تشهدُ منطقةُ الشّرق الأوسط، منذ الثالث عشر من حزيران/يونيو الحالي، حربًا مباشرةً غيرَ مسبوقةٍ بين إيرانَ وإسرائيل. بدأتْ بالضّرباتِ الإسرائيليّةِ على المنشآتِ النّووية والعسكرية الإيرانيّة في إطارِ عملية “الأسد الصاعد”، وردّتْ عليها طهران بعملية “الوعد الصادق 3” التي استهدفتْ مواقعَ عسكريةً واستخباراتيةً إسرائيلية. وسطَ هذا التّصعيدِ المتسارع، تتزايدُ التّساؤلاتُ حولَ إمكانيّةِ دخولِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيّةِ الحربَ بشكلٍ مباشرٍ إلى جانبِ إسرائيل، وما قد ينجمُ عن ذلك من تداعياتٍ جيوسياسيةٍ واقتصاديةٍ وعسكريةٍ على المنطقةِ والعالم تكتسبُ هذه التّساؤلاتُ أهميّةً خاصةً في ظلّ التّصريحاتِ الأخيرةِ للرئيسِ الأميركيّ دونالد ترامب، التي تحدّث فيها عن “استسلامٍ غيرِ مشروطٍ” من إيران، ووصفَ المرشدَ الأعلى، علي خامنئي، بأنّه “هدفٌ سهل”، مؤكّدًا أنّ “صبرَ أميركا ينفد”. هذه التّصريحات، إلى جانبِ الاستعداداتِ العسكريّة الأميركيّةِ الملحوظةِ في المنطقة، تُشيرُ إلى احتماليّةٍ حقيقيّةٍ لتدخّلٍ عسكريٍّ أميركيٍّ مباشرٍ قد يُغيّرُ مجرى الصّراعِ بشكلٍ جذريّ. طبيعةُ المواجهة تخوضُ إيرانُ وإسرائيلُ، منذ ستةِ أيام، صراعًا مسلحًا مباشرًا يُمثّلُ تطورًا نوعيًّا في طبيعةِ العداءِ بين البلدين، الذي كانَ يقتصرُ سابقًا على حربِ الوكلاءِ والعملياتِ المحدودة. بدأتْ المواجهةُ بهجومٍ إسرائيليٍّ مباغتٍ استهدفَ عشراتِ المواقعِ الإيرانيّة، بما في ذلك منشآتٌ نوويةٌ رئيسيّةٌ ومواقعُ عسكريةٌ حيويّة، بزعمِ وقفِ توسّعِ البرنامجِ النّوويّ وبرنامجِ الصّواريخِ الإيرانيَّين. ردّتْ إيرانُ بإطلاقِ دفعاتٍ من الصّواريخِ الباليستيةِ والطّائراتِ المسيّرةِ نحوَ إسرائيل، مستهدفةً مواقعَ عسكريّةً واستخباراتيةً وسكنيّة. وقد أسفرتِ المواجهةُ حتّى الآن عن خسائرَ بشريّةٍ وماديّةٍ كبيرةٍ في الجانبين، حيثُ تُشيرُ الأرقامُ الإيرانيّةُ إلى مقتلِ 224 شخصًا وإصابةِ 1481 آخرين، بينما تتحدّثُ مصادرُ حقوقيّةٌ عن 585 قتيلًا إيرانيًّا. ومن الجانبِ الإسرائيليّ، أعلنتْ تل أبيب عن مقتلِ 24 شخصًا وإصابةِ 804 آخرين. الدّعمِ غيرِ المباشرِ والتّدخّلِ المحتمل من النّاحيةِ الاستراتيجيّة، تُعدّ هذه المواجهةُ نقطةَ تحوّلٍ في الصّراعِ الإقليمي، حيثُ انتقلَ من حربِ الوكلاءِ إلى مواجهةٍ مباشرةٍ بين القوّتَين الرّئيسيتَين في المنطقة. هذا التّطوّرُ يحملُ في طيّاته مخاطرَ تصعيدٍ أكبرَ قد يجرُّ قوىً إقليميّةً ودوليّةً أخرى إلى الصّراع. شهدتِ الأيامُ الأخيرةُ تصعيدًا ملحوظًا في الخطابِ الأميركيّ تجاهَ إيران، حيثُ أصدرَ الرئيسُ ترامب تصريحاتٍ قويةً تُشيرُ إلى احتماليّةِ تدخّلٍ عسكريٍّ مباشر. في تصريحاتهِ قال ترامب: “نَعلمُ تمامًا مكانَ اختباءِ ما يُسمّى بـ’المرشدِ الأعلى’، إنّه هدفٌ سهل، ولكنّه آمنٌ هناك – لن نقضي عليه، على الأقلّ ليسَ في الوقتِ الحالي، لكنّنا لا نريدُ إطلاقَ صواريخَ على المدنيّين أو الجنودِ الأميركيين. صبرُنا ينفد”. هذه التّصريحاتُ تُمثّلُ تحوّلًا في النّبرةِ الأميركيّةِ من الحذرِ إلى التّهديدِ المباشر، وتُشيرُ إلى أنّ الإدارةَ الأميركيّةَ تدرسُ بجدّيةٍ خيارَ التّدخّلِ العسكريّ. كما أنّ وصفَ خامنئي بأنّه “هدفٌ سهل” يحملُ دلالاتٍ تهديديّةً واضحةً قد تكونُ مقدّمةً لعملٍ عسكريّ. الاستعداداتُ العسكريّةُ الأميركيّة تشيرُ التّقاريرُ إلى أنّ الولاياتِ المتحدةَ تقومُ بتحضيراتٍ عسكريّةٍ مكثّفةٍ في المنطقة، حيثُ أرسلتْ إشاراتٍ للأميركيين المقيمين في القواعدِ العسكريّةِ بالخليجِ العربيّ، مثل البحرين وغيرها، بضرورةِ المغادرة. كما أصدرتْ وزارةُ الخارجيّةِ الأميركيّة أوامرَ لأهالي العاملين في السّفارةِ العراقيّةِ والعاملين غيرِ الأساسيين فيها بمغادرةِ العراق. هذه الإجراءاتُ تُظهر أنّ الولاياتِ المتحدةَ تستعدُّ لسيناريو تصعيدٍ كبيرٍ قد يشملُ استهدافَ المصالحِ الأميركيّةِ في المنطقة. كما تمّ رصدُ حركةِ طائراتٍ عسكريّةٍ أميركيّةٍ إلى أوروبا، ممّا أثارَ تساؤلاتٍ حولَ ما إذا كانَ ذلك تمهيدًا لضربةٍ ضدّ إيران. الدّعمُ الحالي على الرغمِ من عدمِ الإعلانِ عن تدخّلٍ عسكريٍّ مباشر، تُشاركُ الولاياتُ المتحدةُ في الصّراعِ بشكلٍ غيرِ مباشرٍ من خلالِ عدّةِ قنوات. تشملُ هذه المشاركةُ تبادلَ المعلوماتِ الاستخباراتيةِ مع إسرائيل، والتّنسيقَ اللوجستي، والعملياتِ السيبرانية، والدّعمَ السريَّ للضّرباتِ الإسرائيليّة. كما تُساهمُ السّفنُ الحربيّةُ الأميركيّةُ وطائراتُها ومنصّاتُ الصواريخِ المضادّةِ للصواريخِ المنصوبةِ في إسرائيلَ ومواقعَ أخرى في الشّرقِ الأوسط، في الدفاعِ عن إسرائيل. هذا الدّعمُ غيرُ المباشرِ يضعُ الولاياتِ المتحدةَ فعلًا كطرفٍ في الصّراع، وإن لم تُعلنْ ذلك رسميًّا. وقد يكونُ هذا الدّعمُ كافيًا لتبريرِ ردٍّ إيرانيٍّ ضدّ المصالحِ الأميركيّة، ممّا قد يجرُّ واشنطن إلى مواجهةٍ مباشرة. الرّأيُ العامُّ الأميركي تشيرُ استطلاعاتُ الرأي الحديثةُ، التي أجرتها شركةُ “يو غوف”، إلى أنّ الرأيَ العامَّ الأميركيَّ لا يُؤيّدُ التّدخّلَ العسكريّ في الصّراعِ الإيرانيّ-الإسرائيلي. فقط 16٪ من الأميركيين يؤيّدونَ تدخّلَ الولاياتِ المتحدةِ في الحرب، بينما يُعارضُ 60٪ ذلك. حتّى بين الجمهوريّين، الذين ينتمي إليهم ترامب، فإنّ 23٪ فقط يؤيّدون التّدخّلَ العسكريّ، بينما يُعارضُه 51٪. هذه الأرقامُ تُشيرُ إلى أنّ أيَّ قرارٍ بالتّدخّلِ العسكريّ سيواجهُ معارضةً شعبيّةً كبيرة، ممّا قد يُؤثّرُ على الحساباتِ السّياسيّةِ للإدارةِ الأميركيّة. في المقابل، يُؤيّدُ 