عندما تتحوّلُ الجنّةُ إلى كابوسٍ إداريّ! في قلب البحر الأبيض المتوسط، تقبعُ جزيرةٌ صغيرةٌ تُلقّبُ بـ”مالديف لبنان”، لكن خلف هذا الوصف الشاعريّ تختبئُ فضيحةٌ إداريّةٌ تكشفُ عن تجاوزاتٍ صارخةٍ وإهمالٍ خطيرٍ يُهدّدُ سلامةَ المواطنين جزيرةُ “الزيرة” في صيدا، التي يصفُها كتابُ “الإنجازات” الصادرُ عن بلديّة المدينة بأنّها “مالديف لبنان”، تشهدُ اليومَ واقعاً مريراً يتناقضُ تماماً مع هذا الوصف الحالم. فبين المُخالفات القانونيّة الصارخة والإهمال الإداريّ المُفضوح، تحوّلت هذه الجنّةُ الطبيعيّةُ إلى مسرحٍ لفضيحةٍ حقيقيّةٍ تورّطت فيها بلديّةُ صيدا. الإنقاذُ مجرّدَ “دولاب هوائيّ”الصورةُ الأكثرُ إثارةً للصدمة تتجلّى في مشهدٍ مأساويٍّ وقع مؤخّراً على الشاطئ الشماليّ، حيث تعرّضت فتاةٌ للغرق وسط أمواجٍ عاتيةٍ، بينما “فريقُ الإنقاذ” المزعومُ لا يملكُ سوى دولاب سباحةٍ هوائيّ! يروي أحدُ الشهود العيان المشهدَ المروّعَ قائلاً: “مبارح لفتني مشهدٌ على المسبح الشعبيّ لمّا تعرّضت فتاةٌ للغرق بعيداً عن الشطّ بعض الشيء، حيث كانت هناك أمواجٌ وتيّاراتٌ لا بأس بها، وركض الشبابُ أعتقدُ أنّهم من فِرَق الإنقاذ، ولكنّ الشبابَ لا يملكون غيرَ دولاب سباحةٍ فقط!”هذا المشهدُ المأساويُّ يكشفُ عن حقيقةٍ صادمةٍ: كيف يُعقلُ أنّ فريقَ إنقاذٍ بحريٍّ لا يملكُ قارباً مطّاطيّاً أو “جيت سكي”، بل يعتمدُ على دولاب نفخٍ هوائيٍّ لإنقاذ الغرقى؟ تقاسُمُ الشاطئ بحسب الانتماء السياسيّفي مشهدٍ آخرَ يُثيرُ الاستياءَ، تتحوّلُ العقاراتُ المُحاذيةُ للشاطئ والتي تملكُها البلديّةُ إلى “كعكةٍ” يتقاسمُها أشخاصٌ ينتمون لقوىً سياسيّةٍ في المدينة، مقابلَ مبالغَ ماليّةٍ غيرِ قانونيّةٍ توصفُ زوراً بأنّها “لنقل النفايات من المسبح”. هذا الواقعُ المريرُ يكشفُ عن شبكةٍ معقّدةٍ من المصالح والمُحاصصة السياسيّة، حيث تتحوّلُ الطاولاتُ والكراسي على الشاطئ إلى “غنائمَ” توزّعُ بحسب الانتماء السياسيّ، بعيداً عن أيّ معاييرَ قانونيّةٍ أو شفافيّة. في اعترافٍ صادمٍ، يقولُ مسؤولُ اللجنة الإعلاميّة في البلديّة أحمد شعيب: نعيشُ في صيدا أمراً واقعاً مفروضاً علينا، ونحن لا نسعى للصدام مع أحدٍ، هناك قوىً أمرٍ واقعٍ فرضت نفسَها علينا وعودٌ جوفاءُ وخططٌ وهميّةمنذ سنواتٍ والمجلسُ البلديُّ يعدُ بإعداد خطّةٍ لتلزيم العقارات التي تملكُها البلديّةُ، وكلَّ عامٍ يجري تبريرُ عدم القيام بهذه المهمّة بحججٍ واهيةٍ تتراوحُ بين “شروط قانون الشراء العامّ” و”التأخّر في تقديم الطلبات”. وكلَّ عامٍ هناك وعدٌ جديدٌ للعام القادم، في مُسلسلٍ لا ينتهي من الوعود الجوفاء والخطط الوهميّة.