يَنقُلُ زوّارٌ ممّنِ التقوا النائبَ جُبران باسيل في الآونةِ الأخيرة، عنه، عند الحديثِ عن دائرةِ «صيدا–جزّين» في الانتخاباتِ النيابيّةِ المقبلة، حِرصَهُ الشديدَ على بذلِ كلِّ المُستطاع لإنجاحِ أملِ أبو زيد في هذا الاستحقاق. فكلُّ «هَمِّ» باسيل أن «يُقطِّع» أمل، بأيِّ الطُّرقِ المضمونة، ولهذه الغايةِ بات هناك تصوّرٌ مُتقدِّمٌ لدى ماكينةِ «التيّارِ العونيّ» من ترْكيباتِ التحالفاتِ وخريطةِ الطريقِ الواجبِ اتّباعُها. في هذا الإطار، تكشِفُ مصادرٌ مُتابِعةٌ لصحيفة “البوست” أنَّ التقارُبَ والتناغُمَ الواضحَ بين أبو زيد وإبراهيم عازار لا يعني بالضرورةِ حسمَ التحالفِ الانتخابيِّ بينهما، بل إنَّ المصلحةَ قد تفرِضُ الترشّحَ ضمنَ لائحتينِ مُنفصلتَيْن. وأنَّ بعضَ «اللاهثين» الصيداويّين من وراءِ الكواليسِ لِتركيبةٍ جزّينيّةٍ تُحقِّقُ أوهامَهُمُ ستصطدِم بالأنانيّةُ العونيّةُ التي لا تُراعِي إلّا مصالحَها الآنيّةَ الضيّقة. في الإطارِ نفسِه، يُؤكِّدُ مُتابِعون أنَّ «العونيّين» يتعاملون مع الانتخاباتِ اليوم وفقَ مبدأ «مَن لا مبدأَ له»، أي إنَّ الغايةَ تُبرِّرُ الوسيلةَ «على القِطعة»، وهم يتربّصونَ لإيجادِ «رافعةٍ» صيداويّةٍ تُستَخدَمُ كجسرِ عبورٍ نحوَ إيصالِ مُرشّحِهم إلى الكرسيِّ النيابيّ، تُستَخدَمُ كمَطيّةٍ قبل أن تُنسى وكأنّها لم تكن. لكنَّ «الصيداويّين» اليوم باتوا أكثرَ إلمامًا بحقيقةِ «العونيّين» بعدما اختبروهم في أكثرَ من موضع، واكتشَفوا رأيَهُمُ الفعليَّ حيالَ سكّانِ «ساحلِ جزّين»، كما يُسمّونها في «عنتريّاتٍ» بائدة. اهتمامُ باسيل الخاصّ والشديد بإنجاحِ أملِ أبو زيد يأتي من اعتباراتٍ أبعد من مجرّد المقعد الجزّيني. فالرجل يُمثّل بالنسبة لباسيل عنصرًا أساسيًّا في ترميمِ النفوذِ المسيحيّ في الدائرة، وركيزةً ماليّة–سياسيّة يحتاجها «التيّار» في أيّ معركةٍ مقبلة، خصوصًا في ظلّ التراجع الذي أصابَ حضوره الشعبيّ. كما أنَّ أبو زيد يُشكّل واجهةً “مقبولةً” لدى جزءٍ من القوى المحليّة والمرجعيات الصيداوية، ما يجعلُ نجاحَهُ مدخلًا لإعادة تفعيل شبكةِ التحالفات التي خسرها التيار بسبب سوء سياساته تباعًا خلال السنوات الأخيرة. لذلك يرى باسيل في فوزِ أبو زيد معركةَ «وجودٍ» لا مجرّد استحقاقٍ انتخابيّ، ومحاولةً لإثبات أنَّ التيّار لا يزال قادرًا على هندسةِ النتائج في جزّين، مهما تبدّلت التحالفات وموازين القوى.
