لم يعد ما يعيشه أهالي الشرحبيل في ضواحي صيدا مجرد أزمة خدماتية عابرة، بل بات إنذارًا حقيقيًا يهدد حق الناس في أبسط مقومات حياتهم: الماء. منطقة تعاني أصلًا من طريق ضيقة من مكسر العبد حتى “مثلث الخنقة”، فإذا بها تستيقظ على مشكلة أكبر وأخطر، مع إعلان توقف الشركة التي تزوّد مضخات المياه بالتيار الكهربائي، ما يضع آلاف العائلات أمام ساعات معدودة قبل أن يجفّ آخر ما يصل إلى خزاناتها. وكأنّ العطش بات يزحف ببطء نحو البيوت، بلا رادع، وبلا مسؤول يتحمل تبعات هذا الانهيار المتكرر. وكان أهالي الشرحبيل قد ارتضوا دفع مبلغ 8 دولارات لصاحب شركة المولد الخاص لتشغيل المضخات خارج فاتورة الاشتراك الشهرية للبيوت، إلا أن البلدية — بناء لشكاوى يقال إنها وردت إلى مصلحة مياه صيدا والجنوب — طلبت من صاحب المولد عدم تحصيل هذا المبلغ، ما اضطره للتوقف عن تزويد مولدات المضخات بمادة المازوت، ما يعني حكمًا قطع المياه والاكتفاء بالساعات التي ستؤمنها المصلحة التي أخذت على عاتقها توفير المازوت للمضخات. كلام لا ثقة فيه، فتعاطي المصلحة لا يعول عليه، والتجارب خير دليل. ليس الموضوع هنا موضوع إبراهيم مزهر ولا موضوع سامر العربي، ولا مبادرات فادي الكيلاني وغيره من حلول فردية تسجل بين فترة وأخرى لمعالجة مشكلة أكثر من 20 ألف صيداوي يسكنون المنطقة. الموضوع مسؤولية مصلحة مياه صيدا والجنوب وتأمين خط الخدمات لهذه المنطقة وتزويده بالتيار الدائم، ونقطة على السطر. موضوع لا يجب السكوت عنه بعد الآن، ولا يجب التراخي مع المتحكمين بمصلحة المياه للتعامل باستخفاف مع الأمن المائي للناس كما درجت العادة مرارًا وتكرارًا مع الزيارات والوعود والكلام الفارغ. وعلى نواب المدينة وفعالياتها وقواها كافة التحرك الفوري، لأن الموضوع بات ممجوجًا، ويحتاج لحلول جذرية.
توقّف مصدرٌ اقتصاديٌّ صيداويٌّ مُخضرَم عند خبرِ توقيعِ وزارةِ الطاقةِ السوريّةِ يومَ الخميسِ الماضي اتفاقيّاتٍ نهائيّةً مع تحالفِ شركاتٍ دوليّةٍ تقودُه شركةُ أورباكون القابضةُ القطريّةُ، لإنشاءِ وتشغيلِ محطّاتٍ لتوليدِ الكهرباءِ بقدرةٍ إجماليّةٍ تبلغُ 5000 ميغاواط، تتضمّنُ إنشاءَ أربعِ محطّاتِ توليدِ كهرباءَ جديدة، إضافةً إلى مشاريعِ طاقةٍ شمسيّةٍ موزّعةٍ على أربعةِ مواقع. وقالَ المصدر «تخيَّل أنَّ سوريا الخارجةَ للتوِّ من حربٍ مدمِّرةٍ كارثيّة، استطاعت في أقلَّ من عامٍ التوصّلَ إلى بدايةِ حلولٍ جذريّةٍ ومستدامةٍ لمشكلةِ عدمِ توفُّرِ الكهرباءِ التي عانتْ منها لسنوات، بينما نحنُ في صيدا لا نزالُ تحتَ رحمةِ أصحابِ المولّدات، أمثالِ بوجي والعكّاوي وغيرِهما، من دونِ أيِّ أفقٍ لحلِّ هذه المشكلةِ في المدى القريبِ أو حتى البعيد».
صعّدت مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة في الجنوب حملاتها الميدانية على أصحاب المولّدات الخاصة في مدينة صيدا وضواحيها، استجابةً لشكاوى المواطنين المتزايدة بشأن الفواتير التي تتجاوز التسعيرة الرسمية، وفرض رسوم اشتراك ثابتة بشكل مخالف للقانون. أسفرت الجولات التي نفذها مندوبو الوزارة، بمؤازرة من مديرية أمن الدولة، عن نتائج ملموسة، حيث تم: تنظيم ثلاثة محاضر ضبط في بلدة المية ومية، لتسعير الكيلوواط/ساعة بين 65 و75 سنتًا أمريكيًا، بما يخالف التسعيرة الرسمية. الحصول على تعهّدات خطّية من أصحاب 20 مولّدًا في حارة صيدا، تُلزمهم بتطبيق تسعيرة وزارة الطاقة والمياه ابتداءً من فواتير شهر أيلول. التسعيرة الرسمية لشهر أيلول حدّدت وزارة الطاقة والمياه التسعيرة الرسمية لشهر أيلول على النحو التالي: سعر الكيلوواط/ساعة: 30,267 ليرة لبنانية. رسوم الاشتراك الثابتة (داخل المدن): 5 أمبير: 385,000 ليرة لبنانية. 10 أمبير: 685,000 ليرة لبنانية. يُضاف مبلغ 300,000 ليرة لبنانية لكل 5 أمبير إضافية. من جانبها، أوضحت لجنة تنظيم قطاع المولدات في صيدا أن السعر قد يُعدّل ليصل إلى 36,000 ليرة للكيلوواط/ساعة إذا تجاوزت ساعات التغذية 17 ساعة يوميًا، وذلك وفقًا للآلية المعتمدة محليًا. تكرار الخلل في صيدا؟على الرغم من المتابعة المستمرة، كشف إحصاء بلدي أُجري عام 2021 عن وجود شبكة ضخمة تضم حوالي 87 مالكًا يديرون 269 مولّدًا بطاقة إجمالية تقارب 110 آلاف KVA. هذه البنية الواسعة تجعل فرض الانضباط تحديًا كبيرًا ما لم يتم تفعيل الردع القضائي وتعميم تركيب العدادات بشكل منهجي.وفي هذا السياق، شدّد وزير الاقتصاد، عامر بساط، على أن المخالفات لن تقتصر على الغرامات الإدارية، بل ستُحال إلى المدعي العام المالي الذي يمتلك صلاحية التوقيف، المصادرة، وفرض غرامات مالية مرتفعة، مؤكدًا على ثلاثة شروط إلزامية لا تنازل عنها: العدادات، الفلاتر، والتسعيرة الرسمية.البلديات تتدخل أصدرت بلدية حارة صيدا بيانًا حازمًا دعت فيه أصحاب المولدات إلى الالتزام الفوري بالتسعيرة الرسمية، مؤكدةً أن أي مخالفة ستواجه بإجراءات قانونية صارمة بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والأجهزة الأمنية المعنية. إجراءات للحد من الفوضىساهمت عدة عوامل في ضبط الانفلات الذي كان سائدًا، أبرزها:1. استمرار الجولات الرقابية اليومية التي تنفذها مديرية حماية المستهلك.2. توسيع نطاق الإحالات إلى القضاء المالي بناءً على مذكرة وزير الاقتصاد.3. التنفيذ الحازم لتعميم رئاسة الحكومة رقم 2025/31.4. تفعيل البلديات للجانها المحلية لاستقبال الشكاوى وإحالة المخالفين فورًا. نصائح للمواطنين: لا تدفع خارج القانون لحماية حقك، اتبع الخطوات التالية: • قارن فاتورتك: تأكد من مطابقة سعر الكيلوواط/ساعة مع تسعيرة أيلول (30,267 ل.ل) والرسوم الثابتة المذكورة. أي زيادة أو “بدلات” إضافية هي مخالفة صريحة. • بلّغ فورًا: لا تتردد في تقديم شكوى عبر الخط الساخن لمديرية حماية المستهلك 1739، أو من خلال التطبيق الرسمي للوزارة. • احتفظ بالأدلة: صوّر قراءة العداد والفاتورة، ودوّن اسم صاحب المولّد. هذه الأدلة ضرورية لتسريع معالجة الشكوى.