الأمرُ الأكثرُ إثارةً للجدل يكمنُ في مُخالفةٍ صارخةٍ لقرار وزارة الأشغال العامّة والنقل رقم ١٢٤٥/ص، الذي حدّدَ شروطاً واضحةً لإدارة الجزيرة والشاطئ. فبينما ينصُّ القرارُ على شروطٍ محدّدةٍ وصارمةٍ، نجدُ أنّ الواقعَ على الأرض يتناقضُ تماماً مع هذه الشروط. الشروطُ المُخالفةُ بوقاحة:أوّلاً: بينما يشترطُ القرارُ عدمَ إقامة أيّ إنشاءاتٍ أو خيمٍ، نجدُ الجزيرةَ مليئةً بالإنشاءات والخيم المُقامة تحت نظر البلديّة وجمعيّة أصدقاء الزيرة.ثانياً: يسمحُ القرارُ بتركيز كوخٍ واحدٍ فقط لتأمين الخدمات الأساسيّة، لكنّ الواقعَ يشهدُ إقامةَ مطاعمَ ومقاهٍ متعدّدةٍ على الجزيرة.ثالثاً: يُلزمُ القرارُ البلديّةَ بتعيين حارسٍ أو أكثر، وهذا الشرطُ غيرُ مؤمّنٍ إطلاقاً.رابعاً: يُحدّدُ القرارُ أنّ العملَ يستمرُّ حتّى السادسة والنصف مساءً، لكنّ السهراتِ تُقامُ هناك بشكلٍ مُخالفٍ للقانون، وعندما اتّصلَ أحدُ أعضاء المجلس البلديّ بخفر السواحل، منعَ “هاتفٌ سياسيٌّ” خفرَ السواحل من التحرّك! جمعيّةُ أصدقاء الزيرة: شريكٌ أم شاهدٌ على المُخالفات؟في هذا المشهد المُعقّد، تبرزُ جمعيّةُ أصدقاء الزيرة كلاعبٍ أساسيٍّ في إدارة الجزيرة. يوضّحُ عضوُ المجلس البلديّ وعضوُ الجمعيّة رامي بشاشة الوضعَ قائلاً: “قبل عام ٢٠١٦، جرى حديثٌ بأنّ وزارةَ الأشغال العامّة تسعى إلى تحويل جزيرة الزيرة إلى مَحميّةٍ، وهذا يعني أنّ الوصولَ إليها وزيارتَها سيخضعُ إلى شروطٍ محدّدةٍ.”يُضيفُ بشاشة: “بسبب الحرب الأخيرة وتداعياتِها تأخّرنا كجمعيّة أصدقاء الزيرة بالطلب من البلديّة تكليفَنا بإدارة الجزيرة، وبعد الانتخابات زُرنا الجزيرةَ وتبيّنَ أنّ كُلفةَ الإشراف عليها تصلُ إلى نحو ٢٥٠٠ دولارٍ أميركيٍّ شهريّاً.” اعترافاتٌ صادمةٌ من داخل البلديّةفي اعترافٍ صادمٍ، يقولُ مسؤولُ اللجنة الإعلاميّة والشفافيّة في المجلس البلديّ أحمد شعيب: “نعيشُ في صيدا أمراً واقعاً مفروضاً علينا، ونحن لا نسعى للصدام مع أحدٍ، هناك قوىً أمرٍ واقعٍ فرضت نفسَها علينا.”يُضيفُ شعيب في تصريحٍ يكشفُ عن عجز البلديّة: “لقد وصلنا إلى المجلس البلديّ متأخّرين، ولا أعتقدُ أنّنا نستطيعُ إجراءَ أيّ تغييرٍ هذا العام، لكن علينا العملُ لتأمين شروط التغيير في العام القادم.”هذا الاعترافُ يكشفُ عن حقيقةٍ مرّةٍ: بلديّةٌ تُديرُ أهمَّ المواقع السياحيّة في المدينة وهي عاجزةٌ عن فرض القانون أو تطبيق الشروط الأساسيّة للسلامة العامّة.يكشفُ شعيب عن كُلفةٍ باهظةٍ لتنظيف الجزيرة ونقل النفايات تبلغُ أكثرَ من ٨٠٠٠ دولارٍ خلال الموسم السياحيّ، مؤكّداً أنّ “البلديّةَ لا قدرةَ لها على تحمّل هذه الكُلفة.”