في السنوات الأخيرة برز اسم الشيخ حسن مرعب في المشهدين الديني والإعلامي في لبنان. يقدّم نفسه بوصفه المفتّش العام المساعد في دار الفتوى، وإمام وخطيب جامع الإمام علي بن أبي طالب في بيروت، وهو تعريف يثبته على صفحاته الرسمية ويتداوله متابعوه بكثرة ترافق هذا التموضع المؤسسي مع حضور رقمي نشط عبر “فيسبوك” و”X” و”يوتيوب”، حيث ينشر خُطبه ومداخلاته ويعلّق على قضايا الساعة بصفته الشخصية. التباس وإثارة تختلف المصادر المفتوحة في بعض تفاصيل السيرة: مواقع متخصصة بالتلاوات القرآنية تذكر أنّه من مواليد عام 1980 في طرابلس – لبنان، بينما يورد موقع آخر أنّه وُلد في طرابلس – ليبيا، ما يعكس التباساً شائعاً في الأرشيف الإلكتروني حول مكان الولادة تحديداً. غير أنّ هذه المصادر تتفق على تكوينه الشرعي واشتغاله في التعليم والخطابة وتسجيل التلاوات. منذ عام 2022 ظهر مرعب في مقابلات وتصريحات ذات طابع سياسي مباشر. ففي حديث مع محطة MTV قبيل الانتخابات النيابية وصف يوم الاقتراع بأنّه “مفصلي في تاريخ لبنان”، وربط المواجهة مع “المشاريع الفارسية” و”السلاح غير الشرعي” بخيار التصويت. هذه اللغة السياسية العلنية ستتطور لاحقاً في 2024–2025 إلى خطاب أشدّ حدّة حول أدوار اللاعبين الإقليميين. خاض مرعب سجالات لافتة. فقد دعا إلى مقاطعة قنوات في سياقات جدلية، واتخذ مواقف متشددة من قضايا النوع والميول، بينها تصريحاته عام 2023 ضد “الترويج للمثلية” واقتراحه “الحجر الصحي” عليهم على مستوى الإقليم، نُسبت إليه تصريحات مثيرة للجدل رصدتها منصّات مراقبة محتوى، إذ قال في أكتوبر/تشرين الأول 2024 إنّ من خُطفوا في 7 تشرين ليسوا مدنيين بل “عسكريون بلباس مدني”، ثم عاد في مقابلات منتصف 2025 ليؤكّد أنّ إيران “تخلّت عن وكلائها” ولم تدافع إلا عن نفسها عند الحاجة. هذه المواقف انتشرت على هيئة مقاطع مرئية ومقتطفات من مقابلات تلفزيونية وعلى الشبكات الاجتماعية. جدل في لبنان داخلياً، خاض مرعب سجالات اجتماعية وثقافية لافتة. فقد دعا إلى مقاطعة قنوات محلية في سياقات جدلية، واتخذ مواقف متشددة من قضايا النوع والميول، بينها تصريحاته عام 2023 ضد “الترويج للمثلية” واقتراحه “الحجر الصحي” للمثليين ضمن مقابلة مصوّرة، وهو خطاب تعرّض لانتقادات واسعة من ناشطين ووسائل إعلام. كما ظهرت له مقاطع أخرى تهاجم شخصيات سياسية لبنانية وتعلّق على ملف النزوح السوري. في أكتوبر/تشرين الأول 2025، تصدّر اسمه الجدل مجدداً بعد نشره رواية عن تعرّض موكبه لإطلاق نار في صيدا أثناء تسجيل حلقة مع الإعلامي تمام بليق.تعددت الروايات سريعاً: تقارير ومنشورات أكدت حصول الحادثة وظهوره لاحقاً يشرح ما جرى، في المقابل مواد صحافية انتقدت سرديته واعتبرتها “مُؤجِّجة للفتنة”. وبينما بقيت التفاصيل بين أخذٍ وردّ، زاد ذلك من حدّة الاستقطاب حوله على المنصات. خلاصة الصورة أنّ الشيخ حسن مرعب يجمع بين موقع ديني رسمي وحضور إعلامي هجومي، يتعمّد عبره خوض قضايا سياسية وأمنية واجتماعية بخطاب عالي النبرة، ما يجعله شخصية خلافية؛ لدى جزء من الجمهور هو صوت تعبوي صريح، ولدى جزء آخر مصدر توتير واستقطاب. وكلّ ذلك يعتمد على مادة منشورة علناً في حساباته ومنابر إعلامية مختلفة.
