في خطوة بالغة الأهمية والدلالة، رفعت وزارة الخارجيّة البريطانيّة (FCDO) منسوب التحذير لمواطنيها بشأن السفر إلى لبنان، في تحديث أمنيّ واسع النطاق بدا أقرب إلى «خريطة مخاطر»، شملت بيروت وضواحيها الجنوبيّة، ومحافظات الجنوب، النبطيّة، البقاع، بعلبك ـ الهرمل، الشمال، وعكّار، إضافةً إلى جميع مخيّمات اللاجئين الفلسطينيّين، مؤكّدة أنّ الوضع الأمنيّ «لا يزال غير مستقرّ» رغم دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024.
التحذير البريطانيّ لم يكتفِ بالتوصيف العام، بل ذهب إلى تفاصيل دقيقة، ففرّق بين مناطق «يُنصح بعدم السفر إليها إطلاقًا»، وأخرى «لا يُنصح بالسفر إليها إلا للضرورة القصوى»، محذّرًا من أنّ إغلاق الطرق أو تعطّل مسارات الخروج قد يحدث «في أيّ وقت»، وأنّ لندن لا تضمن القدرة على تنفيذ عمليات إجلاء طارئة.
بيروت… استثناء وحيد
في العاصمة وضواحيها الجنوبيّة، استثنت (FCDO) طريقًا واحدًا فقط من التحذيرات المشدّدة، هو الطريق رقم 51 الممتدّ من وسط بيروت إلى مطار رفيق الحريري الدولي وما بعده. في المقابل، عدّدت سلسلة مناطق يُنصح بتجنّبها ضمن حدود جغرافيّة دقيقة، أبرزها طريق الجديدة ومحيطها، الغبيري، أجزاء من الشياح، حارة حريك، برج البراجنة، المريجة، الليلكي، إضافةً إلى نطاقات واسعة غرب أوتوستراد كميل شمعون، جنوب فرن الشباك، وصولًا إلى طريق صيدا القديمة مرورًا بالحدث حتى محيط المطار.
كما شمل التحذير منطقة بئر حسن ضمن نطاق محدّد من الطرق، مع استثناء مربّع سكنيّ يضمّ مستشفى رفيق الحريري الجامعي، ووزارة الصحّة العامّة، والسفارة القطريّة.
الجنوب والبقاع… مناطق «محظورة»
على مستوى المحافظات، شدّدت (FCDO) على عدم السفر إطلاقًا إلى المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني وصولًا إلى حدود محافظة النبطيّة، بما يشمل صور، الرشيديّة، والناقورة، إضافةً إلى محافظة النبطيّة وقضاء جزّين.
وفي البقاع، شملت التحذيرات مناطق شرقيّ مسارات وطرقات رئيسيّة، مع إدراج بلدات الخيام، حاصبيّا، راشيّا، المصنع، عنجر، ورياق، إلى جانب توصية بعدم السفر إلا للضرورة القصوى إلى نطاقات إضافيّة في البقاع الشمالي والشرقي، مع استثناءات محدودة لمدينة زحلة ومحيطها ضمن مسارات محدّدة.
بعلبك ـ الهرمل والشمال… حتى المعالم الأثريّة
وفي محافظة بعلبك ـ الهرمل، أوصت الخارجيّة البريطانيّة بعدم السفر إطلاقًا إلى نطاقات شرقيّة تشمل طريق زحلة ـ بعلبك وطريق بعلبك ـ القاع، «بما في ذلك معبد بعلبك»، إضافةً إلى مناطق شماليّة وشماليّة شرقيّة تمتدّ حتى حدود محافظة الشمال مرورًا بالهرمل وزويتيني.
أما في الشمال، فحذّرت من السفر إطلاقًا إلى مدينة طرابلس ضمن حدودها، ومن السفر إلا للضرورة القصوى إلى مناطق جبليّة وشماليّة شرقيّة محدّدة، كما نصحت بعدم السفر إطلاقًا إلى محافظة عكّار.
المخيّمات الفلسطينيّة… تحذير بلا استثناء
وأدرجت (FCDO) مخيّمات اللاجئين الفلسطينيّين الاثني عشر ضمن خانة «عدم السفر إطلاقًا»، داعيةً إلى مراجعة مواقعها عبر وكالة الأونروا، ومشدّدةً على ارتباط هذا التحذير بطبيعة النزاع والمخاطر الإقليميّة المحيطة.
خلفيّة أمنيّة قاتمة
وفي تبريرها للتحديث، أشارت الخارجيّة البريطانيّة إلى استمرار غارات جويّة وقصف مدفعيّ في مناطق متفرّقة من لبنان، لا سيّما قرب الحدود مع إسرائيل وفي سهل البقاع، مع تقارير عن ضربات في الجنوب ومحافظة النبطيّة شمال نهر الليطاني، مؤكّدة أنّه «لا يمكن استبعاد» امتداد الضربات إلى مناطق أخرى، بما فيها الضواحي الجنوبيّة لبيروت، داعيةً إلى متابعة التطوّرات عبر أكثر من مصدر لتقدير المخاطر وتغيّر وتيرة العمليات.