجُ في إطارِ عدمِ إثارةِ المشاكلِ مع قوة سياسيةٍ أُخرى فاعلةٍ في المدينة، وذلك قبيلَ اتضاحِ خارطةِ التحالفاتِ في الانتخاباتِ النيابيةِ المقبلة، ما يُؤشِّرُ إلى احتمالٍ قائمٍ بخوضِ المعركةِ الانتخابيةِ بتحالفٍ بين هاتين القوّتَين، الأمرُ الذي يتطلّبُ عدمَ افتعالِ مشكلاتٍ بينهما في هذه الفترةِ قد تؤثّرُ على تحالفِهما مستقبلا.
مجدَّدًا، تَخسَرُ المدينةُ جُزءًا من أراضيها المُهمّة، لصالحِ “غُرَباءَ” ليسوا من أهلِها.فقد عَلِمَت “البوست” من مصادرَ اقتصاديةٍ مُتابِعةٍ، أنَّ عائلةً صَيداويةً معروفة بدأت بتسييلِ إرثٍ قديمٍ من أراضٍ تَملِكُها، وعرضِها على شكلِ “قِطَعٍ” مُفرَزةٍ للبيع.وقد تجلّى أوّلُ هذا الأمرِ في بيعِ قِطعَتَينِ من تلك الأراضي ذاتِ المواقعِ الاستراتيجيةِ المُهمّة في قلبِ المدينة، وبالقُربِ من الخطِّ البحريِّ الأساسيّ، بصفقتَينِ بلغت قيمتُهما نحو 5 ملايين دولارٍ أميركيّ خلال أقل من أسبوع من الزمن. أمّا المُشتريانِ، فليسَا من أهلِ صيدا، ومن غيرِ اللبنانيينَ حتى، في ظاهرةٍ باتت تُثيرُ المزيدَ من علاماتِ الاستفهامِ عمّن يقفُ خلفَ هذه الصفقاتِ الضخمة، ويستعمل البعض كواجهات..عِلمًا أنَّ أحدَهما لم يكنْ قبلَ سنواتٍ قليلةٍ من “ذوي الثروات”، أمّا اليومَ فباتت مشاريعُه العقاريةُ تُفرّخُ كالفِطرِ في مختلفِ أرجاءِ المدينةِ وضواحيها كذلك. أين أغنياء المدينة من هذه الظاهرة المتمادية، أليس الأولى أن تبقى أراضي صيدا لأهلها، أم أن البنوك أحق بأموالكم، أفلا تتعظون مما جرى معكم منذ سنوات قليلة؟
عَلِمَتْ “البوست” من مصادرَ محليّةٍ مُتابِعةٍ أنّ أحدَ أعضاءِ المجلسِ البلديِّ الحاليِّ في المدينةِ يستمزجُ آراءً قانونيّةً وقضائيّةً على أعلى المستويات، من عدّةِ مَصادِرَ ضليعةٍ بهذا الشأن، لكونِه بصددِ رفعِ دعوى قضائيّةٍ بحقِّ معملِ معالجةِ النفاياتِ في صيدا، والادّعاءِ على كلِّ المتورّطين في مخالفاتِه الكثيرةِ منذ سنين. اللافتُ في الموضوع، أنّ العضوَ المحسوبَ على إحدى القوى السياسيّةِ الأساسيّةِ في المدينةِ، لا يمكنُ أن يُقدِمَ على هكذا خطوةٍ ــ بحسبِ متابعين ــ من دونِ موافقةٍ وتنسيقٍ تامَّيْن من قِبَلِ تلك القوّةِ السياسيّة. ما يُؤشِّرُ، في تداعياتِه، إلى أنّ المعركةَ فُتِحَت بوجهِ قوىً كثيرةٍ متورِّطةٍ في فسادِ المعملِ على مستوى المدينةِ، وعلى أكثرَ من صعيد. فالتوقيتُ، كما يرى مراقبون، يُؤشِّرُ إلى بدايةِ المعركةِ الانتخابيّةِ الفعليّةِ وخارطة التحالفات المفترضة بين المرشحين على صعيدِ صيدا. ويبقى السؤال المهم. هل يمثل هذا الشخص مرجعيته السياسية أم يمثل بلدية صيدا أم نفسه؟