هذا الرقمُ الصادمُ يطرحُ تساؤلاتٍ جدّيّةً حول جدوى استمرار البلديّة في إدارة موقعٍ لا تستطيعُ تحمّلَ كُلفة تنظيفه الأساسيّة، فكيف بتأمين معايير السلامة والخدمات المطلوبة؟ مصدر – تعليق بيانُ البلديّة: محاولةٌ يائسةٌ لتبرير الفشلفي محاولةٍ يائسةٍ لتبرير الفشل الذريع في إدارة الموقع، أصدرت بلديّةُ صيدا بياناً بعد حوادث الغرق المُتكرّرة، تُحاولُ فيه إلقاءَ اللوم على المواطنين بدلاً من الاعتراف بالتقصير الفادح في تأمين معايير السلامة.يقولُ البيانُ: “نظراً لحالة البحر غير الصالحة للسباحة يومَي السبت والأحد، طلبَ المُنقذون على شاطئ صيدا من الرُوّاد عدمَ السباحة، لكن للأسف بعضُهم أصرّ على ذلك.”هذا البيانُ يكشفُ عن منطقٍ مقلوبٍ: بدلاً من تحمّل المسؤوليّة عن عدم توفير معدّات الإنقاذ المُناسبة أو تطبيق شروط السلامة، تُلقي البلديّةُ اللومَ على المواطنين الذين يُمارسون حقّهم الطبيعيّ في السباحة! بلديّةٌ تطلبُ مسؤوليّاتٍ لا تستطيعُ تحمّلَهافي خُلاصة هذه الفضيحة المُدوّية، نجدُ أنفسَنا أمام بلديّةٍ تطلبُ من الوزارة تكليفَها بمهامٍ لا تستطيعُ القيامَ بها، ولا تستطيعُ تأمينَ شروط سلامة المواطنين، وتُغطّي على مُخالفاتٍ قانونيّةٍ ليست مُضطرّةً إليها.السؤالُ الذي يطرحُ نفسَه بقوّةٍ: لماذا تُصرُّ بلديّةُ صيدا على طلب تحمّل مسؤوليّاتٍ تفوقُ قُدراتِها الماليّةَ والإداريّةَ؟ وما هي المصالحُ الخفيّةُ وراء هذا الإصرار على إدارة موقعٍ بهذا الشكل المُخالف للقانون؟ الجوابُ واضحٌ: نحن أمام شبكةٍ معقّدةٍ من المصالح والمُحاصصة السياسيّة، حيث تتحوّلُ المواقعُ العامّةُ إلى "مزارعَ" خاصّةٍ يتقاسمُها النافذون، بعيداً عن أيّ اعتباراتٍ قانونيّةٍ أو مصلحةٍ عامّة. في النهاية، يبقى المواطنُ هو الضحيّةُ الأكبرُ لهذه الفوضى الإداريّة، سواءً كان سائحاً يبحثُ عن الاستجمام في "مالديف لبنان"، أو مواطناً يُواجهُ خطرَ الغرق بسبب غياب معدّات الإنقاذ المُناسبة.
يرى بهاء الحريري في نفسه أنه من طينة مختلفة عن السياسيين في لبنان. يرى أنه أهم من أخيه وأقوى وقادر أن يكون “المخلص”. على واقعيته في عالم “البزنس”، يعاني الرجل من “لوثة” مستدامة وافتقار للعمق الفكري، محروماً بالمقابل من الكاريزما الشعبوية التي يمكن أن تعوض النقص في هكذا مواضع.
أزمةٌ من نوعٍ مستجدٍّ تشهدها صيدا، عاصمةُ الجنوب، حيث تتزايدُ صعوبةُ العثورِ على شققٍ للإيجار بسببِ إقبالٍ متزايدٍ من أهالي الجنوب اللبناني على استئجارِ المساكن تحسُّبًا لاحتمال اندلاعِ جولةِ حربٍ ثانيةٍ مع إسرائيل. هذه الظاهرة، التي برزت بوضوح في الأشهر الأخيرة، تعكس حالةَ القلقِ والترقّبِ التي تسودُ المنطقةَ الحدودية، وتُلقي بظلالها على الحياةِ اليوميةِ للصيداويين الذين يجدون أنفسهم في مواجهةِ تحدياتٍ جديدة، بحيث إنّ المدينةَ تتفلّت من أيديهم الخطة الطارئةوفقًا لمصادرٍ صيداويةٍ محلية، بدأ مواطنون من أهل الجنوب باستئجارِ منازلَ في مناطقَ كانوا قد نزحوا إليها خلال الحربِ الإسرائيليةِ الأخيرةِ على لبنان، وذلك تحسُّبًا لأيِّ نزوحٍ جديدٍ قد يطرأ في حالِ اندلاعِ أيِّ توتر. هذه “الخطة الطارئة”، كما يُطلق عليها محليًّا، تشمل استئجارَ شققٍ في صيدا والمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى مناطقَ أخرى خارجَ نطاقِ الخطرِ المباشر.تتميّزُ عملياتُ الإيجار هذه بعدةِ خصائصَ مهمة. أولًا، تتمُّ وفقَ أسعارٍ معقولةٍ وغيرِ مرتفعةٍ مقارنةً بالأوضاعِ الطارئةِ السابقة. ثانيًا، الشققُ التي يتمُّ استئجارُها لا يُجرى إشغالُها بشكلٍ مستمر، بل تُحفَظ كخيارٍ احتياطيٍّ للطوارئ. تأثير الحرب الأخيرةلفهمِ الوضعِ الحالي، لا بد من العودة إلى تداعياتِ الحربِ الإسرائيليةِ الأخيرةِ على لبنان. فقد أدّت الحربُ، منذ اندلاعها في 23 تشرين الأول 2023، إلى تهجيرِ أكثرَ من 120,000 شخصٍ من جنوبِ لبنان، اضطرّوا إلى تركِ منازلِهم وقُراهم وأراضيهم بحثًا عن الأمان. تفاقمت حركةُ النزوحِ القسري بشكلٍ كبير مع تصاعدِ الاعتداءات اعتبارًا من 23 أيلول 2024، حيث تجاوز عددُ النازحين المليونَ شخص. واجه النازحون أوضاعًا مأساويةً في ظلِّ خطةِ طوارئَ غيرِ فعّالةٍ افتقرت إلى مقاربةٍ شاملةٍ لتأمينِ المأوى. وبسببِ عدمِ كفايةِ مراكزِ الإيواءِ الرسميةِ وتجهيزِها، اضطرّ جزءٌ كبيرٌ من النازحين (حوالي 38%) إلى اللجوء إلى الاستئجارِ ببدلاتٍ مرتفعة، مما استنزف مدّخراتِهم بشكلٍ واضح. فيما تمكّن ما يقارب نصفَ النازحين من تأمينِ مساكنَ عبرَ الإقامةِ مع العائلة أو الأصدقاء أو المعارف. الوضع الحاليتشهد صيدا اليوم تأثيراتٍ مباشرةً لهذه الأزمة. فالمدينة، التي كانت إحدى المحطاتِ الرئيسيةِ لاستقبالِ النازحين خلال الحرب، تواجه الآن ضغطًا جديدًا على سوقِ الإيجارات. شهدت المدينة خلال فترةِ النزوح زحمةَ سيرٍ خانقة باتجاه بيروت نتيجةَ حركةِ النزوحِ الكثيفة، كما تمَّ تقديمُ حتى 1000 وجبةٍ يوميًّا للمحتاجين في صيدا والجنوب.تجمُّعُ صيدا القديمة، الذي يُعتبر من أكثرِ الأحياءِ اكتظاظًا بالسكان ويضم حوالي 7000 عائلة فلسطينية، يشهدُ ضغطًا إضافيًّا على المواردِ المتاحة. كما يواجهُ مخيمُ عين الحلوة في صيدا أزمةَ كهرباءٍ حادّة تتفاقم يومًا بعد يوم، مما يُضيف تحدّيًا إضافيًّا للوضعِ العام في المدينة. مدينة تستحق أن تكون مركزًا معرفيًا متطورًا.. تحوّلت إلى حي فقير رقميًا التأثير على الصيداويينيواجه الصيداويون اليوم تحدّياتٍ جديدةً في العثورِ على سكنٍ مناسبٍ وبأسعارٍ معقولة. فالطلبُ المتزايدُ من أهالي الجنوب على الشققِ في المدينة يُؤدّي إلى ارتفاعٍ تدريجيٍّ كبيرٍ في الأسعار، رغم أن هذا الارتفاع لا يزالُ ضمنَ حدودٍ معقولةٍ مقارنةً بأزماتٍ سابقة. إلا أن هذا الوضع يخلقُ منافسةً إضافيةً في سوقٍ محدودٍ أصلًا.