في “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، لا يُعتبر علي خامنئي مجرد مرشدٍ أعلى لبلد، بل هو حجر الزاوية الذي يدور حوله النظام بأكمله: السياسة، الجيش، الدين، وحتى الميليشيات العابرة للحدود. فماذا لو غاب؟ ماذا لو تعرّض الرجل الذي يحكم منذ أكثر من ثلاثة عقود إلى اغتيالٍ سياسي أو جسدي؟ وهل يستطيع نظامٌ بُني على شخص أن ينجو من لحظة الانهيار؟ زلزال في قلب طهران على الرغم من التكتُّم الشديد والحراسة الأمنية الحديدية، تبقى احتمالية الاغتيال، سواء من داخل النظام أو خارجه، قائمة دائمًا في النظم التي ترتكز على الفرد لا المؤسسة. ماذا لو حدث هذا الأمر فعلاً اليوم، بعد خروج هذا الموضوع إلى التداول بعد كلام الرئيس الأميركي ترامب عنه علنًا؟في إيران، ليست القيادة مجرد منصب سياسي، بل هي مركز النظام بأسره. المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يتولى المنصب منذ عام 1989، يُمثِّل ركيزة الدولة الإيرانية على المستويات السياسية والدينية والاقتصادية. لكن السؤال الأكثر إثارةً وجدلاً اليوم: ماذا لو تم اغتيال خامنئي؟ ما هي السيناريوهات التي ستنتج عن هذا الحدث التاريخي؟ وكيف ستتأثر إيران والمنطقة والعالم؟في الحالة الإيرانية، لا يُشكّل اغتيال المرشد الأعلى مجرد تغييرٍ في القيادة، بل يُفتح الباب على مصراعيه أمام: فراغٍ سلطويٍّ خطير تفككٍ داخليٍّ محتمل. انكشافٍ إقليميٍّ مدوٍّ خلافة بلا مرجع خامنئي، الذي صعد إلى منصب المرشد عام 1989 دون أن يكون مرجعًا دينيًا تقليديًا، بل تم ترفيعه سياسيًا وفق حاجة النظام. فور اغتياله، إن حصل، ستندلع أزمة سياسية حادّة داخل إيران التي تواجه حربًا مفتوحة على كل الاحتمالات، حيث ستتنافس الأطراف القوية في النظام على خلافته. الحرس الثوري، الذي يهيمن على مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية، قد يدفع نحو شخصية موالية له، مثل مجتبى خامنئي، نجل المرشد. في المقابل، قد ترفض المؤسسة الدينية التقليدية هذا الخيار، ما قد يفتح باب الانقسامات والصراعات الداخلية.هذا الصراع سيؤدي إلى فترةٍ من عدم الاستقرار السياسي، قد تتطوّر إلى مظاهراتٍ واسعة، وربما اشتباكاتٍ مسلحة داخلية إذا تعمّقت الانقسامات.في حال اغتياله، تُكلَّف مجلس خبراء القيادة باختيار خليفة. الصراع سيكون ثلاثي الأطراف: الحرس الثوري: يريد مرشدًا مطواعًا يضمن استمرار نفوذه. المؤسسة الدينية: قد تسعى لاستعادة دورها المغيَّب. الشارع الإيراني: سيغلي من جديد… وقد لا يعود إلى البيت هذه المرّة. المرجّح أن يتم دفع شخصية مغمورة أو ابن خامنئي (مجتبى) بدعمٍ عسكري، ما يعني عسكرةً مطلقة للنظام، ودفن أيّ وهمٍ بإصلاحٍ سياسي. على الرغم من التكتُّم الشديد والحراسة الأمنية الحديدية، تبقى احتمالية الاغتيال، سواء من داخل النظام أو خارجه أزمة “ولاية الفقيه” خامنئي كان يُعدّ الراعي الأكبر لفكرة “ولاية الفقيه المطلقة”، التي يعتبرها كثير من الشيعة خارج إيران بدعةً سياسية لا دينية. قد يُطلق غيابه ثورةً فكرية داخل الحوزات. مرجعيات مثل السيستاني في النجف قد تطرح بديلاً فكريًا رافضًا لتسييس الدين.