تحيّةُ إكبارٍ إلى الصحافيِّ الفلسطينيِّ حسان مسعود، ابنِ مدينةِ صيدا الذي ولد وترعرع فيها، والذي أُوقف من قِبَلِ بحريّةِ جيشِ الاحتلالِ الإسرائيليِّ لتواجُدِه على متنِ السفينةِ “شيرين” ضمنَ أسطولِ الصمودِ لكسرِ الحصارِ عن غزّة. هذا الشابُّ الطموحُ المفعمُ بالحيويّةِ والعطاء، والذي تدرّجَ في سُلَّمِ “مهنةِ المتاعب” من “إذاعةِ الإسراء” في صيدا إلى كبرياتِ الفضائيّاتِ العالميّة، حاملًا فلسطينَ في قلبِه ووِجدانِه، قرّر ألّا يكتفي بعباراتِ الإدانةِ والاستنكار، ليُقدِمَ على ما يستطيعُ إليه سبيلًا من أجلِ فلسطينَ وجرحِها النازفِ في غزّةَ والضفّةِ وسائرِ بقاعِ الأرض. قد تكون حاملا اليوم للجنسية البرازيلية…لكن صيدا تُحيّيك وتكبرُ فيك… وبأمثالِك. أسطول الصمود العالمي: الاحتلال الإسرائيلي اعترض سفن القافلة السلمية بالمياه الدولية واختطف مئات المتطوعين. أكثر من 443 متطوعا من 47 دولة محتجزون بشكل غير قانوني بعد اعتراض إسرائيل للأسطول. المشاركون تعرضوا للهجوم بمدافع المياه ورشهم بمياه عادمة والتشويش على اتصالاتهم. اعتراض قافلة الصمود في المياه الدولية جريمة حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي. نطالب بالتدخل الدولي الفوري وضمان سلامة المتطوعين في الأسطول وإطلاق سراحهم فورا.
في تطوّر مفاجئ قد يعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، كشفت صحيفة “الإيكونوميست” البريطانية عن مخطّط دولي طموح لإدارة قطاع غزة، يضع توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، في موقع المسؤول الأوّل عن هذا الملف الشائك. “السلطة الانتقالية الدولية” وفقاً للتقرير المثير للجدل، يتضمن المخطّط تشكيل هيئة تحمل اسم “السلطة الانتقالية الدولية في غزة”، على أن يترأسها بلير لمدّة خمس سنوات كاملة. هذه الهيئة، التي يُفترض أن تحصل على تفويض رسمي من الأمم المتحدة، ستعمل جنباً إلى جنب مع قوّة متعددة الجنسيات لضمان تنفيذ مهامها على الأرض. أما التمويل، فبحسب التقرير، ستتكفّل به دول الخليج العربية، في خطوة تهدف إلى تسليم إدارة القطاع تدريجياً إلى السلطة الفلسطينية، بمباركة من عدد من الزعماء العرب. ويضيف التقرير بعداً آخر من خلال الإشارة إلى مشاركة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في هذا المخطّط، ما يثير تساؤلات حول الأبعاد الجيوسياسية للمشروع وعلاقته بالسياسات الأمريكية في المنطقة. سياسي بتاريخ حافل يُعدّ أنطوني تشارلز لينتون “توني” بلير، المولود عام 1953، من أبرز الشخصيات السياسية البريطانية في العقود الأخيرة. تولّى رئاسة الوزراء بين عامي 1997 و2007، وقاد حزب العمال إلى ثلاثة انتصارات انتخابية متتالية. تميّزت فترة حكمه بعلاقة وثيقة مع الولايات المتحدة، إذ طوّر شراكة استراتيجية مع الرئيسين بيل كلينتون وجورج بوش الابن، قادته إلى قرارات مصيرية غيّرت وجه المنطقة والعالم: المشاركة في غزو أفغانستان (2001) بعد أحداث 11 سبتمبر.