أرادَ هارونُ الرَّشيد، خامسُ الخُلفاءِ العبّاسيينَ وأشهرُهم، أن يسمعَ كتاب”الموطّأ” من الإمامِ مالكٍ مباشرة. فأرسل إليه يطلبُه للحضورِ إلى مجلسِه في دارِ الخلافة ليُعلّمه ويُحدِّثه. إلّا أنّ الإمامَ مالكً رفض الحضور، وقال لرسولِ الخليفة: “إنَّ العِلْمَ يُؤتى إليه ولا يأتي.”
ولمّا وصلَ ردُّ مالكٍ إلى الرشيد، لم يَغضب، بل تفهَّم موقفَه وقرَّر أن يذهبَ بنفسه إلى بيتِ مالكٍ لطلبِ العلم. وعندما وصلَ إلى هناك، تأخَّر الإمامُ في الخروجِ إليه، ممّا أثارَ عتابَ هارونَ. فأوضح له مالكٌ سببَ تأخّرِه قائلاً: “لمّا علِمتُ أنك أتيتَ لبابي لا تريدُ إلا العِلْم، ذهبتُ فاغتسلتُ، ولبستُ ثيابي، وتهيّأتُ كي أُلقي عليك من سنّةِ رسولِ الله وأنا على أحسنِ حال.”
هذا ما حصل اليوم تمامًا في دارِ الإفتاءِ في مدينة صيدا، بين الشيخِ سليمِ سوسان وكلٍّ من بهيّة الحريري وعبد الرحمن البزري وأسامة سعد، وعامر معطِي، دون أن ننسى أبو جمال طبعًا… لكنّهم لم يسمحوا لعمر مرجان ومخاتير من المدينة وشخصيات أخرى دينية ومدنية بالدخول لحضور اجتماع فاعليات صيدا، ربما قبلَ دخولِهِم الإسلامَ، أو تحت عباءة الطاعة السياسية.