غياب خامنئي، وهو المرجع الأعلى لفكرة ولاية الفقيه، سيخلق فراغًا دينيًا وفكريًا كبيرًا. قد تستغل المرجعيات الدينية المعارضة في قم والنجف هذه الفرصة للطعن في شرعية النموذج الإيراني، وربما تطرح بدائل جديدة أكثر استقلالاً عن السياسة.هذا الوضع قد يؤدي إلى تراجع مكانة “ولاية الفقيه” كنظام حكم، ويُعزّز من فكرة فصل الدين عن الدولة في الأوساط الشيعية، مما سينعكس على الجماعات الشيعية المرتبطة بإيران في العراق ولبنان واليمن. من سيقود المحور؟ خامنئي هو العقل المُدبّر لما يُعرف بـ”محور المقاومة”: حزب الله، الحوثيون، الميليشيات العراقية، كلها تتغذى على شرعية خامنئي.في حال اغتياله، فإن هناك احتمالاً كبيرًا لتشتّت القيادة الميدانية، وتصفيات حسابات داخل الميليشيات، وفراغٍ يُغري القوى الدولية والإقليمية لاستهداف هذه الشبكات. هناك رأي غربي يقول: “اغتيال خامنئي قد يُحدث في يومٍ واحد ما لم تستطع العقوبات فعله في عشرين عامًا” التداعيات الكثيرة لن يُعتبر اغتيال خامنئي كحدثٍ إيرانيٍّ محلّي، بل سيكون عالميَّ الصدى. إقليميًا: سيشهد محور إيران في المنطقة (حزب الله، الحوثيون، الحشد الشعبي) ارتباكًا شديدًا وتراجعًا في قدرتها على التنسيق والتمويل. قد تستغل القوى الإقليمية الأخرى هذا الارتباك لإضعاف هذه الجماعات. دوليًا: ستدخل القوى الكبرى في حالة تأهّب قصوى خوفًا من فوضى محتملة تؤثّر على الملف النووي، وقد تسعى إلى تدخلات دبلوماسية وعسكرية لضمان الاستقرار النسبي ومنع خروج الأزمة عن السيطرة.اغتيال خامنئي، إذا حدث، سيكون حدثًا زلزاليًا يغيّر من شكل المنطقة ومستقبل إيران لسنواتٍ طويلة. ورغم أنه سيناريو افتراضي، إلا أن مجرد التفكير فيه يكشف عن هشاشة النظام الإيراني وضرورة وجود خطة واضحة لمرحلة ما بعد المرشد الأعلى. إعادة تشكيل الشرق الأوسط سقوط نظام الملالي في إيران لن يكون مجرد تغييرٍ داخلي، بل سيؤدي إلى إعادة تشكيلٍ كامل للمشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط: لبنان: حزب الله سيواجه انهيارًا في التمويل والتوجيه، ما قد يُضعف قبضته ويُحدث توازنات جديدة في الساحة اللبنانية. العراق: الميليشيات الموالية لإيران ستتراجع، مما يمنح بغداد فرصة لاستعادة سيادتها، وقد تعود المرجعية النجفية إلى الواجهة كمركزٍ روحيٍّ مستقل. اليمن: الحوثيون سيُحرَمون من دعمٍ حيوي، وقد يُجبَرون على الدخول في تسوية سياسية. الخليج وإسرائيل: ستشهدان ارتياحًا استراتيجيًا مؤقتًا، مع انخفاض التهديدات الصاروخية والبحرية. في المقابل، قد تظهر صراعات جديدة على النفوذ بين تركيا والسعودية وقطر، إلى جانب عودة النفوذ الأميركي والغربي بشكل مباشر في بعض ساحات النفوذ الإيراني السابقة. اقتصاديًا… انهيارٌ مؤقت اقتصاديًا، إيران التي تعاني بالفعل من عقوبات دولية خانقة، ستشهد انهيارًا اقتصاديًا مؤقتًا وحادًا بعد اغتيال خامنئي. قد تنهار العملة المحلية، وتتوقّف الأنشطة التجارية الكبرى، في ظل حالة عدم اليقين السياسي.