تحميل

إبحث

في الصميم

مجاعة العصر الحديث… غزّة

gaza_hunger_symbolic

المجاعة تفتك بالفلسطينيين في غزة، والعالم ينام متخما من الجشع والانانية واللامبالاة. كلنا مجرمون وليست إسرائيل فحسب. تشهد غزّة اليوم أزمة جوعٍ حادّة وصلت إلى مستويات كارثية غير مسبوقة، حيث كشفت تقارير دولية حديثة عن وفاة أكثر من 1000 شخص أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية منذ نهاية أيّار/مايو الماضي، فيما يواجه ثلث سكان القطاع، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، ظروفَ جوعٍ شديدة لا يأكلون خلالها لعدّة أيّام متتالية

يكشف مدير التأهّب والاستجابة للطوارئ في برنامج الغذاء العالمي، روس سميث، أنّ “أزمة الجوع في غزّة وصلت إلى مستويات جديدة ومذهلة من اليأس، حيث لا يأكل ثلث السكان لعدّة أيام متتالية”. وأضاف أن ربع السكان، أي حوالي 525 ألف شخص، يواجهون ظروف مجاعة حقيقية، بينما يُعاني نحو 100 ألف امرأة وطفل من سوء التغذية الحادّ الشديد، ويحتاجون إلى علاجٍ عاجل.

ارتفاع حاد 

تشير الإحصائيات الرسمية إلى تسجيل 101 حالة وفاة بسبب المجاعة حتى 22 تموز/يوليو 2025، منها 80 طفلاً، وفقاً لوزارة الصحة في غزّة. كما أعلنت الوزارة عن وفاة 15 شخصاً خلال الـ24 ساعة الماضية بسبب الجوع وسوء التغذية، ممّا يعكس التدهور المستمر في الوضع الإنساني.

في تطوّرٍ مُثيرٍ للقلق، أفادت تقارير أُممية بأنّ أكثر من 1000 شخص قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على الطعام منذ نهاية أيار 2025، منهم 875 شخصاً قُتلوا في مواقع “مؤسسة غزّة الإنسانية”، و288 شخصاً بالقرب من مواقع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى.

كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عن تشخيص أكثر من 5800 طفل بسوء التغذية في شهر حزيران وحده، ممّا يشير إلى تفاقم الأزمة بشكل مستمر. وأظهرت التقارير أن معدلات سوء التغذية عند الأطفال تضاعفت منذ آذار 2025، حيث يُعاني واحد من كل عشرة أطفال في عيادات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من سوء التغذية.

في شمال غزّة، أعلن مدير مستشفى الشفاء، الدكتور أبو سلمية، عن تسجيل 79 حالة وفاة بسبب سوء التغذية خلال الشهر الماضي فقط في المستشفى، مما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يشهدها القطاع.

قيود على توزيع المساعدات

يُواجه توزيع المساعدات الإنسانية في غزّة تحديات جسيمة، حيث أفاد برنامج الغذاء العالمي بأنه لا يستطيع نقل سوى أقل من 10% من المساعدات المطلوبة منذ منتصف أيار، مقارنةً بأكثر من 200 شاحنة يومياً كان ينقلها خلال فترة وقف إطلاق النار السابقة.

وأكّد سميث أن البرنامج يملك مخزوناً كافياً خارج غزّة لإطعام جميع السكان لمدة شهرين، “إذا تمكّنّا من الحصول على وقفٍ لإطلاق النار وإذا تمكّنّا من التحرّك”. وأضاف أن المنظمات الإنسانية تحتاج إلى “شروط تشغيل دنيا” تشمل نقاط عبورٍ آمنة إلى غزّة، وطرُقاً مناسبة داخل القطاع، ودخول أكثر من 100 شاحنة مساعدات يومياً.

تُشير التقديرات الأممية إلى أنّ 90% من سكان غزّة، البالغ عددهم 2.1 مليون شخص، قد نزحوا من منازلهم، ويفتقرون إلى الوصول الكافي للمأوى والغذاء والخدمات الطبية المنقذة للحياة، في ظل استمرار الأعمال العدائية

التجويع كسلاح
وجّهت منظمة العفو الدولية، في تقرير نُشر في 3 تموز 2025، اتهامات خطيرة بشأن “استمرار استخدام تجويع المدنيين كسلاح حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة المحتلّ، وفرض ظروف معيشية محسوبة بشكلٍ متعمّد لإحداث دمارهم الجسدي، كجزء من الإبادة الجماعية المستمرة”.

وقالت أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “هذه الخسارة المدمّرة اليومية للأرواح، بينما يحاول الفلسطينيون اليائسون جمع المساعدات، هي نتيجة لاستهدافهم المتعمّد من قبل القوات الإسرائيلية، والنتيجة المتوقعة لأساليب التوزيع غير المسؤولة والمميتة”.

وأضافت المنظمة أنّ الأدلة التي جمعتها تُظهر كيف استمرّت إسرائيل، على مدى أكثر من شهر منذ إدخال نظام توزيع المساعدات العسكري، في استخدام تجويع المدنيين كسلاح حرب، وفرض ظروف معيشية تهدف إلى إحداث الدمار الجسدي للفلسطينيين.

gaza_children_hope
العار الملاحق للجميع

موظّفو الأمم المتحدة يفقدون الوعي
في تطوّر صادم، أفادت تقارير أُممية يوم 22 تموز 2025 بأن موظّفي الأمم المتحدة في غزّة بدأوا يفقدون الوعي من الجوع والإرهاق خلال الـ48 ساعة الماضية، ممّا يعكس حجم الأزمة الإنسانية التي تطال حتى العاملين في المجال الإنساني.

وأصدرت وكالة “الأونروا” بياناً تطالب فيه برفع الحصار فوراً، والسماح لها بإدخال الغذاء والدواء، مؤكّدةً أن لديها ما يكفي من المواد الغذائية لتغطية احتياجات سكان القطاع لأكثر من ثلاثة أشهر، لكنها “مخزّنة في مستودعات على الجانب المصري من معبر رفح”، ولا يمكن إدخالها بسبب الحصار المفروض.

تمثّل الأزمة الإنسانية في غزّة اختباراً حقيقياً للمجتمع الدولي وقدرته على حماية المدنيين ومنع استخدام الجوع كسلاح حرب. وبينما تتواصل المعاناة، تتزايد الحاجة الملحّة لتدخّلٍ دولي فعّال يضمن وصول المساعدات دون عوائق، ويحمي حياة المدنيين، خاصة الأطفال والنساء الذين يُشكّلون الفئة الأكثر تضرراً من هذه الكارثة.
al-Post
العلامات

يعجبك ايضاً

أترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تفعيل التنبيهات نعم كلا