61٪ من الجمهوريين التّفاوضَ مع إيران حولَ برنامجها النّووي، ممّا يُشيرُ إلى تفضيلِ الحلولِ الدبلوماسيّةِ على العسكريّة. يلعبُ اللّوبي الإسرائيليّ في الولاياتِ المتحدةِ دورًا مهمًّا في الضّغطِ من أجلِ التّدخّلِ العسكريّ. أيُّ مشروعِ قانونٍ لصالحِ إسرائيل يُمرَّرُ بنسبة 99.9٪ في الكونغرس الأميركيّ، وهناك تمويلاتٌ ضخمةٌ من داعمينَ صهاينة دعمتْ حملةَ ترامب مقابلَ ضماناتٍ باستمرارِ الدّعمِ غير المشروطِ لإسرائيل التّجربةُ العراقيّة يلعبُ تاريخُ التّدخّلِ الأميركيِّ في العراق عامَ 2003 دورًا مهمًّا في تشكيلِ الرّأيِ العامِّ الأميركيِّ تجاهَ أيّ تدخّلٍ عسكريٍّ جديدٍ في المنطقة. لا يزالُ الأميركيّونَ يذكرونَ التّجربةَ السلبيّةَ للحربِ العراقيّة، وكذبَ الادّعاءاتِ حولَ أسلحةِ الدّمارِ الشّاملِ، والتّكاليفِ الباهظةِ لتلك الحرب على الصّعيدَيْن البشريّ والماليّ. هذه الذّاكرةُ التّاريخيّةُ تجعلُ الأميركيّينَ أكثرَ حذرًا من أيّ مغامرةٍ عسكريّةٍ جديدة، خاصّةً عندما تكونُ مبرّرةً بادّعاءاتٍ حولَ أسلحةِ الدّمارِ الشّامل. وقد عبّرتْ مديرةُ الاستخباراتِ الوطنيّة، تولسي غابارد، عن هذا الحذر بقولها: “تقييماتُ الاستخباراتِ تُفيدُ بأنّ طهران لا تعملُ على تطويرِ سلاحٍ نوويّ، وأنّ المرشدَ الأعلى خامنئي لم يُوافقْ على استئنافِ برنامجِ الأسلحةِ النّوويةِ الذي تمّ تعليقه منذ عام 2003”. السّيناريوهاتُ المتوقَّعة السيناريو الأول: التّدخّلُ العسكريُّ المحدود في هذا السّيناريو، تقومُ الولاياتُ المتحدةُ بتدخّلٍ عسكريٍّ محدودٍ يركّزُ على أهدافٍ محدّدةٍ دونَ الانجرارِ إلى حربٍ شاملة. قد يشملُ هذا التّدخّلُ ضرباتٍ جويّةً دقيقةً ضدّ المنشآتِ النّوويّةِ الإيرانيّة، خاصّةً منشأةَ “فوردو” العميقة، التي تحتاجُ إلى القنابلِ الأميركيّةِ الخارقةِ للتحصينات من نوع GBU-57 لتدميرِها. الخصائصُ المتوقّعة لهذا السّيناريو: ضرباتٌ جويّةٌ خاطفةٌ ومركّزةٌ وعاليةُ الدّقّة باستخدامِ أحدثِ الأسلحةِ الأميركيّة؛ استهدافُ البنيةِ التّحتيّةِ النّوويّةِ والعسكريّةِ الإيرانيّةِ الحيويّة؛ تجنّبُ الأهدافِ المدنيّةِ لتقليلِ الخسائرِ البشريّة؛ مدّةٌ زمنيّةٌ محدودةٌ للعمليّاتِ لتجنّبِ التورّطِ في حربٍ طويلة. التّداعياتُ المحتملة:ستعتبرُ إيرانُ أيَّ ضربةٍ أميركيّةٍ، مهما كانتْ محدودة، بمثابةِ إعلانِ حرب، وستقومُ بتوسيعِ نطاقِ ردّها ليشملَ المصالحَ الأميركيّةَ في المنطقة. قد تستهدفُ القواعدَ العسكريّةَ الأميركيّةَ في الخليج، والبعثاتِ الدبلوماسيّة، ومعسكراتِ القوّاتِ الخاصّةِ في العراق. كما قد تُفعّلُ شبكةَ حلفائها الإقليميّين، بما في ذلك الميليشياتُ المواليةُ لها في العراق وسوريا. السيناريو الثاني: الحربُ الشّاملة في حالِ فشلِ السّيناريو الأوّل في تحقيقِ أهدافه، أو في حالِ تصاعدِ الرّدِّ الإيراني، قد تجدُ الولاياتُ المتحدةُ نفسَها منجرّةً إلى حربٍ شاملةٍ مع إيران، وهذا يُمثّلُ أسوأَ الاحتمالاتِ وأكثرَها تدميرًا. خصائصُ الحربِ الشّاملة: استخدامٌ كاملٌ للقوّةِ العسكريّةِ الأميركيّة، بما في ذلك القوّاتُ البريّة؛