في هذا التوقيت بالتحديد، فإن كلَّ ما يتعلّق بآلِ الحريري، أو أيَّ خبرٍ يصدرُ عنهم أو يتصلُ بهم مهما بلغ من الحجمِ والثقلِ ولو حتى الخفّة، يتحوّل “حدثًا”. إنّه الفراغُ السياسيُّ في بلادِ الهشاشة، لا سيما عند الطائفةِ السُّنيّة، وعلى أبوابِ التحضيرِ للانتخاباتِ النيابيّةِ المقبلة. الكلّ يترقّب، في السياسةِ كما في المجتمعِ والاقتصادِ وعالمِ المالِ والأعمال، ما ستقوله “الحريريّةُ السياسيّة” في القادمِ من الأيام، مهما تبدّلتِ الظروفُ والوقائع. شائعة “الرسالة السعودية” مؤخرًا، تداولت وسائلُ إعلامٍ محليّةٌ أخبارًا عن «رسالةٍ سعوديّة» جديدةٍ وُجّهت إلى سعد الحريري بالمباشر، تمثّلت في “تجميدِ عملِ شركةٍ حديثةٍ أسّسها نجلُه حسام في الرياض”، وهو ما جرى التسويقُ له باعتبارِه قد يشكّل بابًا لإعادةِ استئنافِ العلاقة، بحسب ما نُشر.جرى تقديمُ الخبر كأنّه مؤشّرٌ حاسمٌ على مسارِ العلاقة بين المملكةِ والحريري، بل ذهب البعضُ إلى اعتبارِ أن “الحَرَم” المفروضَ على الحريري بات يشملُ الأصلَ والفروع، ويصيبُ كلَّ ما يمتّ بصِلةٍ سياسيّةٍ إليه في لبنان.إيقاعُ الخبر كان سريعًا، مُضخّمًا، ومحمّلًا بالإيحاءات… تمامًا كما تُحبّ الساحةُ اللبنانية. شركةُ حسام سعد الحريري التي قيل إنها “حديثة” عمرَها يتجاوز 4 سنوات، وهي شركةٌ أجنبية بمكتب تمثيلي في المملكة تُعنى بتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات لا تجميد ولا رسائلمصادرُ سياسيّةٌ مطّلعةٌ أكّدت لصحيفةِ “البوست” أنه لا تجميدَ، لا منعَ، ولا حتى إشارةً سلبيّة. حسام سعد الحريري لا يزال يزاولُ أعمالَه في المملكة عبر شركتَين لا واحدة، وعلى كاملِ أراضي السعودية، بشكلٍ طبيعيٍّ واعتياديّ.وبحسب عارفين، فالشركةُ التي قيل إنها “حديثة” ليست كذلك؛ بل إن عمرَها يتجاوز 4 سنوات. وهي شركةٌ تُعنى بتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، افتُتح لها فرعٌ تمثيليٌّ في السعودية منذ مدة وفق الأصولِ المتَّبعة في المملكة للشركاتِ الأجنبية. أمّا الشركةُ الثانيةُ التي يمتلكها حسام فهي متخصصة في مجالِ الإنشاءات والبناء، وهي كذلك تعمل بلا أيّ عوائق، لم تتعرّض لضغط، ولا لمضايقة، ولا حتى لإشارةٍ صغيرة يمكن تفسيرُها على أنها “غضبةٌ سعوديّة” أو “رسالةٌ مبطّنة” موجّهة لسعد الحريري أو لما يمثّله سياسيًّا. بين روايةٍ تُنفخ في بيروت، ووقائعَ براغماتيّةٍ في الرياض، يظلّ اسمُ الحريري، مهما ابتعد عن الأضواء والمسافات، قادرًا على تحريكِ المشهد ولو بلا كلمةٍ تصدرُ عنه.
لَم تَتَّضِحْ حتّى الآنَ الحقيقةُ الدّامغةُ للإشكالِ الّذي وقعَ منذ يومينِ على الكورنيشِ البحريِّ المُؤدّي إلى سوقِ السَّمكِ في مدينةِ صيدا، بينَ بائعي بَسْطاتِ السَّمكِ (الخارجيِّ) وعناصرِ الشُّرطةِ البلديّة.ومَهْما تَكُنِ الأسبابُ، ومَهْما تَختلِفِ التأويلاتُ والتَّبريراتُ، فالأكيدُ أنَّ طريقةَ المُعالجةِ تُظهِرُ “خِفّةً” وقِلّةَ خِبرةٍ في التَّعاطي بأمورِ الشَّأنِ العام، والتي تُبرِزُ هشاشةَ هذا المجلسِ البلديِّ في كلِّ مَحطّةٍ يُصادِفُها. يمكنُ أن يُقالَ الكثيرُ فيما حصل، لكنَّ من الصَّعبِ أن تَستوعِبَ وأن تتقبَّلَ أنَّ رئيسَ البلديّةِ مُصطفى حجازي، الّذي لَم يَنجحْ حتّى مساءِ أمسِ في مُعالجةِ المشكلةِ واحتوائِها، قرَّرَ أن يترُكَ البلدَ في هذا الوَضعِ المُتشنِّجِ والمُوتَّر، ويُسافرَ إلى كَنَدا للمُشاركةِ في مؤتمرٍ نأملُ ألّا يكونَ عن السَّمَنْدَلِ النَّهريِّ وكيفيّةِ تَزاوُجِه! أَيُعقَلُ أن يترُكَ مسؤولٌ موقعَهُ في هذا التوقيتِ الحَسّاس، الّذي لا تزالُ فيهِ الدِّماءُ على الإسفلتِ والسَّمَكُ في الطَّريق؟ وفي وقتٍ يقولُ مُطَّلِعونَ إنَّ ما حصلَ مع أصحابِ بَسْطاتِ السَّمكِ، مُرشَّحٌ لأن يحصلَ مع أشخاصٍ وجهاتٍ “تَغلي” بسببِ استنسابيّةِ تطبيقِ القانونِ وفقَ رؤيةِ عضوٍ مُحدَّدٍ في البلديّة دونَ غيره.