لا تتوقّف إبداعاتُ المجلسِ البلديِّ العتيدِ في صيدا عن إتحافِك بجديدٍ كلَّ يوم… كي لا تَمَلّ. آخرُ فصولِ “الكوميديا السوداء” في المدينة، استخدامُ أحدِ أعضاءِ المجلسِ زوجتَهُ لقمعِ المخالفاتِ “الفالتة” في شوارعِها. تتوقّفُ سيّارةٌ عاديّةٌ في أحدِ شوارعِ صيدا. تترجّلُ منها سيّدةٌ بعدما ركنَتْها في أحدِ الأماكنِ المخصّصةِ لـ”فاليه باركينغ”.يسارعُ العاملُ لتحصيلِ أجرةِ الوقوفِ من السيّدة، فتسألُه عن قيمةِ التذكرةِ التي قطعَها لها، فيُخبرُها بالسِّعر، فتُبادِرُه بالقول: “هذا مخالفٌ للقانون!”، وتبدأ بطرحِ الأسئلةِ والاستفساراتِ عن مشغّليه وأذوناتِ العمل… وحين يسألُها الشابُّ عن هويّتِها، تُجيبُ بكلّ ثقةٍ: “أنا مدام عضو البلدية فلان… وجئتُ في مهمّةٍ من قِبَله لأستوضحَ عن المخالفاتِ التي تقومونَ بها هنا.” تتركُ سيّارتَها مركونةً مجّانًا، أمامَ ذهولِ العامل، وتمضي إلى أحدِ المقاهي لتحتسيَ قهوتَها مع “غروب” رفيقاتِها اللواتي ينتظرنَها على الطاولة… المفارقة الساخرة أنّ هذا كلّه لم يكن مشهدًا من مسرحية، بل واقعةً حقيقيّةً تُضاف إلى سجلّ مدينةٍ تُحارِبُ المخالفات بـ”زوجات الأعضاء”. هكذا ببساطة، تحوّلَت البلديّةُ إلى ورشةٍ منزليّةٍ تُدار بالنيّة الحسنة والعلاقات الزوجيّة، فيما المدينة تزدادُ فوضى… لكن على الأقل، بابتسامةٍ أنيقةٍ و”مهمّةٍ رسميّة”!
“وكأنّنا في صيدا ما منعرِف نطبُخ، أو ما منعرِف طعمة تِمنَا!”بهذه العبارة المُعبِّرة، يُعبِّر أحدُ الفعاليّاتِ الصيداويّةِ المُخضرَمة عن أسفه لما جرى خلفَ الكواليس خلال زيارةِ رئيسِ الحكومة نواف سلام الأسبوع الماضي إلى صيدا. فبحسبِ مصادرَ مُطّلعة، تمّ استقدامُ الطعامِ لحفلِ الغداء الذي نظّمته جمعيّة المقاصد في قلبِ صيدا، من أحدِ مطاعمِ بيروت Saveur D’amour المتخصِّصة في خدماتِ الكاترينغ، بحيثُ بلغت قيمة فاتورةُ الطعام أكثر من 15 ألف دولار، وكأنّ صيدا – المعروفةُ بجودةِ أطعمتِها ومأكولاتِها وحلويّاتِها – غيرُ مؤهَّلةٍ لتأمينِ حاجاتِ ضيفِها من الطعام، فتمّ اللجوءُ إلى مطعمٍ من خارجِ المدينة. لا تعكسُ هذه الخطوةُ، ممّن قامَ بها، إلّا حقيقةً مُرَّةً: شعورًا “بالدونيّة” لدى البعضِ تجاه مدينتِهم وما هي قادرةٌ على تقديمِه لزائريها وأهلِها على السواء.أفلا يوجدُ في صيدا مطابخُ مرموقةٌ تُقدِّم أجودَ أنواعِ الطبخِ والمأكولاتِ التي تُفتَخرُ بها محلّيًا وخارجيًا؟ من جمعيّاتٍ كـ”المواساة” و”أهلُنا”، ومطابخَ عريقةٍ أخرى… وصولًا إلى “سندويشات خليل الأطرق”!؟ حُكمًا بلا، لكنه فقدانُ الإيمانِ بما نملك، والانبهارُ بما يأتي من الخارج… فقط لأنّه “من برا”. للأسف.
محاولةُ “تهريبةٍ” عقاريّةٍ مَشبوهةٍ، سعى بعضُ أعضاءِ المجلسِ البلديِّ في صيدا إلى تمريرِها منذ أيّام، لتعودَ بالفائدةِ المباشرةِ على أحدِ أثرياءِ المدينة، لكنّها لم تَقطَع. هي المحاولةُ الثانيةُ في أقلَّ من شهرٍ، حيثُ رُصِدت مساعٍ مُواربةٌ من قِبَل أحدِ أعضاءِ المجلس، بالتنسيقِ والتناغمِ الواضحِ مع “الرّيس”، لإحداثِ تغييرٍ في الواقعِ الحالي لعددٍ من العقاراتِ في المدينة، وذلك لتحريرِها ورفعِ تصنيفِها بغيةَ زيادةِ قيمتِها الماديّة والاستفادةِ منها. وبحسبِ مصادرٍ مُتابِعة، طَرَح أحدُ الأعضاءِ، ممّن يملكون باعًا طويلًا في الاشتغالِ بالشأنِ العقاري، على طاولةِ المجلس، موضوعَ إزالةِ الإشارةِ عن أحدِ العقاراتِ التي تعودُ ملكيّتُها لأحدِ أغنى أثرياءِ المدينة، في محاولةٍ لتحريرِ العقارِ الواقعِ في منطقةِ الوسطاني، واستفادةِ صاحبِه منه. اللافتُ في الموضوع، بحسبِ المتابعين، أنّ هذا الطرحَ لم يَلقَ قبولًا لدى أعضاءِ المجلس، وجرى رفضُه لأنّه يعودُ بالفائدةِ الفرديّةِ على شخصٍ بعينه، دون استفادةِ غيرِه من أصحابِ العقاراتِ المماثلة. والأكثرُ لَفتًا أنّ هذا الطرحَ جاء من أحدِ الأعضاءِ الذي بات تَقَرُّبُه من هذا “الثريّ”، بالتنسيقِ مع الرئيس، ملاحظًا بقوّةٍ خلال الفترةِ الأخيرة؛ فقد سُجِّلت زيارتان قامَ بهما هذا العضوُ مع الرئيسِ إلى منزلِ هذا الثريّ في الأيّامِ الأخيرة، ما اعتبرَه البعضُ وكأنّه إعادةُ تموضعٍ، حتّى في السياسةِ، على صعيدِ المدينةِ المحلّي.