تحميل

إبحث

في الصميم

نكبة الـ”Pubs”… الصيداويّون بلا خمّارات!

Pubs closing

في صيدا “شيفرات” معيّنة، “كودات” لا يُجيد فهمها أو فكّ رموزها إلّا أهلها. على سبيل المثال، يُعامل وجود زجاجة خمر على طاولةٍ لعائلةٍ صيداوية في مطعم داخل المدينة كأنّه جريمة، أو من الكبائر التي لا يجرؤ أحد على اقترافها. بينما يصبح المشهد نفسه أمرًا عاديًّا إنْ حصل خارج النطاق الجغرافي للمدينة، لا سيّما في قرى وبلدات شرق صيدا.
فما الذي يتغيّر اليوم في هذه السرديّة؟

“جميزة صيداوية”

خلال العقود الأربعة الأخيرة، فرض الواقع بأنّ صيدا مدينة “محافظة” لا تقبل بالخمور في مطاعمها ومقاهيها، نمطًا من التعاطي الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، أدّى إلى نشوء عدد من المطاعم والمقاهي والملاهي الليليّة (Pubs) في القرى والبلدات المجاورة، التي تحوّلت مقصدًا للراغبين باحتساء الكحول من أهل المدينة وغيرهم.

بلدة الصالحية، إحدى بلدات شرق صيدا، تحوّلت خلال الأعوام الماضية إلى ما يشبه “جميْزة صيداويّة”، حيث فُتِح فيها نحو ستة مطاعم، وضَمّت محالّ لبيع الخمور ومشتقّاتها.
اللافت أنّ المستثمرين الذين أقدموا على فتح هذه المطاعم كانوا من الصيداويّين أنفسهم، الذين لا يستطيعون بيع الخمور داخل مدينتهم، فلجأوا إلى خارجها لتحقيق ذلك. فنمت هذه الظاهرة، وازداد عدد المطاعم من اثنين إلى ستّة حاليًّا.

مع وصول الرئيس الجديد، جوزف دندن، تنتهج البلديّة نمطًا جديدًا في التعاطي مع  الصيداويّين، يتمثّل في التضييق عليهم، تحت ذريعة مخالفات وتعدّيات ارتكبوها في مطاعمهم وحتى منازلهم يسطّرها "مسّاح" تابع للبلدية

بعد الانتخابات

لكن، وبعد الانتخابات البلديّة الأخيرة، يبدو أن هذا الواقع مُقبل على تغيير. فمع وصول رئيس البلديّة الجديد للصالحيّة، جوزف دندن، إلى سدّة الرئاسة، تنتهج البلديّة نمطًا جديدًا في التعاطي مع  الصيداويّين، يتمثّل في التضييق عليهم، تحت ذريعة مخالفات وتعدّيات ارتكبوها في مطاعمهم وحتى منازلهم، حيث وجّهت البلديّة إليهم إنذارات لإزالة هذه المخالفات.

في الظاهر، يبدو الأمر قانونيًّا بحتًا، لكنّ مصادر مطّلعة تؤكّد أن الاستهداف يطال أصحاب المطاعم من الصيداويّين تحديدًا، لأنّ الحديث عن “مخالفات” يُراد إزالتها، رغم مرور أكثر من عشرين عامًا على وجودها، يعني عمليًّا دفع هذه المشاريع إلى الإقفال وترك البلدة.
وقد نُقِل عن لسان دندن نفسه في أكثر من مناسبة، قوله إنّه ينوي “إقفال جميع الكراخانات التي فُتِحت في البلدة، وإنّه لن يسمح بتحوّلها إلى جميزة ثانية، بل سيُعيدها سيرتها الأولى، حين كان أهلها يعبّئون الماء من عين البلدة على الحمير!”.

ما يُثير القلق في أوساط الصيداويين اليوم، هو أنّ الحديث عن “مخالفات” لا يسري إلّا عليهم، بدليل أنّ أحد الملاهي الليليّة في البلدة لم يجرؤ رئيس البلديّة على “الدقّ فيه”، بسبب ارتباطه المباشر بقوًى سياسيّة نافذة، فيما الاستقواء يجري فقط على الحلقة الأضعف: الصيداويّين.

انزعاج الأهالي

في المقابل، تؤكّد مصادر من البلدة والبلديّة أنّ الأمر لا يحتمل تأويلات طائفيّة أو دينية، مشيرةً إلى أنّ مطعمًا معروفًا ومملوكًا لمسيحيّين من أبناء البلدة، تمّ توجيه إنذارات مماثلة له بإزالة المخالفات، وأن الرئيس الجديد ماضٍ في تنفيذ القانون إلى “الآخر” مهما تعرض لضغوطات.

كما يؤكد متابعون أنّ هناك شكاوى جدّيّة تتزايد من قبل الأهالي بسبب تحوّل البلدة الهادئة إلى “مرتع” للسكارى والحفلات الصاخبة حتى ساعات الفجر الأولى، بما يؤدّي إلى إزعاج الناس وتعكير صفو حياتهم اليوميّة.

مهما تكن النتيجة النهائيّة التي ستؤول إليها هذه الوقائع المستجدّة، فإنّ تغييرًا ما يلوح في أفق المشهد الذي كان سائدًا في الصالحيّة، والذي اعتاد الصيداويّون التأقلم معه. لكن هذا التغيير لا تزال ملامحه النهائيّة غامضة، فهل سيبحث "السهيرة" عن مرتع جديد؟
al-Post
العلامات

يعجبك ايضاً

أترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تفعيل التنبيهات نعم كلا