قد تتوقف أو تتراجع أيضًا مؤقتًا صادرات النفط والغاز الإيراني، مما يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في أسواق الطاقة العالمية، خصوصًا إذا شهد مضيق هرمز تصعيدًا عسكريًا. خامنئي هو العقل المُدبّر لما يُعرف بـ”محور المقاومة”: حزب الله، الحوثيون، الميليشيات العراقية، كلها تتغذى على شرعية خامنئي. هل ينجو النظام؟ أثبت النظام الإيراني قدرته على امتصاص الصدمات، لكن اغتيال خامنئي سيختبره عند نقطة ضعفه: هل هو نظام مؤسسات؟ أم نظام رجلٍ واحد؟ حتى لو تمكّن من البقاء، سيخرج نظامًا مختلفًا:أكثر وحشية، أكثر عسكرية، أقل شرعية، وأكثر انكشافًا. اغتيال خامنئي، إذا حدث، سيكون حدثًا زلزاليًا يغيّر من شكل المنطقة ومستقبل إيران لسنوات طويلة. ورغم أنه سيناريو افتراضي، إلا أن مجرد التفكير فيه يكشف عن هشاشة النظام الإيراني وضرورة وجود خطة واضحة لمرحلة ما بعد المرشد الأعلى.أما الشرق الأوسط، فقد يجد نفسه أمام فرصةٍ تاريخية لإعادة ضبط العلاقات والتوازنات، شرط أن تُدار اللحظة بانضباط سياسي لا انتقامٍ فوضوي. قد يقع الاغتيال… وقد لا يقع أبدًا، لكن مجرد احتمالية اغتيال المرشد الأعلى، تكفي لطرح سؤالٍ كبير: هل آن أوان سقوط "ظلّ الله على الأرض"؟ أم أن الظلَّ باقٍ… ولو على رمادٍ يحترق؟
تشهدُ منطقةُ الشّرق الأوسط، منذ الثالث عشر من حزيران/يونيو الحالي، حربًا مباشرةً غيرَ مسبوقةٍ بين إيرانَ وإسرائيل. بدأتْ بالضّرباتِ الإسرائيليّةِ على المنشآتِ النّووية والعسكرية الإيرانيّة في إطارِ عملية “الأسد الصاعد”، وردّتْ عليها طهران بعملية “الوعد الصادق 3” التي استهدفتْ مواقعَ عسكريةً واستخباراتيةً إسرائيلية. وسطَ هذا التّصعيدِ المتسارع، تتزايدُ التّساؤلاتُ حولَ إمكانيّةِ دخولِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيّةِ الحربَ بشكلٍ مباشرٍ إلى جانبِ إسرائيل، وما قد ينجمُ عن ذلك من تداعياتٍ جيوسياسيةٍ واقتصاديةٍ وعسكريةٍ على المنطقةِ والعالم تكتسبُ هذه التّساؤلاتُ أهميّةً خاصةً في ظلّ التّصريحاتِ الأخيرةِ للرئيسِ الأميركيّ دونالد ترامب، التي تحدّث فيها عن “استسلامٍ غيرِ مشروطٍ” من إيران، ووصفَ المرشدَ الأعلى، علي خامنئي، بأنّه “هدفٌ سهل”، مؤكّدًا أنّ “صبرَ أميركا ينفد”. هذه التّصريحات، إلى جانبِ الاستعداداتِ العسكريّة الأميركيّةِ الملحوظةِ في المنطقة، تُشيرُ إلى احتماليّةٍ حقيقيّةٍ لتدخّلٍ عسكريٍّ أميركيٍّ مباشرٍ قد يُغيّرُ مجرى الصّراعِ بشكلٍ جذريّ. طبيعةُ المواجهة تخوضُ إيرانُ وإسرائيلُ، منذ ستةِ أيام، صراعًا مسلحًا مباشرًا يُمثّلُ تطورًا نوعيًّا في طبيعةِ العداءِ بين البلدين، الذي كانَ يقتصرُ سابقًا على حربِ الوكلاءِ والعملياتِ المحدودة. بدأتْ المواجهةُ بهجومٍ إسرائيليٍّ مباغتٍ استهدفَ عشراتِ المواقعِ الإيرانيّة، بما في ذلك منشآتٌ نوويةٌ رئيسيّةٌ ومواقعُ عسكريةٌ حيويّة، بزعمِ وقفِ توسّعِ البرنامجِ النّوويّ وبرنامجِ الصّواريخِ الإيرانيَّين. ردّتْ إيرانُ بإطلاقِ دفعاتٍ من الصّواريخِ الباليستيةِ والطّائراتِ المسيّرةِ نحوَ إسرائيل، مستهدفةً مواقعَ عسكريّةً واستخباراتيةً