في قلب لوس أنجلوس، تشهد شوارع المدينة منذ خمسة أيام مواجهات عنيفة لم تشهدها منذ سنوات. ما بدأ كمداهمات لإنفاذ قوانين الهجرة تحول إلى أزمة سياسية واجتماعية معقدة، تضع أسئلة جوهرية حول حدود السلطة الفيدرالية وحقوق المهاجرين ودور الحكومات المحلية في مواجهة السياسات الفيدرالية منذ فجر السادس من يونيو/حزيران الجاري، والمدينة تعيش على وقع أصوات القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، بينما تتصاعد المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن. الأحداث التي بدأت بمداهمات “عسكرية الطابع” لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة (ICE) تطورت لتصبح اختباراً حقيقياً لقوة الحكومة الفيدرالية في مواجهة المقاومة المحلية. اليوم، تنتشر في شوارع وسط لوس أنجلوس أكثر من 2400 عنصر من القوات الفيدرالية، بما في ذلك 1700 من الحرس الوطني و700 من مشاة البحرية، في مشهد يذكر بحالات الطوارئ الوطنية أكثر منه بعمليات إنفاذ قوانين الهجرة التقليدية. الشرارة الأولى في ساعات الفجر من يوم الجمعة، بدأت واحدة من أكبر عمليات إنفاذ قوانين الهجرة في تاريخ لوس أنجلوس الحديث. شاركت في العملية أربع وكالات فيدرالية: ICE، ووزارة الأمن الداخلي، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وإدارة مكافحة المخدرات. ما ميز هذه العملية كان الطابع العسكري الواضح. وصل العملاء في قوافل من سيارات الدفع الرباعي السوداء والمركبات المدرعة، مرتدين معدات تكتيكية وحاملين أسلحة هجومية. بعضهم كان يرتدي ملابس تمويه عسكرية، في مشهد يذكر بعمليات مكافحة الإرهاب أكثر من إنفاذ قوانين الهجرة المدنية. استهدفت العملية سبعة مواقع في أنحاء مختلفة من لوس أنجلوس، تم اختيارها لتشمل مناطق ذات كثافة عالية من المهاجرين. في منطقة ويستليك، داهم العملاء متجرين من سلسلة هوم ديبوت ومحل دونات ومركزين لعمال اليومية. لكن الهدف الأبرز كان شركة “أمبيانس أباريل” للملابس في منطقة الأزياء، التي توظف مئات العمال المهاجرين. استخدم القوات الأمنية طائرات بدون طيار للمراقبة، وأغلقوا شوارع كاملة، وأقاموا نقاط تفتيش مؤقتة. الأمر الأكثر إثارة للجدل كان تنفيذ الاعتقالات دون أوامر قضائية، وهو ما أكدته منظمة اتحاد الحريات المدنية الأمريكية. وفقاً للأرقام الرسمية، تم “الاعتقال الإداري” لـ44 شخصاً، لكن المدافعين عن حقوق المهاجرين يقدرون العدد بين 70 و80 شخصاً. من بين