من ابن خلدون إلى قوارب الموتمنذ قرون، وقف ابن خلدون على أطلال حضاراتٍ سقطت، فكتب في مقدمته أن الدول كالكائن الحي: تولد، تنمو، تشيخ ثم تنهار. لم يقل يوماً إنها تسقط لأنها كافرة أو مؤمنة، بل لأنها تفشل في خدمة الناس، في عمران الأرض، في حفظ الأمن وتوزيع العدل. هو نفسه الذي اعتبر أن الدولة لا تُقاس بعقيدة حاكمها، بل بقدرتها على إدارة شؤون الدنيا.هذا الدرس الفلسفي تكرره نصوص القدماء. عند أفلاطون، المدينة الفاضلة هي التي يحكمها العقل، لا المعبد. وعند أرسطو، الدولة ليست ديناً بل “شراكة في العيش”. أما مكيافيللي فقد انتزع السياسة من ثوب الفضيلة، قائلاً في “الأمير”: لا يهم أن تكون طيباً أو ورعاً، المهم أن تُمسك بزمام الحكم وتحافظ على استقرار دولتِك. في هذا السياق، نستطيع القول: الدولة ليست مؤمنة ولا كافرة، هي إما ناجحة أو فاشلة. من بغداد إلى دمشق: مسار الحضارات والدولةشام الأمويين، بغداد العباسيين، القاهرة الفاطميين، والقسطنطينية العثمانية، كلها نماذج تاريخية لدول ازدهرت ثم سقطت. ازدهرت حين كان الحكم قادراً على توفير العدل وبناء العمران، وسقطت حين تحوّل الصراع إلى طائفية وفساد ورفاهية زائدة. وصف ابن خلدون ذلك بدقة: العصبية التي تبني الدولة تنقلب مع الزمن إلى ترف وكسل، فيدخل الوهن في جسدها فتنهار.اليوم، على أنقاض تلك الحضارات، نجد شعوب الشام تدفع الثمن. سوريا الممزقة، لبنان الغارق في الانهيار، فلسطين المقطّعة بين احتلال وحصار، والعراق الذي ما زال يتعافى من دمار الحروب. لبنان: دولة في طور “الشيخوخة”في لبنان، الدولة تُحاكم الناس على الإيمان والكفر، لكنها عاجزة عن تأمين كهرباء 24/24 أو ليرة مستقرة. انهيار القطاع المصرفي منذ 2019 أطاح بأكثر من 70% من قيمة العملة، وأفقر نحو 80% من السكان. هذه أرقام تعكس ببساطة دولة فاشلة، لا مؤمنة ولا كافرة. ابن خلدون كان سيقول إننا في مرحلة “الهرم” حيث الحاكم يعيش على ما تبقى من ريع العصبية، فيما الشعب يُترك للغرق. الخليج: محاولة إعادة تعريف الدولةفي المقابل، تسعى السعودية ودول الخليج إلى إعادة تعريف الدولة. لم تعد تكتفي بصورة “دولة العقيدة”، بل تقدّم نفسها كمشاريع اقتصادية–تكنولوجية: “رؤية 2030” نموذج لذلك. إنها ترجمة حديثة لفكرة ابن خلدون: عمران يحفظ الدولة. قد لا يكون مثالياً، لكنه على الأقل محاولة لكسر حلقة الفشل التي غرق فيها المشرق. فلسطين: لعنة سايكس-بيكو وخطة ترامبمنذ اتفاقية سايكس-بيكو عام 1916، تفتتت المنطقة إلى كيانات هشة. فلسطين دفعت الثمن الأكبر: أولاً بالانتداب، ثم بالاحتلال، وأخيراً بمشاريع “الحكم الذاتي” المعلّبة. خطة ترامب الأخيرة لإدارة غزة ليست سوى نسخة جديدة من سايكس-بيكو: قطاع يُدار كمقاولة دولية، بلا سيادة ولا هوية، بينما يُترك الفلسطيني محاصراً بين حدود وحواجز.