قبل أن تُحسم التحالفات أو تُعلن الترشيحات رسميًا، بدأت رياح المعركة النيابية تهبّ على شوارع صيدا. اللوحات الإعلانية التي طالما شكّلت واحدة من الأدوات المهمة في هذه المعركة، تتحوّل اليوم إلى ساحة صامتة ترسم ملامح الصراع الانتخابي المقبل. مصادر صيداوية متابعة كشفت لصحيفة “البوست” أنّ قطبين أساسيين من القوى السياسية النافذة في المدينة كلّفا مسؤولين في ماكيناتهما الانتخابية بالتواصل مع إحدى الشركات التي تملك شبكة من اللوحات الإعلانية الموزعة على الطرق الرئيسية، للاستفسار عن أسعار الحجز في الفترة الممتدة بين نيسان وأيار 2026، وهي الفترة الحساسة التي تسبق الاستحقاق النيابي. هذه الخطوة، بحسب المراقبين، لا يمكن قراءتها إلا كإشارة واضحة على قرار خوض المعركة الانتخابية مهما كانت الظروف، بعيدًا عن الضبابية السياسية أو انتظار اكتمال خريطة التحالفات. فاللوحات في الشوارع قد تسبق صناديق الاقتراع في كشف النيات، وتعلن أنّ صيدا على أبواب جولة جديدة من المنافسة الساخنة.
لم تنجح المحاولاتِ التي قامتْ بها شخصيةٌ “دينيّةٌ غيرُ محبَّبةٍ” صيداوياً في إقناعِ قطبٍ سياسيٍّ أساسيٍّ في المدينةِ بإبقائِه في منصبِه الذي يشغلُه على رأسِ جمعيةٍ عريقةٍ أصيلةٍ تُعنى بالشأنِ الخيريِّ والاجتماعيِّ والصحيِّ منذ سنين. وعلمت “البوست” من مصادرَ مطَّلعةٍ أنَّ هذا القطبَ السياسيَّ، المؤثِّرَ على عملِ الجمعية، قد ضاقَ ذرعاً بالأداءِ غيرِ الموفَّق والسلوكِ المريب الذي انتهجَه هذا المسؤولُ منذ تولّيه مهامَّه، والذي أثارَ العديدَ من علاماتِ الاستفهام، ولم يُقدِّم أيَّ إضافةٍ تُذكَر على عمل جمعية لها مكانتها الخاصة في الوجدان الصيداوي العام. وهي ممارساتٌ لم تبدأ من “مطبخ” الجمعيةِ وتلزيماتِه، ولا انتهت عند تقاسُمِ النفوذ داخلَ جمعيةٍ ذاتِ حضورٍ وتأثيرٍ وازنٍ في المشهدِ المحلي، خصوصاً على أبوابِ انتخاباتٍ نيابيةٍ قريبة.
سجَّلت أوساطٌ صيداويةٌ متابعةٌ استياءً واسعاً من قرارِ تعيينِ شخصيةٍ غير صيداويةٍ في منصبٍ حسّاس هو منصب “مأمور نفوس صيدا”، الذي يعّد على تماسٍّ مباشرٍ مع معاملاتِ مخاتيرِ المدينة وأحوالِ وشؤونِ الصيداويين التفصيلية الكثيرة. واستغربت هذه الأوساطُ اللامبالاةَ المُسجَّلة من قِبَل نوابِ المدينة وقواها السياسية حيالَ هذا القرار الذي حصل منذ فترة، مع العلم أنه كان تاريخياً ولسنواتٍ طويلةٍ يُسنَدُ لشخصٍ من صيدا (وأن كان القانون لا يلزم بذلك) كاشفةً أنّ التكتم وعدمَ إثارةِ الموضوع مردّه لحساباتٍ انتخابيةٍ صِرف، لا يريدُ الأطرافُ السياسيون إثارتها مع محيط المدينة على أبوابِ الانتخاباتٍ النيابية. مرّةً جديدةً تخسر صيدا منصباً مهماً، من المنطقي والطبيعي أن يكون لأحدٍ من أبنائها، في بلدٍ تقومُ تركيبته على التوزيع الطائفي والمذهبي والمناطقي. علماً أنّ موظفةً صيداويةً من عائلةٍ معروفة كانت مرشَّحةً للمنصب، لكنه تمَّ استبعادُها لأسبابٍ غير مبرَّرة، وأُحيلت لمزاولةِ مهامِّها في شرق صيدا.