منذ أن بدأتِ السلطات المعنية التشدُّدَ في فرضِ تسعيرةِ المولّداتِ الخاصّة بحسبِ التسعيرةِ الرسميّة الصادرةِ عن الوزارة، ظهرتْ إلى الواجهةِ في منطقةِ الشَّرحبيل بقُسطا – قضاء صيدا مشكلةٌ جديدةٌ تُكبِّدُ كاهلَ المواطنينَ وأهالي المنطقةِ أعباءً إضافيّة، تمثّلتْ بإقدامِ أحد “مُحتكري” أصحابِ المولّداتِ في المنطقةِ على زيادةِ رسمٍ بقيمة 8$ على خدمةِ تشغيلِ مضخّاتِ المياهِ التي تُوصلُ إلى البيوت. يأتي هذا الأمرُ كردٍّ غيرِ مباشرٍ على ما فُرضَ عليه من التقيّدِ بالسِّعرِ الرسميّ، ما دفعهُ إلى التوقّفِ عن تزويدِ مضخات المياه بالتيّارِ الكهربائيِّ، والطلبِ من الأهالي دفعَ 8$ شهريًّا عن كلِّ منزل.هذا الأمرُ الذي يُلاقي رفضًا من المواطنين حاليًّا، سيفرضُ عليهم فعليًّا في النهاية دفعَ فاتورتينِ للمياهِ سنويًّا: واحدةً لمصلحةِ المياه، وأخرى لصاحبِ المولّدات. حقيقة المشكلة مع ضرورةِ الإشارةِ إلى أنّ جوهرَ مشكلةِ المياهِ في منطقةِ الشرحبيل لم يكنْ يومًا مجرّدَ تعرفةٍ أو رسمٍ يُضافُ إلى فاتورةِ أعباءِ المواطنِ الإضافيّة، بل إنّ لُبَّ الموضوع – بحسبِ متابعينَ للملف – يكمنُ في تجاهُلِ العملِ الجدّي على تأمينِ خطّ تغذيةٍ للمضخّات، أو ما يُعرفُ اصطلاحًا بـ”خطّ الخدمات”. وهو أمرٌ لا يتحمّله صاحبُ مولّدٍ أو مُبادرٌ طَموح، بل يقعُ على عاتقِ مصلحةِ المياهِ، التي من المفترضِ أن تُوجدَ حلًّا جذريًّا لا ترقيعيًّا، يطالُ حياةَ آلافِ العائلاتِ القاطنةِ في تلك المنطقة.
بعد عامين من الحربِ المفتوحةِ والعدوانِ المُجرَمِ على قطاعِ غزّة، لم يَعُدِ السؤال: مَن الذي أطلقَ النارَ أوّلًا، بل مَن الذي بقيَ واقفًا في النهاية.فالحربُ التي وعدتْ فيها إسرائيلُ شعبَها بـ«القضاءِ على حماس» تحوّلتْ إلى مأزقٍ تاريخيٍّ يُهدّد كيانَها من الداخل، ويُقلِبُ معادلاتِ القوّةِ التي أرستْها لعقود منذ اليوم الأوّل، بدتِ العمليةُ أكبرَ من مجرّدِ معركةٍ عسكريّة؛ كانت محاولةً لإعادةِ صياغةِ الشرقِ الأوسط عبرَ كسرِ إرادةِ غزّة، لكنها انتهتْ بانكسارِ المشروعِ الإسرائيليِّ نفسِه أمامَ صلابةِ خصمِه. الميدانِ وسقوطٌ المعنويّات على مدى عامين، استنزفتِ الحربُ جيشَ الاحتلالِ في معاركِ المدنِ والأنفاق، فانهارتْ أسطورةُ “الجيشِ الذي لا يُقهَر” على أبوابِ غزّة.لم يَعُد التفوّقُ التكنولوجيُّ قادرًا على حَسمِ المواجهة، إذ واجهَ الجنودُ مقاومةً مرِنةً، تتحرّك من تحتِ الأرضِ وتضرِبُ في كلِّ اتجاه.