هذه ليست دولة ناجحة ولا حتى دولة فاشلة، إنها مجرد ترتيب مؤقت للبقاء. أرسطو ومكيافيللي لو عاشوا بيننا، لقالوا إن ما يجري ليس سياسة بل مقاولة. الهجرة: الهروب الكبيرحين تفشل الدولة في أن تكون دولة، يتحوّل المواطن إلى لاجئ. منذ 2011 وحتى اليوم، خرج من سوريا وحدها أكثر من 6.8 مليون لاجئ وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لبنان يستضيف نحو 1.5 مليون سوري رغم انهياره الداخلي. الفلسطينيون، منذ 1948، يشكّلون أقدم وأكبر قضية لجوء في العالم: نحو 5.9 مليون لاجئ مسجّل في الأونروا. أما الهجرة عبر البحر، فهي الكابوس الأكبر. في عام 2023 وحده، سجّلت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 3,700 وفاة في البحر الأبيض المتوسط، أغلبهم من سوريا ولبنان وفلسطين والسودان. أجيال كاملة تترك أوطان الحضارات الأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية لتبحث عن حياة في ألمانيا أو كندا أو أستراليا. الغرب يوفر ما عجزت عنه حضاراتناالمفارقة المؤلمة أن الغرب الذي يستقبل اللاجئين، والذي يُتهم دوماً بأنه “دار الكفر”، هو نفسه الذي يوفّر لهم ما عجزت دولهم “المؤمنة” عن تقديمه: بيت، تعليم، طبابة، ضمان اجتماعي. ابن خلدون لو عاش بيننا لقال: هذه هي الدولة الناجحة، حتى لو كانت بلا إيمان. ومكيافيللي لضحك قائلاً: لقد فهم الغرب أن الدولة وظيفتها في الدنيا، لا في الآخرة.الدولة ليست مؤمنة ولا كافرة. الدولة إمّا ناجحة أو فاشلة. نجاحها يُقاس بقدرتها على منع الانهيار، تأمين الخبز والكهرباء، حماية مواطنيها من الغرق في المتوسط. أما الفشل فهو أن تتحوّل الدولة إلى شعار أو خطاب ديني، بينما الناس يهاجرون بحثاً عن كرامة. الشام اليوم – مهد الحضارات الإسلامية – يصدّر أبناءه في قوارب الموت. كأن التاريخ يعيد درسه القاسي: من لم يبنِ دولة ناجحة، سيُدفن مع دولته في البحر. الدولة ليست مؤمنة أو كافرة، الدولة إما ناجحة أو فاشلة فقط ..هي مسؤولة عن خدمتك في الدنيا وليس في الآخرة
أيّتُها الأقدارُ، ما أتعسَ هذا المشهدَ!أوروبا بأسرِها تخرجُ إلى الساحات: برشلونةُ تهتفُ، روما تصرخُ، نابولي تشتعلُ، تورينو وميلانو وبولونيا وجنوة وباليرمو وفلورنسا تضجُّ بجُموعٍ غاضبة، أثينا تستعيدُ روحَ الإغريق الثائرين، بروكسل تتركُ بيروقراطيتَها الثقيلةَ وتلوِّحُ بالأعلام، باريس تُعيد صدى الثورةِ من ساحاتِ الباستيل، برلين تنفضُ غبارَ الحربِ الباردةِ لتقفَ إلى جانبِ المظلوم، حتى إسطنبولُ المتراميةُ بينَ قارّتَين، صارت جسرًا لصوتٍ لا يعرفُ الحدودَ… الكلُّ يهتفُ لفلسطين، الكلُّ يرفعُ صوتَه مع أسطولِ الصمود أين نحن؟في المخيّماتِ، في مدنِ اللجوءِ والانتظار، في العواصمِ الممزَّقةِ بالفتن، نحنُ غارقونَ في نومٍ ثقيلٍ، كأنَّ الأمرَ لا يعنينا، وكأنَّ السفنَ التي تخترقُ البحرَ ليستْ سفنَنا، والجرحَ النازفَ ليسَ جرحَنا، والقضيّةَ التي تهزُّ وجدانَ الأرضِ ليست قضيتَنا.