دعم ومشاركة القوات البريطانية في غزو العراق (2003)، وهو القرار الأكثر إثارة للجدل في مسيرته السياسية. القرار الأخير استند إلى مزاعم امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، ثبت لاحقاً عدم صحتها، ما عرّض بلير لانتقادات شديدة وتحقيقات برلمانية مطوّلة لا تزال تلاحقه. من داوننغ ستريت إلى الخليج العربي بعد استقالته عام 2007، انتقل بلير إلى عالم الاستشارات السياسية والاقتصادية، وبنى شبكة علاقات واسعة، خاصة مع حكومات الخليج. تطوّرت علاقته مع الإمارات إلى شراكة استراتيجية عميقة، حيث عمل مستشاراً شخصياً لمحمد بن زايد آل نهيان في ملفات أمنية وسياسية حساسة. ومن أبرز المشاريع المثيرة للجدل التي ارتبط اسمه بها ما يُعرف بـ**”البيت الإبراهيمي”**، وهي مبادرة تُقدَّم كمسعى للحوار بين الأديان، لكن مراقبين اعتبروها غطاءً سياسياً لمشروع التطبيع العربي–الإسرائيلي. دور خفي في إعادة تشكيل المنطقة ينسب كثير من المحللين إلى بلير دوراً محورياً في الدفع نحو موجة التطبيع بين دول عربية وإسرائيل. مكتبه الاستشاري، المموَّل إماراتياً، يُنظر إليه كأحد العقول المدبّرة للسياسات الإقليمية في أبوظبي، بما في ذلك: وضع استراتيجيات لمواجهة الحركات الإسلامية.الترويج لشخصيات سياسية فلسطينية بديلة.تصميم سياسات اقتصادية وأمنية إقليمية.في هذا السياق، لعب بلير دوراً بارزاً في الترويج لمحمد دحلان، القيادي الفلسطيني المقرّب من الإمارات، كخليفة محتمل لمحمود عباس، ما يكشف عمق تدخّله في الشأن الفلسطيني الداخلي. بول بريمر غزة المقارنة بين الدور المحتمل لبلير في غزة ودور بول بريمر في العراق عام 2003 ليست اعتباطية. بريمر، الذي تولّى منصب الحاكم المدني للعراق تحت الاحتلال الأمريكي، أصدر قرارات كارثية مثل حلّ الجيش العراقي وحزب البعث، غيّرت وجه العراق إلى الأبد. التشبيه يثير تساؤلات حول: طبيعة السلطات التي قد تُمنح لبلير. مدى استقلالية “السلطة الانتقالية”. الأثر البعيد على مستقبل القضية الفلسطينية. ردود فعل متباينة المخطّط يثير انقساماً حاداً، المؤيدون يرون فيه فرصة لإعادة إعمار غزة وتحقيق استقرار طويل المدى عبر آلية لتسليم السلطة تدريجياً للفلسطينيين.المعارضون يحذرون من تكرار مأساة العراق، وتهميش الإرادة الفلسطينية، وتحويل غزة إلى “محمية دولية” تحت السيطرة الخارجية. من يراقب المشروع بتفاصيله، يجد أن الخيط الناظم له لا ينفصل عن مسار التطبيع العربي–الإسرائيلي. بلير، الذي نسج علاقاته في المنطقة عبر البوابة الإماراتية، ليس مجرد “وسيط دولي”، بل أحد أبرز مهندسي هذا المسار، حيث يجري تقديم غزة كـ”ملف اختبار” لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بما يتوافق مع خريطة التطبيع الجديدة. سؤال معلّق مع تزايد التسريبات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لرجل شارك في تدمير العراق أن يكون جزءاً من حلّ أزمة غزة؟ الإجابة ستتوقف على المواقف الفلسطينية أولاً، وعلى طبيعة الصفقة الدولية ثانياً. لكن المؤكد أن اسم توني بلير، كما في كل محطة من تاريخه، سيظل مثقلاً بالجدل، وأقرب إلى صورة “الشيطان” الذي لا يكمن في التفاصيل، بل في كامل المشهد.