الآلافُ من القتلى والجرحى والمُعاقين تركوا ندبةً عميقةً في الوعي الإسرائيلي، ومعَهم تلاشتْ الثقةُ بين المؤسّسةِ العسكريّةِ والجمهورِ الذي اكتشفَ أنَّ الحربَ لم تحمِه، بل زادتْ من خوفِه.المجتمعُ الإسرائيليُّ اليومَ أكثرُ انقسامًا من أيِّ وقتٍ مضى، تتنازعُه الصراعاتُ السياسيّةُ والدينيّة، ويعيشُ حالةَ قلقٍ جماعيٍّ حولَ معنى “الأمن” في دولةٍ لم تَعُد قادرةً على حمايةِ نفسِها من الداخل. انهيارٌ اقتصاديٌّ وسياسيّ اقتصاديًّا، دفعتْ إسرائيلُ ثمنًا باهظًا تجاوز 150 مليار دولار خلال عامين، وسطَ تراجعِ الاستثمارِ وهروبِ الشركاتِ وتقلّصِ احتياطيِّ النقد.ترافقَ ذلك مع تصاعدِ الهجرةِ المعاكسةِ لليهود، وتراجعٍ حادٍّ في معدّلاتِ الهجرةِ الوافدة، في مؤشِّرٍ واضحٍ على اهتزازِ الإيمانِ بمستقبلِ “الدولةِ الآمنة”.أمّا سياسيًّا، فقد تحوّلتِ الحربُ إلى عبءٍ ثقيلٍ على القيادةِ الإسرائيليّةِ التي تُواجهُ أزمةَ شرعيّةٍ غيرَ مسبوقة، وتراجعًا في ثقةِ الشارعِ بالحكومةِ والجيشِ معًا.تفكّكتِ الجبهةُ الداخليّة، وتحوّل الخطابُ من “الانتصارِ الحتميِّ” إلى “إدارةِ الخسائر”، فيما تآكلتْ صورةُ إسرائيلَ كقوّةٍ مستقرّةٍ تقودُ المنطقة. لم تُحدِّدِ الحربُ حدودًا جديدةً للأرض، بل حدودًا جديدةً للوعي: أنَّ القوّةَ بلا قضيّة تنهزم، وأنَّ الوطنَ حينَ يؤمنُ بنفسِه، لا يُهزَمُ أبدًا انكشافٌ دبلوماسيٌّ وعزلةٌ دوليّة لم تكتفِ الحربُ بإشعالِ الميدان، بل أشعلتْ غضبَ العالم.انهارتْ صورةُ إسرائيلَ في الرأيِ العامِّ الغربيّ، وامتلأتِ العواصمُ الأوروبيّةُ بالمظاهراتِ المُندِّدةِ بالدمارِ في غزّة.تراجعتْ علاقاتُها مع دولٍ كانت تُعَدّ ركائزَ في مشروعِ التطبيعِ الإقليميّ، وتعطّلتْ اتفاقاتٌ كانت تُسوَّقُ كـ”سلامٍ اقتصاديٍّ جديد”.حتى في الولاياتِ المتحدة، الحليفِ الأوثق، باتتْ إسرائيلُ تُواجهُ انتقاداتٍ علنيّةً من داخلِ الكونغرس والجامعاتِ والشارعِ الأميركيّ.لقد خسرتْ إسرائيلُ أكثرَ من دعمِ العالم، خسرتْ قدرتَها على تبريرِ أفعالِها. فشلُ تصفيةِ القضيّةِ الفلسطينيّة كانتِ الحربُ بالنسبةِ لإسرائيلَ فرصةً ذهبيّةً لتصفيةِ القضيّةِ الفلسطينيّةِ تحتَ غطاءِ “الأمنِ القوميّ”، لكنَّ النتيجةَ جاءتْ معاكسةً تمامًا.عاد الصوتُ الفلسطينيُّ إلى واجهةِ العالم، وتحوّلتْ غزّةُ من منطقةٍ محاصَرةٍ إلى رمزٍ عالميٍّ للمقاومةِ والصمود.المنابرُ الدوليّة، والمنظّماتُ الإنسانيّة، وحتى الرأيُ العامُّ الغربيّ، وجّهوا البوصلةَ مُجدّدًا نحو أصلِ الصراع: الاحتلال.