كما يُؤثّر هذا الوضع على الحياةِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ في المدينة. فوجودُ شققٍ مستأجرةٍ ولكن غيرِ مسكونةٍ بشكلٍ دائم، يُؤثّر على الحيويةِ التجاريةِ في بعضِ الأحياء، كما يخلقُ نوعًا من عدمِ الاستقرارِ في التركيبةِ السكانيةِ للمدينة. السياق الأمني والسياسييأتي هذا التحرّك في ظلّ استمرارِ التوتّر على الحدودِ الجنوبية. فعلى الرغمِ من دخولِ اتفاقِ وقفِ إطلاقِ النار حيّزَ التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024، إلا أنّ إسرائيل ارتكبت أكثرَ من 3 آلاف خرقٍ للاتفاق، وفقًا للسلطاتِ اللبنانية. هذه الانتهاكاتُ المستمرة تُبقي أهالي الجنوب في حالةِ ترقّبٍ وقلقٍ دائم، مما يدفعهم إلى اتخاذِ إجراءاتٍ احترازيةٍ مثلَ استئجارِ شققٍ في مناطقَ آمنة.الحربُ الأخيرة أسفرت عن أكثرَ من 4000 قتيلٍ ونحو 17 ألفَ جريح، وتسبّبت في خسائرَ تُقدَّر بـ15 مليارَ دولارٍ للبنان. هذه الأرقامُ المأساويةُ تُفسّر حالةَ الخوفِ والحذرِ التي تسودُ أهالي الجنوب، وتُبرّر سعيَهم لإيجادِ بدائلَ سكنيةٍ آمنة. احتلال من نوع جديد لصيدا التحديات والآفاق المستقبليةتواجه صيدا تحدياتٍ متعددةً في التعاملِ مع هذا الوضعِ الجديد. فمن جهةٍ، تحتاج المدينةُ إلى تطويرِ قدراتِها الاستيعابية لمواجهةِ الطلبِ المتزايد على السكن. ومن جهةٍ أخرى، تحتاج إلى ضمانِ عدمِ تأثّرِ الصيداويين سلبًا بهذا الوضع.كما تحتاج السلطاتُ المحلية إلى وضعِ خططِ طوارئَ أكثرَ فعاليةً للتعاملِ مع أيِّ موجةِ نزوحٍ مستقبلية، بحيث تكونُ أكثرَ تنظيمًا وعدالةً من التجربةِ السابقة. هذا يتطلّب تعاونًا وثيقًا بين البلدياتِ والحكومةِ المركزيةِ والمنظماتِ الدولية. تعكسُ أزمةُ الإيجارِ الحاليةِ في صيدا واقعًا مؤلمًا يعيشه اللبنانيون، حيث أصبح التحسُّبُ للحرب جزءًا من التخطيطِ اليوميِّ للحياة. هذا الوضع يتطلّب حلولًا جذريةً تتجاوزُ مجرّدَ إدارةِ الأزمة إلى معالجةِ أسبابِها الجذرية، وأهمها تحقيقُ الاستقرارِ الأمنيِّ والسياسيِّ في المنطقة. في الوقتِ نفسه، تحتاج صيدا إلى دعمٍ خاصٍّ للتعاملِ مع هذه التحديات، سواءٌ من خلال تطويرِ البنيةِ التحتية، أو تقديمِ الدعمِ للصيداويين المتأثرين بهذا الوضع. فالمدينةُ التي لطالما كانت ملاذًا آمنًا لأهالي الجنوب، تستحق أن تحصلَ على الدعمِ اللازم لتستمرَّ في أداءِ هذا الدورِ الإنسانيِّ المهم، وأن يبقى فيها مكانٌ لأهلِها.