تحميل

إبحث

في الصميم

«العصائب الحمراء»… ذراع الظلّ على الحدود اللبنانية؟

special_forces_expressive

بين الظلّ والضوء، تبرز «العصائب الحمراء» كواحدةٍ من أبرز التشكيلات العسكرية الغامضة والفاعلة ضمن جهاز هيئة تحرير الشام. ورغم أن الاسم قد لا يتردد كثيرًا في وسائل الإعلام، إلا أن هذه القوّة الخاصّة تُعَدّ رأس الحربة في العمليات النوعية، وقوّة النخبة التي يُعوَّل عليها في المهام القتالية الحساسة

منذ أيام، ترددت معلومات لم يتم التأكد من صحّتها عن وجود مجموعات من «العصائب» على الحدود اللبنانية–السورية. فهل سيكون لهذه المجموعة دورٌ مرتقب في تحديد معالم المرحلة المقبلة بين البلدين، ورسم مسار جديد للعلاقة بينهما؟ أم أن الحديث عنها لا يعدو كونه مجرّد فقاعة إعلاميّة؟

لكن… ما هي «العصائب الحمراء»؟ كيف نشأت؟ وما هي هيكليتها، تدريباتها، أبرز عملياتها، ودورها المحوري في المشهد العسكري السوري؟


النشأة والتطور

ظهر اسم «العصائب الحمراء» للمرّة الأولى أواخر عام 2016 خلال معارك حلب المفصلية، أو في عام 2018 وفقًا لمصادر أخرى. تُوصَف هذه القوات بأنها “القوات الانغماسية” لهيئة تحرير الشام، وهي قوّة نخبة قُدّرت بالمئات عند تأسيسها، وتضمّ مقاتلين من جنسيات عربية وآسيوية مختلفة.

منذ عام 2021، بدأت «العصائب الحمراء» بفتح باب التجنيد، مقدّمةً رواتب مغرية مقارنةً بالفصائل الأخرى. كما تتلقّى تدريبًا عسكريًّا مختلفًا، وتُزوَّد بأسلحة نوعية. وقد ظهر زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، الرئيس السوري الحالي، وهو يضع عصابة حمراء حول رأسه، إلى جانب عناصر العصائب، فيما يُعرف بـ”بيعة الموت”، حيث يُؤدّي المقاتلون قَسَمًا أمام الزعيم، في إشارة إلى الولاء والاستعداد للتضحية.

تُعدّ العصائب الحمراء أقوى تشكيلات الهيئة، وتُسنَد إليها المهام الأكثر صعوبة، نظراً لقدرتها العالية على الاختراق والعمل الميداني المعقّد. وقد مثّلت هذه القوّة حجر الأساس في ما أطلقت عليه الهيئة اسم “عملية ردع العدوان”.


الهيكلية والتدريب

تتكوّن «العصائب الحمراء» من مئات المقاتلين المعروفين بقدراتهم القتالية العالية وتدريبهم المكثف. وتُسنَد إليهم المهام العسكرية الأكثر خطورة، ما يتطلّب مستوى عالياً من الجاهزية والانضباط.

يتلقّى أفرادها تدريبات متقدمة تختلف عن برامج تدريب باقي المقاتلين في الفصائل المسلحة، وتتركّز على الاقتحام، التوغّل خلف خطوط العدو، والعمليات الانغماسية. بالإضافة إلى ذلك، تُزوّد الوحدة بأسلحة نوعية ومتطورة تُعزّز من كفاءتها الهجومية والدفاعية.

كما تضمّ العصائب مجموعاتٍ متخصصة من القناصين الذين يتلقّون تدريبًا دقيقًا على استخدام البنادق القناصة، وقد نفّذوا بالفعل عمليات قنص ناجحة. وتُظهِر الإصدارات المرئية الصادرة عن مؤسسة «أمجاد للإنتاج المرئي» (الذراع الإعلامي للهيئة) مدى جاهزية العصائب واحترافيتها، ما يعكس الاستثمار العالي في بناء هذه القوة النوعية.

تتكوّن «العصائب الحمراء» من مئات المقاتلين المعروفين بقدراتهم القتالية العالية وتدريبهم المكثف. وتُسنَد إليهم المهام العسكرية الأكثر خطورة، ما يتطلّب مستوى عالياً من الجاهزية والانضباط

العمليات والمهام

تتنوع مهام العصائب لتشمل:

الاقتحامات المباشرة

تفجير العربات المفخخة،

عمليات “الاستشهادية” أو الانغماسية،

القنص الدقيق في الخطوط الأمامية.

يتميّز هذا التشكيل بقدرته على توثيق العمليات بدءًا من التخطيط والتحرّك، وصولًا إلى الاشتباك المباشر، وذلك في سياق دعائي يعكس الثقة بالنفس. ومن أبرز ما أُشير إليه في هذا السياق، عملية اختراق تحصينات مدينة حلب والتسلل إلى غرفة العمليات التي كانت تحت حماية الحرس الثوري الإيراني.

لا تقتصر وظيفة «العصائب الحمراء» على القتال فقط، بل تتجاوزها لتُشكّل ركيزةً أساسية في إستراتيجية الهيئة العسكرية. فهي القوّة الضاربة، العنصر الحاسم في المواجهات، والأداة التي تُوظَّف في معارك الحسم والاستعراض معًا.

التسمية والرمزية والسرية

الاسم بحدّ ذاته يحمل رمزية دينية وعسكرية تعبويّة. “العصائب الحمراء” تُحيل إلى مفهوم الفداء والشهادة، وترتبط في المخيال الجهادي بمشاهد “البيعة” و”الاستعداد للموت”. وارتداء العصابة الحمراء خلال المعارك يُفهم على أنه إعلان نية القتال حتى النهاية.

لكن ما يلفت النظر أكثر من الاسم، هو السرية المطلقة التي تحيط بهذه القوّة.

لا تُعرَف أسماء قادتها.

لا يُسمَح لأفرادها باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

يخضع المنتمون لها لفترة تجريبية صارمة قبل تثبيتهم، مع تعهدات بولاءٍ مطلق والتزامٍ حديدي.

هل هي على الحدود اللبنانية فعلًا؟ حتى الآن، لا يمكن تأكيد وجودٍ مباشر للعصائب الحمراء على الحدود اللبنانية–السورية، لكن مجرّد تداول الأمر يعكس مستوى الحذر والقلق الإقليمي من تحرّكات الهيئة وتوسّعها المحتمل. إنّ أيّ انتقال أو تموضع خارج إدلب سيُعدّ تطوّرًا خطيرًا، خصوصًا إذا رافقه تغطية إعلامية أو سياسية. ولأنّ «العصائب الحمراء» ليست مجرد وحدة نخبة بل أداة عسكرية–رمزية–استخبارية متكاملة، فإنّ دخولها إلى ساحة لبنانية سيحمل معه رسائل عميقة تتجاوز حدود الاشتباك.
al-Post
العلامات

أترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تفعيل التنبيهات نعم كلا