بهذا المعنى، لم تفشلْ إسرائيلُ في القضاءِ على حركة، بل فشلتْ في طَمسِ قضيّة. وعلى الرغمِ من الدمارِ الهائلِ والمعاناة، خرجتْ حماسُ من الحربِ بعد عامين وهي ما زالت واقفةً، تُديرُ الميدانَ وتفرضُ معادلةً جديدةً للردع.لم يكن انتصارُها عسكريًّا تقليديًّا، بل سياسيًّا ومعنويًّا، إذ استطاعتْ أن تُبقي جذوةَ المقاومةِ حيّةً، وتمنعَ إسرائيلَ من إعلانِ أيِّ نصرٍ واضح.حماسُ لم تربحِ الحربَ بالمعنى الكلاسيكيّ، لكنها انتصرتْ بمعنى الاستمرار، وهذا وحدَه كافٍ لتغييرِ ميزانِ الردعِ في المنطقة. هزيمةُ المشروعِ لا المعركة الخسارةُ الإسرائيليّةُ لم تكن فقط في الميدان، بل في جوهرِ مشروعِها القائمِ على الردعِ والتفوّقِ والسيطرة.فقدتْ إسرائيلُ هيبتَها، وتصدّعتْ صورتُها كقوّةٍ قادرةٍ على فرضِ واقعٍ جديد، وأصبحتْ مثالًا حيًّا على أنَّ التكنولوجيا لا تحسمُ معركةً حينَ تفتقدُ الرؤية.الحربُ التي استمرّتْ عامين أنهكتْ جيشًا بأكمله، وعرّتْ بنيةً سياسيّةً متآكلة، وطرحتْ على المجتمعِ الإسرائيليِّ سؤالًا وجوديًّا غيرَ مسبوق:هل ما زالتْ هذه الدولةُ قادرةً على البقاءِ وسطَ بحرٍ من المقاومة؟ بعد عامين من النار، لم تنتصرْ إسرائيلُ رغمَ تفوّقِها، ولم تُهزَمْ غزّةُ رغمَ جراحِها. النتيجةُ الأوضح أنَّ الردعَ الإسرائيليَّ سقط، وأنَّ الوعيَ الفلسطينيَّ انتصر. رَبِحتْ غزّةُ المعنى والكرامةَ والحقَّ في البقاء، فيما خسرتْ إسرائيلُ روايتَها وهيبتَها، وربّما آخرَ أوراقِها في معركةِ الصورةِ أمامَ العالم. وهكذا، لم تُحدِّدِ الحربُ حدودًا جديدةً للأرض، بل حدودًا جديدةً للوعي: أنَّ القوّةَ بلا قضيّة تنهزم، وأنَّ الوطنَ حينَ يؤمنُ بنفسِه، لا يُهزَمُ أبدًا.
في السنوات الأخيرة برز اسم الشيخ حسن مرعب في المشهدين الديني والإعلامي في لبنان. يقدّم نفسه بوصفه المفتّش العام المساعد في دار الفتوى، وإمام وخطيب جامع الإمام علي بن أبي طالب في بيروت، وهو تعريف يثبته على صفحاته الرسمية ويتداوله متابعوه بكثرة ترافق هذا التموضع المؤسسي مع حضور رقمي نشط عبر “فيسبوك” و”X” و”يوتيوب”، حيث ينشر خُطبه ومداخلاته ويعلّق على قضايا الساعة بصفته الشخصية. التباس وإثارة تختلف المصادر المفتوحة في بعض تفاصيل السيرة: مواقع متخصصة بالتلاوات القرآنية تذكر أنّه من مواليد عام 1980 في طرابلس – لبنان، بينما يورد موقع آخر أنّه وُلد في طرابلس – ليبيا، ما يعكس التباساً شائعاً في الأرشيف