تشهد مدينة صيدا منذ نحو أسبوع تحرّكات أمنية متفرّقة لضبط فوضى الدراجات النارية المنتشرة في شوارعها. فقد نفّذت القوى الأمنية حواجز ميدانية أفضت إلى احتجاز عدد من الدراجات، بينها دراجات كانت متوقفة قرب مدارس وجامعات، وذلك على مدى يومين متتاليين خطوات محدودة في موازاة ذلك، رفعت الشرطة البلدية لافتات في محيط الملعب البلدي تُحذّر من توقيف الدراجات النارية على الأرصفة تحت طائلة الحجز.ويشير مصدر مقرّب من الشرطة البلدية إلى أنّ الأخيرة تنتظر تنسيقاً عملياً مع القوى الأمنية لبدء حجز الدراجات المخالفة في المنطقة.وعلى الرغم من أنّ هذا التحرّك يأتي بعد وعود انتخابية أطلقتها اللوائح البلدية بتنظيم سوق الدراجات النارية، فإن المدينة لم تشهد حتى الآن خطة شاملة أو إجراءات جذرية تحدّ من الفوضى التي خلّفت ضحايا وإصابات شبه يومية خلال السنوات الماضية. خلاف قانوني وصلاحيات يتداول ناشطون ومتابعون للشأن العام في صيدا رواية تتعلق بغياب رؤية موحّدة بين السلطات المحلية والمركزية. فبحسب مصادر، يُصرّ محافظ الجنوب منصور ضو على تطبيق قرار صادر عام 1999 يقضي بمنع سير الدراجات النارية داخل صيدا، وهو قرار اتُخذ بعد جريمة اغتيال القضاة الأربعة في قصر العدل.في المقابل، ترى بلدية صيدا أن الحل يكمن في تنفيذ قانون السير، ولا سيما ما يتعلق بتسجيل الدراجات والتزام السائقين بالخوذة واحترام القواعد المرورية. بداية الحل بإلغاء قرار 1999 عضو المجلس البلدي وائل قصب يؤكد لـ”البوست” أنّ الأزمة الاقتصادية دفعت شريحة واسعة من المواطنين لاستخدام الدراجات النارية للتنقّل، فيما اعتمدت شركات تجارية كثيرة عليها في عملها.ويلفت إلى أنّ غياب خطة واضحة وارتفاع كلفة التسجيل جعلا كثيرين يحجمون عن تسجيل دراجاتهم، ما أدى إلى انتشار الدراجات غير القانونية. ويضيف “أرى أن البداية تكون بإلغاء القرار الإداري المتخذ منذ 26 عاماً، والتشدّد في تنفيذ قانون السير الذي يحدّد شروط تسجيل وقيادة الدراجات. القانون يتيح للبلدية، بمؤازرة القوى الأمنية، تطبيق الإجراءات اللازمة أسوة بمناطق أخرى”.ويؤكد أن المشكلة ليست في رفض الناس للقانون، بل في حاجتهم للدراجات في ظل الظروف الاقتصادية القاسية، داعياً محافظ الجنوب إلى إلغاء القرار القديم، ووزير الداخلية أحمد الحجار إلى التدخل لتطبيق القانون. غياب التنسيق من جهته، يرى ناشطون في المجتمع المدني أنّ المشكلة الأساسية تكمن في غياب التنسيق بين الجهات المعنية، ما يساهم في استمرار الفوضى بدل العمل على تنظيمها.ويشدّد هؤلاء على ضرورة اعتماد مقاربة عملية تضمن استمرار حياة الناس وتطبيق القانون تدريجياً، من خلال تسجيل الدراجات والتزام معايير الأمان. أمام هذه الوقائع، تبقى صيدا ومحيطها أسيرة فوضى الدراجات النارية، بانتظار خطة عملية تشارك فيها بلدية صيدا والسلطات المركزية، بما يضمن حماية المواطنين ويؤمّن الحد الأدنى من النظام والسلامة. فهل يبادر وزير الداخلية إلى وضع إطار تنفيذي واضح، أم تبقى الإجراءات شكلية لا تتجاوز البيانات الإعلامية؟
بعيدًا عن الأضواء، في منزلٍ صار مرجعاً جامعًا في قضايا الشأن العام المتعلّقة بصيدا، تمت «الصُّلحة/المصلحة» بين رئيسِ دائرةٍ تنفيذية محلية وأحدِ أعضاء مجلسه النافذين/المُشاكسين، بعدما احتدمت الأمور بينهما على أكثر من صعيد خلال الفترة الماضية.وبحسب معلوماتٍ مُستقاة حصلت عليها «البوست»، فقد تمت المصالحة بين “مُتخاصمي الأمس”، بعد سلسلة محاولات قام بها عدد من الأصدقاء المشتركين، كان أحدهم مسؤولا محليا من خارج المدينة “على رأس معسّل”، بحيث اتفق المتخاصمان على مجموعةٍ من النقاط تُسجَّل كمكاسب للعضو النافذ.الطريف في الموضوع، أن جلسةُ «غَسْلِ القلوب» والمفاوضات بين الرجلين قد طالت، ما اضطُرَّ صاحبُ المكان إلى مغادرة منزله لارتباطه بمناسبة. المناقشات والاتفاقات التي أفضت إليها الجلسة ستظهرُ مفاعيلُها في أداء المجلس على صعيد المدينة قريباً، على أمل أن تصبَّ في مصلحة صيدا.
في إحدى اللقاءات التي جمعت رَهْطًا من فاعليات المدينة وأهلها ووافدين، يميلُ أحدُ الأقطاب الأثرياء على جليسِه بجانبه على الطاولة، يسألُه عن الشخص الذي أتاه يُلقي عليه التحيةَ بحرارة ويسأله عن حاله وأحوال عائلته… يتفاجأ الشخصُ الذي تمَّ سؤاله من قبل “القُطب الثري”، فيقول له، وعلاماتُ الدهشة باديةٌ على محيّاه: هذا عضوُ البلدية فلان… لقد كنتَ أنت أكبرَ داعمي لائحته (الأخفياء، من وراء ستار، جبناً) في المعركة الأخيرة. ألا تعرفه؟ لقد موّلت حملته وأوصلته إلى البلدية. يَنْصَدِمُ السائلُ من الإجابة، فلا يجدُ مفرًّا من الإحراج إلا أن يُكمِلَ قَضْمَ الجَزَر من صحن على الطاولة. هكذا تُدارُ المعاركُ الانتخابية في صيدا. داعمون لا يعرفون مَن يدعمون، ومدعومون لا يتعرفون على داعميهم إلا في المناسبات. أما ما يحكم العملية برمتها فغالبا ما تكون النَكَايَاتٍ السياسية، وحتى الشخصية، وأهواءِ نفوسٍ آخرُ هَمِّها المدينةُ وأهلُها ومشاكلها، ومَن يصلُ إلى الكرسي، وماذا يُقدِّم من بعد ذلك…