كيف صارتْ شوارعُ أوروبا أصدقَ من شوارعِنا، وأصواتُ الغربِ أصفى من أصواتِنا، وهتافاتُ شعوبٍ بعيدةٍ أشدَّ حرارةً من أفواهِنا المكمَّمة؟أيُعقَل أنَّ شعوبًا لا تعرفُ فلسطينَ إلّا عبر نشراتِ الأخبار تبكيها في الساحات، فيما أهلُها المقهورون، جيرانُها في المنافي، وأبناؤُها في المخيّمات، يلوذونَ بالصمتِ، كأنَّهم يبرِّئون أنفسَهم من تاريخِهم وذاكرتِهم؟ انقلب المشهدُالغربُ صار يدرّسُنا معنى التضامن، ونحنُ الذين علَّمنا الدنيا معنى “الانتفاض” غدونا نتفرّجُ كالعجزة. نحنُ ورثةُ الثوراتِ، أصحابُ المقاماتِ والأنبياءِ والتضحياتِ، أصبحْنا مجرَّدَ متفرّجينَ على مسرحِ العالم، نضحكُ في سرِّنا من جرأةِ الآخرينَ ونكتفي بتعليقاتٍ ساخرةٍ على منصّاتِ التواصل، بينما الغربُ يهتفُ بملءِ رئتَيه: “فلسطينُ حيّة”.هل نسيتم أنَّ العربَ يومًا كانوا يزلزلونَ الشوارعَ لأجلِ قضايا أبعدَ من فلسطين؟ كانوا يخرجونَ لفيتنام، يهتفونَ لجنوبِ إفريقيا، يتظاهرونَ لأجلِ تشيلي وأمريكا اللاتينيّة، بينما اليومَ لا يملكونَ الجرأةَ ليهتفوا لأجلِ القدسِ وغزّةَ والضفّة؟ لقد صارتْ بياناتُنا الرسميّةُ مسرحيّةً هزليّة: “نستنكر، نشجب، ندعو المجتمعَ الدوليّ”. مجتمعٌ دوليّ؟ أيُّ مجتمعٍ هذا الذي يخرجُ في ساحاتِه الناسُ أصلًا بلا إذنٍ من حكوماتِهم، بينما حكوماتُنا تُصادرُ حتى أنفاسَنا؟أوروبا تُخرجُ ملايينَها في ليلةٍ واحدة، ونحنُ لا نجرؤُ على إخراجِ ألفٍ في مخيَّم، وكأنَّ أصواتَنا لو ارتفعتْ ستُسقطُ السماءَ على رؤوسِنا. حتى الحلمُ عندنا نام، حتى الغضبُ صار يخافُ من نفسِه. لقد صارتْ بياناتُنا الرسميّةُ مسرحيّةً هزليّة: “نستنكر، نشجب، ندعو المجتمعَ الدوليّ”. مجتمعٌ دوليّ؟ أيُّ مجتمعٍ هذا الذي يخرجُ في ساحاتِه الناسُ أصلًا بلا إذنٍ من حكوماتِهم، بينما حكوماتُنا تُصادرُ حتى أنفاسَنا؟ أوروبا تُخرجُ ملايينَها في ليلةٍ واحدة، ونحنُ لا نجرؤُ على إخراجِ ألفٍ في مخيَّم ويا للمهزلة!في حين ترفعُ برلين صورَ الشهداءِ على جدرانِها، نحنُ في مخيّماتِنا نتجادلُ: من يوزِّعُ الخبزَ؟ من يحتكرُ المازوتَ؟ من يرفعُ رايةَ هذا الفصيلِ أو ذاك؟ أصبحْنا خبراءَ في الشقاقِ والخصام، وتخصَّصْنا في إطفاءِ أيِّ بارقةِ تضامنٍ قبل أن تُولَد.فهل صار قدرُنا أن نُختزلَ في صورةٍ باهتةٍ لشعوبٍ بلا صوتٍ، بلا فعلٍ، بلا جرأة؟هل قُدِّر لفلسطين أن تجدَ أنصارَها في شوارعِ نابولي وفلورنسا، وتخسرَ أنفاسَ أبنائِها في صبرا وشاتيلا وعينِ الحلوة؟إنَّ السكونَ لم يعُدْ ضعفًا؛ السكونُ صار خيانة. والصمتُ لم يعُدْ حيادًا؛ الصمتُ صار اشتراكًا في الجريمة. والتخاذلُ لم يعُدْ عجزًا؛ بل صار شهادةَ زورٍ على التاريخ.