ساحة النجمة… قلب صيدا بين الماضي والحاضر وتطلعات المستقبل


تُعدُّ ساحة النجمة في مدينة صيدا اللبنانية أكثر من مجرد معلم جغرافي؛ إنها قلب المدينة النابض، ونقطة التقاءٍ حيوية تربط بين عبق صيدا القديمة وتوسُّعها الحديث. لطالما كانت هذه الساحة مركزًا للنشاط التجاري والاجتماعي، ومحورًا رئيسيًا لعمليات النقل العام، وشاهدًا على تاريخ المدينة وتطوراتها
تكتسب ساحة النجمة أهميتها من موقعها الاستراتيجي الذي يجعلها نقطة وصلٍ أساسية. هي ليست مجرد مساحة عامة، بل هي رمزٌ للمدينة، ومكانٌ تتجمع فيه مختلف الفعاليات والأحداث، سواء كانت احتفالات أو تظاهرات شعبية. هذا الدور المحوري يجعل أيَّ نقاشٍ حول تطويرها أمرًا ذا أهمية قصوى لسكان صيدا وزوارها.
جهود التطوير
شهدت ساحة النجمة في السنوات الماضية عدّة محاولات لتطويرها وتحسين مظهرها. ففي عام 2014، شهدت الساحة أعمالًا إنشائية تضمنت إعادة بناءٍ بتصميم جديد، وتقليص حجم المساحة المبنيّة وسط الساحة، وتوسيع الأرصفة، بالإضافة إلى إقامة بركةٍ ونافورة مياهٍ جديدة. هذه الجهود كانت تهدف إلى تزيين الساحة الرئيسية ومواكبة التطورات الحضرية.
في الآونة الأخيرة، وتحديدًا في أيار/مايو 2024، باشرت بلدية صيدا أعمال إعادة تأهيلٍ وصيانةٍ للوسطيات في ساحة النجمة، ضمن خطة أوسع لتشمل كافة الوسطيات في المدينة. هذه الأعمال تعكس الاهتمام المستمر بالحفاظ على جمالية الساحة ووظيفتها.
الدور المستقبلي والتحديات
على الرغم من جهود التطوير، لا يزال هناك ارتباكٌ ونقاشٌ مستمرٌّ حول الدور المستقبلي لساحة النجمة. يرى البعض ضرورة تطوير رؤية تصميمية شاملة للساحة ومحيطها، تأخذ بعين الاعتبار أهميتها كمركز حيوي يربط بين صيدا القديمة والحديثة. هذا النقاش يتجدد مع كل استحقاق بلدي، حيث تتضمن البرامج الانتخابية للمرشحين رؤى مختلفة لتطوير المدينة، والتي غالبًا ما تشمل ساحة النجمة.
من أبرز التحديات التي تواجه الساحة هي استخدامها المتكرّر كنقطة تجمعٍ للاحتجاجات والتظاهرات، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى قطع الطرقات وإعاقة حركة السير. هذه الأحداث، وإن كانت تعكس دور الساحة كمنبرٍ للتعبير الشعبي، إلا أنها تبرز الحاجة إلى إيجاد توازنٍ بين وظيفتها كساحة عامة حيوية ومركزٍ للمواصلات، وبين كونها مساحةً للتعبير السياسي والاجتماعي.
نحو ساحة متعددة الوظائف
النقاش حول مستقبل ساحة النجمة في صيدا يتجاوز مجرد التجميل السطحي ليشمل رؤًى أعمق حول وظيفتها ودورها في النسيج الحضري والاجتماعي للمدينة. تبرز عدّة اتجاهات ومقترحات تحليلية تهدف إلى تحويل الساحة إلى مساحة متعددة الوظائف، تجمع بين الأصالة التاريخية والحداثة، وتلبي احتياجات المجتمع المتغيرة.
تُشير بعض الرؤى إلى إمكانية تحويل ساحة النجمة إلى مركزٍ ثقافي واجتماعي حيوي. فبالإضافة إلى كونها نقطة التقاء، يمكن أن تستضيف الساحة فعالياتٍ ثقافية وفنية متنوعة، مثل المعارض الفنية، العروض الموسيقية، والأسواق الحرفية.
يهدف هذا التوجه إلى إحياء الساحة كفضاءٍ للتفاعل المجتمعي، وتعزيز الهوية الثقافية للمدينة. وقد تُساهم المبادرات المحلية، مثل تلك التي تقوم بها جمعيات المجتمع المدني، في تحقيق هذا الهدف من خلال تنظيم الأنشطة التي تجذب السكان والزوار على حدٍّ سواء. ويتطلّب تحويل الساحة إلى مركز ثقافي توفير بنية تحتية داعمة، مثل مساحات للعروض، ومقاعد مريحة، وإضاءة مناسبة، بالإضافة إلى برامج ثقافية منتظمة تجذب مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية.