المعتقلين كان ديفيد هويرتا، رئيس نقابة عمال الخدمات في كاليفورنيا، الذي أصيب أثناء العملية. أصبحت الأحداث رمزاً للانقسام العميق حول الهجرة والسلطة الفيدرالية, استطلاعات الرأي أظهرت انقساماً حاداً: 78% من الجمهوريين يؤيدون الإجراءات، مقابل 82% من الديمقراطيين يعارضونها من السلمية إلى المواجهة لم تمر ساعات قليلة حتى بدأت أخبار المداهمات تنتشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي. في عصر الجمعة، تجمع مئات الأشخاص خارج مبنى إدوارد ر. رويبال الفيدرالي في احتجاج عفوي سرعان ما تحول إلى مواجهة مفتوحة. الاحتجاج الأولي كان سلمياً، حيث تجمع المتظاهرون يطالبون بالإفراج عن المعتقلين. لكن الوضع تصاعد عندما حاول بعضهم حصار مداخل المبنى لمنع خروج مركبات ICE. التصعيد الحقيقي بدأ عندما قام متظاهرون برش شعارات مناهضة لـ ICE على جدران المبنى الفيدرالي. في حوالي السابعة مساءً، أعلنت شرطة لوس أنجلوس الاحتجاج “تجمعاً غير قانوني”، ونشرت عناصر مكافحة الشغب. تم إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، بينما أطلقت قوات الأمن كرات الفلفل والرصاص المطاطي. الاستجابة من المتظاهرين لم تكن أقل عنفاً، حيث بدأ بعضهم بإلقاء الحجارة وزجاجات المياه والألعاب النارية. تحولت شوارع وسط لوس أنجلوس إلى ساحة معركة حقيقية. السبت والأحد شهدا تصاعداً أكبر. المتظاهرون نجحوا في الوصول إلى الطريق السريع 101 وأغلقوه لساعات. كما قام بعضهم بإحراق سيارات “وايمو” ذاتية القيادة في عمل رمزي يعكس الغضب من النظام. بحلول نهاية عطلة نهاية الأسبوع، اعتقلت السلطات 56 شخصاً على الأقل. منظمة “بن أمريكا” وثقت 27 اعتداءً على صحفيين، أبرزها إصابة الصحفية الأسترالية لورين توماسي برصاصة مطاطية رغم كونها محددة بوضوح كصحفية. عندما تصبح المدينة ساحة معركة بحلول صباح الاثنين، وقع الرئيس ترامب مذكرة رئاسية تأمر بنشر 2000 عنصر إضافي من الحرس الوطني، مضاعفاً القوة العسكرية في المدينة. وزير الدفاع أعلن أيضاً عن تفعيل 700 عنصر من مشاة البحرية. الأمر الأكثر إثارة للجدل كان تهديدات توم هولمان، “قيصر الحدود”، لحاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم وعمدة لوس أنجلوس كارين باس بالاعتقال إذا عرقلوا عمليات نشر القوات. رد نيوسوم كان تحدياً مباشراً: “توم، اعتقلني. هيا بنا”. الحاكم وصف التهديدات بأنها “خطوة نحو الاستبداد”. ترامب دعم تهديدات هولمان، محذراً من أن “أي محاولة لعرقلة العمليات ستواجه بالقوة الكاملة للقانون الفيدرالي”. هذا التصعيد انعكس على الأرض في شوارع لوس أنجلوس، حيث تبنت القوات الفيدرالية تكتيكات أكثر عدوانية. في منطقة “ليتل طوكيو”، شهدت ليلة الاثنين مواجهات عنيفة بين أكثر من ألف متظاهر وقوات الأمن. المشاهد