إنها لحظةٌ مخزيةٌ في سجلِّنا: أن يكتبَ المؤرِّخُ غدًا أنَّ برشلونة وباريس وفيينا صاحتْ باسمِ فلسطين، بينما عواصمُ العربِ ومخيّماتُهم لاذتْ بالنومِ العميق. فيا شعوبَ المخيّماتِ، يا أبناءَ المدنِ المقهورةِ، استفيقوا! لا تجعلوا التاريخَ يدوّن أنَّ الأجنبيَّ كان أحرصَ على قضيّتِكم منكم، ولا تجعلوا الغريبَ يصرخُ باسمِكم وأنتم مكمَّمون. فلتعلموا أنَّ أوروبا تهتفُ اليومَ، ليسَ لأنّها فلسطينيّة، بل لأنّها إنسانيّة. فمتى تستعيدونَ أنتم إنسانيّتَكم؟ Click here
أغمض عينيك… وتخَيَّل معي هذا المشهد الساحر. تقف على ضفاف النيل في القاهرة، والشمس تشرق على مآذن الأزهر. تحمل عصاك وزادك، وتنطلق في رحلة لن تحتاج فيها إلى جواز سفر، أو تأشيرة دخول، أو حتى تصريح مرور. إنها رحلة عبر إمبراطورية واحدة تمتد من المحيط الأطلسي إلى أسوار الصين، ومن سهول آسيا الوسطى إلى صحاري أفريقيا. من أرض الكنانة إلى الأرض المقدسةتعبر سيناء بخطوات واثقة، لا يوقفك حارس حدود، ولا يطالبك أحد بهوية. تصل إلى فلسطين المباركة، حيث تصلي في المسجد الأقصى، ثم تواصل رحلتك شمالاً عبر بلاد الشام الخضراء. في دمشق، تستريح في ظلال الجامع الأموي، وتستمع إلى قصص الفتوحات من شيوخ المدينة. من هناك، تتجه شمالاً نحو إسطنبول العظيمة، عاصمة الخلافة العثمانية، حيث تقف مبهوراً أمام آيا صوفيا والجامع الأزرق، وأنت تدرك أنك في قلب إمبراطورية تحكم ثلث العالم المعروف آنذاك. إلى مهد الحضارة في بلاد الرافدينتنحدر جنوباً عبر الأناضول، وتعبر نهري دجلة والفرات لتصل إلى الموصل الحدباء، ثم إلى بغداد دار السلام، عاصمة الخلافة العباسية التي كانت يوماً منارة العلم والحضارة في العالم. تتجول في أسواقها، وتزور بيت الحكمة حيث تُرجمت علوم الأولين، وتستمع إلى حكايات هارون الرشيد والمأمون. رحلة الروح إلى بيت الله الحراممن بغداد، تنضم إلى قافلة الحج المتجهة إلى مكة المكرمة. تسير عبر الصحراء العربية، محمياً بأمان الخلافة، حتى تصل إلى البيت الحرام. تؤدي مناسك الحج، ثم تزور المدينة المنورة، حيث تقف أمام قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلبك يفيض بالإيمان والخشوع. عندما كان المسلم في الأندلس يشعر بالانتماء لنفس الوطن الذي ينتمي إليه المسلم في سمرقند. عندما كان العالم الإسلامي أمة واحدة تحت راية واحدة، بقيادة واحدة من اليمن السعيد إلى القرن الإفريقيرحلتك لم تنته بعد. تتجه جنوباً إلى صنعاء العريقة، عاصمة اليمن السعيد، حيث تتأمل عمارتها الفريدة وحدائقها المعلقة. من هناك، تعبر مضيق باب المندب إلى جيبوتي، ثم تواصل رحلتك إلى الصومال الحبيب، حيث تكتشف مدناً إسلامية عريقة على ساحل المحيط الهندي. تركب سفينة تجارية إسلامية، وتعبر المحيط الهندي إلى جزر القمر، ثم إلى ماليزيا