تطوير البنية التحتية والنقل
تُعد ساحة النجمة محورًا رئيسيًا للنقل في صيدا، مما يفرض تحدياتٍ وفرصًا في آنٍ واحد. المقترحات المستقبلية تركز على تحسين تدفق حركة المرور وتنظيم مواقف السيارات، مع إعطاء الأولوية للمشاة ووسائل النقل العام. يمكن أن يشمل ذلك إعادة تصميم الطرق المحيطة بالساحة لتقليل الازدحام، وتوفير مواقف ذكية، وتشجيع استخدام وسائل النقل المستدامة.
كما أن هناك حاجةً ملحة لتطوير البنية التحتية، مثل شبكات الصرف الصحي، لضمان استدامة أي تطوير مستقبلي. إن تحقيق توازن بين حركة المركبات والمشاة أمرٌ بالغ الأهمية لضمان أن تظل الساحة مكانًا جذابًا وآمنًا للجميع.
الجوانب المعمارية والتصميم الحضري
تُشكّل الجوانب المعمارية والتصميم الحضري عنصرًا حاسمًا في أي خطة تطوير لساحة النجمة. يجب أن تحافظ التصاميم الجديدة على الطابع التاريخي للمدينة، مع دمج عناصر معمارية حديثة تُضفي لمسة عصرية. يمكن أن يشمل ذلك استخدام مواد بناءٍ محلية، وتصميم مساحات خضراء تساهم في تحسين جودة الهواء وتوفير أماكن للاسترخاء، بالإضافة إلى توفير إضاءة جمالية تُبرز جمال الساحة ليلًا. المقترحات التي تركز على تقليص المساحات المبنية وسط الساحة وتوسيع الأرصفة تعكس هذا التوجه نحو خلق مساحات عامة أكثر رحابة وجاذبية.
التحديات والفرص المستقبلية
على الرغم من الرؤى الطموحة، تواجه عملية تطوير ساحة النجمة تحديات متعددة. من أبرز هذه التحديات هو التوازن بين دور الساحة كفضاء عام للتعبير عن الرأي وبين وظيفتها كمركز حيوي للمدينة. فاستخدام الساحة المتكرر للاحتجاجات قد يعيق تنفيذ خطط التطوير ويؤثر على النشاط التجاري والاجتماعي. يتطلب التغلب على هذا التحدي حوارًا مجتمعيًا شاملًا يضم جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك البلدية، والتجار، والسكان، والناشطين، للوصول إلى حلول توافقية تضمن استمرارية وظائف الساحة المتعددة.
من ناحية أخرى، تُقدّم هذه التحديات فرصًا فريدة لإعادة تعريف دور الساحة. يمكن أن تُصبح ساحة النجمة نموذجًا للتنمية الحضرية المستدامة، حيث يتم دمج الحلول القائمة على الطبيعة والتوعية المجتمعية في خطط التطوير. كما أن البرامج الانتخابية للمرشحين للانتخابات البلدية تُظهر اهتمامًا متزايدًا بتطوير المدينة، بما في ذلك ساحة النجمة، مما يُشير إلى وجود إرادة سياسية لدفع عجلة التنمية، لكن تبقى العِبرة في التنفيذ…
لتحقيق الكلام…
كيف تتحقق خطة شاملة لتطوير ساحة النجمة في صيدا؟
إشراك المجتمع: يجب أن تكون عملية التخطيط والتصميم تشاركية، تضمن مشاركة واسعة من جميع شرائح المجتمع الصيداوي، بما في ذلك التجار، والسكان، والخبراء في التخطيط الحضري والهندسة المعمارية.
دراسات جدوى شاملة: إجراء دراسات جدوى اقتصادية واجتماعية وبيئية لتقييم تأثيرات أي مشروع تطوير مقترح على المدى القصير والطويل.
التخطيط المرن: وضع خطط تطوير مرنة تسمح بالتكيف مع التغيرات المستقبلية والاحتياجات المتجددة للمدينة.
الاستفادة من التجارب الدولية: دراسة تجارب المدن الأخرى التي نجحت في تطوير ساحاتها المركزية، والاستفادة من الدروس المستفادة.
الترويج السياحي: دمج ساحة النجمة ضمن الخطط الترويجية السياحية للمدينة، مع إبراز أهميتها التاريخية والثقافية.