الإلكتروني حول مكان الولادة تحديداً. غير أنّ هذه المصادر تتفق على تكوينه الشرعي واشتغاله في التعليم والخطابة وتسجيل التلاوات. منذ عام 2022 ظهر مرعب في مقابلات وتصريحات ذات طابع سياسي مباشر. ففي حديث مع محطة MTV قبيل الانتخابات النيابية وصف يوم الاقتراع بأنّه “مفصلي في تاريخ لبنان”، وربط المواجهة مع “المشاريع الفارسية” و”السلاح غير الشرعي” بخيار التصويت. هذه اللغة السياسية العلنية ستتطور لاحقاً في 2024–2025 إلى خطاب أشدّ حدّة حول أدوار اللاعبين الإقليميين. خاض مرعب سجالات لافتة. فقد دعا إلى مقاطعة قنوات في سياقات جدلية، واتخذ مواقف متشددة من قضايا النوع والميول، بينها تصريحاته عام 2023 ضد “الترويج للمثلية” واقتراحه “الحجر الصحي” عليهم على مستوى الإقليم، نُسبت إليه تصريحات مثيرة للجدل رصدتها منصّات مراقبة محتوى، إذ قال في أكتوبر/تشرين الأول 2024 إنّ من خُطفوا في 7 تشرين ليسوا مدنيين بل “عسكريون بلباس مدني”، ثم عاد في مقابلات منتصف 2025 ليؤكّد أنّ إيران “تخلّت عن وكلائها” ولم تدافع إلا عن نفسها عند الحاجة. هذه المواقف انتشرت على هيئة مقاطع مرئية ومقتطفات من مقابلات تلفزيونية وعلى الشبكات الاجتماعية. جدل في لبنان داخلياً، خاض مرعب سجالات اجتماعية وثقافية لافتة. فقد دعا إلى مقاطعة قنوات محلية في سياقات جدلية، واتخذ مواقف متشددة من قضايا النوع والميول، بينها تصريحاته عام 2023 ضد “الترويج للمثلية” واقتراحه “الحجر الصحي” للمثليين ضمن مقابلة مصوّرة، وهو خطاب تعرّض لانتقادات واسعة من ناشطين ووسائل إعلام. كما ظهرت له مقاطع أخرى تهاجم شخصيات سياسية لبنانية وتعلّق على ملف النزوح السوري. في أكتوبر/تشرين الأول 2025، تصدّر اسمه الجدل مجدداً بعد نشره رواية عن تعرّض موكبه لإطلاق نار في صيدا أثناء تسجيل حلقة مع الإعلامي تمام بليق.تعددت الروايات سريعاً: تقارير ومنشورات أكدت حصول الحادثة وظهوره لاحقاً يشرح ما جرى، في المقابل مواد صحافية انتقدت سرديته واعتبرتها “مُؤجِّجة للفتنة”. وبينما بقيت التفاصيل بين أخذٍ وردّ، زاد ذلك من حدّة الاستقطاب حوله على المنصات. خلاصة الصورة أنّ الشيخ حسن مرعب يجمع بين موقع ديني رسمي وحضور إعلامي هجومي، يتعمّد عبره خوض قضايا سياسية وأمنية واجتماعية بخطاب عالي النبرة، ما يجعله شخصية خلافية؛ لدى جزء من الجمهور هو صوت تعبوي صريح، ولدى جزء آخر مصدر توتير واستقطاب. وكلّ ذلك يعتمد على مادة منشورة علناً في حساباته ومنابر إعلامية مختلفة.