كانت مذهلة: خطوط من الجنود في معدات مكافحة الشغب تتقدم في تشكيلات عسكرية، بينما تحلق فوقهم مروحيات الشرطة. انتشرت الاحتجاجات إلى مدن أخرى: سان فرانسيسكو (150 معتقلاً)، ونيويورك وأتلانتا وسياتل ودالاس. وزارة الأمن الداخلي أعلنت “حالة تأهب قصوى” في عدة مدن، ووضعت قوات إضافية في حالة استنفار. كاليفورنيا تتحدى واشنطن يوم الثلاثاء شهد خطوة قانونية جريئة عندما رفع نيوسوم والمدعي العام للولاية دعوى قضائية فيدرالية ضد ترامب ووزير الدفاع، يطالبان بإعلان عدم دستورية أمر تفعيل الحرس الوطني. الدعوى تستند إلى حجج دستورية تتعلق بحدود السلطة الفيدرالية وحقوق الولايات. المحامون يجادلون بأن قانون “بوس كوميتاتوس” لعام 1878، الذي يحظر استخدام القوات المسلحة لإنفاذ القانون المحلي، قد تم انتهاكه. عمدة لوس أنجلوس وصفت ما يحدث بأنه “تجربة” تقوم بها الحكومة الفيدرالية، و”حالة اختبار” لسلب السلطة من الحكومات المحلية. مجلس المدينة أصدر بياناً مشتركاً يدين المداهمات. شرطة لوس أنجلوس اتخذت موقفاً حذراً من التعاون مع القوات الفيدرالية، مما خلق “حرباً باردة” بين السلطات المحلية والفيدرالية في الشوارع. تقف لوس أنجلوس اليوم كرمز لأمريكا في مفترق طرق. الخيارات القادمة ستحدد مستقبل الديمقراطية الأمريكية أمريكا المنقسمة بعد خمسة أيام من المواجهات، تبرز أحداث لوس أنجلوس كمرآة للانقسامات العميقة في أمريكا. ما بدأ كعملية إنفاذ قوانين تحول إلى صراع وجودي حول طبيعة الهوية الأمريكية وحدود السلطة الحكومية. الأرقام مؤلمة: أكثر من 120 معتقلاً، وعشرات المصابين، و27 اعتداءً على الصحفيين، وخسائر اقتصادية بعشرات الملايين. لكن العمق الحقيقي للأزمة يكمن في الصراع بين رؤيتين متناقضتين لأمريكا: رؤية تؤمن بالتعددية والشمولية، وأخرى تؤكد على الأمن والنظام. الإدارة الفيدرالية تقدم نفسها كحامية للقانون في مواجهة “الفوضى” المحلية. الحكومات المحلية تدافع عن رؤية مختلفة تؤكد على التسامح والتعددية الثقافية. هذا الصراع ليس جديداً، لكن حدته الحالية وطبيعته العسكرية تضعه في سياق تاريخي خاص. ما نشهده اختبار حقيقي لمرونة النظام الديمقراطي الأمريكي. في عالم يشهد صعود الحركات الاستبدادية، تقدم هذه الأحداث نموذجاً لكيفية تحول الخلافات السياسية إلى مواجهات وجودية. لكن المقاومة المؤسسية والشعبية تُظهر أن آليات الدفاع الديمقراطي لا تزال تعمل. المستقبل يحمل تحديات كبيرة. المعركة القضائية قد تستمر لسنوات وتصل للمحكمة العليا. سياسياً، ستصبح الأحداث قضية مركزية في
في خضم المشهد السياسي الأمريكي المتقلب، برز مصطلح “الوايت ووك” (White Woke) كظاهرة ثقافية وسياسية مثيرة للجدل، تحولت من مفهوم للوعي الاجتماعي إلى أداة سياسية قوية في يد الرئيس دونالد ترامب وحلفائه