وإندونيسيا والفلبين، حيث تشهد كيف وصل الإسلام إلى هذه الجزر النائية عبر التجار والدعاة، وليس بحد السيف كما يدعي المغرضون. جوهرة التاجتصل إلى الهند الإسلامية، حيث تزور دلهي وأغرا وحيدر آباد، وتقف مذهولاً أمام تاج محل، تحفة العمارة الإسلامية الخالدة. تتجول في أسواق التوابل والحرير، وتستمع إلى الموسيقى الصوفية في المساجد والخانقاهات. من الهند، تتجه شمالاً إلى أفغانستان، أرض الجبال الشامخة والمجاهدين الأبطال، ثم إلى أوزبكستان، حيث تقف مبهوراً أمام عظمة بخارى وسمرقند وطشقند وخوارزم. هنا، تترحم على الفاتح العظيم قتيبة بن مسلم الباهلي، الذي فتح هذه البلاد ونشر فيها نور الإسلام. تواصل رحلتك عبر تركمانستان وقيرغيزيا وطاجكستان، حيث ترى كيف امتدت حضارة الإسلام إلى أقاصي آسيا، وكيف ازدهرت العلوم والفنون في هذه البقاع النائية. تعود أدراجك غرباً، عبر البلقان المسلم، حيث تزور سراييفو وبريشتينا وتيرانا، وتشهد كيف وصل الإسلام إلى قلب أوروبا. تصل إلى الأناضول مرة أخرى، وتركب سفينة عبر البحر المتوسط إلى كريت ومالطا وقبرص. المغرب الأقصىتصل إلى المغرب الأقصى، حيث تتجول في أزقة مراكش الضيقة، وتزور الرباط العاصمة. من هناك، تتجه شرقاً إلى الجزائر، حيث تزور العاصمة البيضاء وتلمسان الأندلسية ووهران الساحلية وقسنطينة المعلقة. رحلتك تقودك إلى تونس الخضراء، حيث تزور القيروان، أول عاصمة إسلامية في المغرب، وتترحم على مؤسسها القائد المجاهد عقبة بن نافع. تجلس في جامع الزيتونة العريق، وتستمع إلى دروس العلماء. من تونس، تتجه إلى ليبيا، أرض عمر المختار البطل، ثم تعود إلى القاهرة، حيث بدأت رحلتك. تصلي في الأزهر الشريف، وأنت تحمل في قلبك ذكريات رحلة عبر إمبراطورية عظيمة. هذه ليست مجرد رحلة خيالية بل حقيقة تاريخية عاشها المسلمون لأكثر من 1250 عاماً في ظل الخلافة الإسلامية. تخَيَّل أنك تقطع كل هذه المسافات الشاسعة دون: جواز سفر أو هوية شخصية تأشيرة دخول أو تصريح مرور حراس حدود يوقفونك أو يفتشونك أسلاك شائكة تقطع طريقك رسوم جمركية أو ضرائب حدودية كل ذلك وأنت تحت حماية خلافتك الإسلامية، تأكل وتنام في الخانات الإسلامية على حساب بيت مال المسلمين، وتتنقل بأمان تام عبر قارات ثلاث أيُّ عزٍّ كنا فيه؟ هذا هو العز الذي فقدناه عندما سقطت الخلافة الإسلامية. عندما كان المسلم في الأندلس يشعر بالانتماء لنفس الوطن الذي ينتمي إليه المسلم في سمرقند. عندما كان العالم الإسلامي أمة واحدة تحت راية واحدة، بقيادة واحدة، وبعملة واحدة أحياناً. اليوم، نحتاج إلى عشرات التأشيرات لنزور بلداناً إسلامية، ونقف في طوابير مذلة أمام سفارات دول كانت يوماً جزءاً من إمبراطوريتنا الواحدة. هذه هي الحقيقة التي يجب أن نتذكرها، والحلم الذي يجب أن نسعى لاستعادته، والاضافة عليه…