وسكنيّة. وقد أسفرتِ المواجهةُ حتّى الآن عن خسائرَ بشريّةٍ وماديّةٍ كبيرةٍ في الجانبين، حيثُ تُشيرُ الأرقامُ الإيرانيّةُ إلى مقتلِ 224 شخصًا وإصابةِ 1481 آخرين، بينما تتحدّثُ مصادرُ حقوقيّةٌ عن 585 قتيلًا إيرانيًّا. ومن الجانبِ الإسرائيليّ، أعلنتْ تل أبيب عن مقتلِ 24 شخصًا وإصابةِ 804 آخرين. الدّعمِ غيرِ المباشرِ والتّدخّلِ المحتمل من النّاحيةِ الاستراتيجيّة، تُعدّ هذه المواجهةُ نقطةَ تحوّلٍ في الصّراعِ الإقليمي، حيثُ انتقلَ من حربِ الوكلاءِ إلى مواجهةٍ مباشرةٍ بين القوّتَين الرّئيسيتَين في المنطقة. هذا التّطوّرُ يحملُ في طيّاته مخاطرَ تصعيدٍ أكبرَ قد يجرُّ قوىً إقليميّةً ودوليّةً أخرى إلى الصّراع. شهدتِ الأيامُ الأخيرةُ تصعيدًا ملحوظًا في الخطابِ الأميركيّ تجاهَ إيران، حيثُ أصدرَ الرئيسُ ترامب تصريحاتٍ قويةً تُشيرُ إلى احتماليّةِ تدخّلٍ عسكريٍّ مباشر. في تصريحاتهِ قال ترامب: “نَعلمُ تمامًا مكانَ اختباءِ ما يُسمّى بـ’المرشدِ الأعلى’، إنّه هدفٌ سهل، ولكنّه آمنٌ هناك – لن نقضي عليه، على الأقلّ ليسَ في الوقتِ الحالي، لكنّنا لا نريدُ إطلاقَ صواريخَ على المدنيّين أو الجنودِ الأميركيين. صبرُنا ينفد”. هذه التّصريحاتُ تُمثّلُ تحوّلًا في النّبرةِ الأميركيّةِ من الحذرِ إلى التّهديدِ المباشر، وتُشيرُ إلى أنّ الإدارةَ الأميركيّةَ تدرسُ بجدّيةٍ خيارَ التّدخّلِ العسكريّ. كما أنّ وصفَ خامنئي بأنّه “هدفٌ سهل” يحملُ دلالاتٍ تهديديّةً واضحةً قد تكونُ مقدّمةً لعملٍ عسكريّ. الاستعداداتُ العسكريّةُ الأميركيّة تشيرُ التّقاريرُ إلى أنّ الولاياتِ المتحدةَ تقومُ بتحضيراتٍ عسكريّةٍ مكثّفةٍ في المنطقة، حيثُ أرسلتْ إشاراتٍ للأميركيين المقيمين في القواعدِ العسكريّةِ بالخليجِ العربيّ، مثل البحرين وغيرها، بضرورةِ المغادرة. كما أصدرتْ وزارةُ الخارجيّةِ الأميركيّة أوامرَ لأهالي العاملين في السّفارةِ العراقيّةِ والعاملين غيرِ الأساسيين فيها بمغادرةِ العراق. هذه الإجراءاتُ تُظهر أنّ الولاياتِ المتحدةَ تستعدُّ لسيناريو تصعيدٍ كبيرٍ قد يشملُ استهدافَ المصالحِ الأميركيّةِ في المنطقة. كما تمّ رصدُ حركةِ طائراتٍ عسكريّةٍ أميركيّةٍ إلى أوروبا، ممّا أثارَ تساؤلاتٍ حولَ ما إذا كانَ ذلك تمهيدًا لضربةٍ ضدّ إيران. الدّعمُ الحالي على الرغمِ من عدمِ الإعلانِ عن تدخّلٍ عسكريٍّ مباشر، تُشاركُ الولاياتُ المتحدةُ في الصّراعِ بشكلٍ غيرِ مباشرٍ من خلالِ عدّةِ قنوات. تشملُ هذه المشاركةُ تبادلَ المعلوماتِ الاستخباراتيةِ مع إسرائيل، والتّنسيقَ اللوجستي، والعملياتِ السيبرانية، والدّعمَ السريَّ للضّرباتِ الإسرائيليّة. كما تُساهمُ السّفنُ الحربيّةُ الأميركيّةُ وطائراتُها ومنصّاتُ الصواريخِ المضادّةِ للصواريخِ المنصوبةِ في إسرائيلَ ومواقعَ أخرى في الشّرقِ الأوسط، في الدفاعِ عن إسرائيل. هذا الدّعمُ غيرُ المباشرِ يضعُ الولاياتِ المتحدةَ فعلًا كطرفٍ في الصّراع، وإن لم تُعلنْ ذلك رسميًّا. وقد يكونُ هذا الدّعمُ كافيًا لتبريرِ ردٍّ إيرانيٍّ ضدّ المصالحِ الأميركيّة، ممّا قد يجرُّ واشنطن إلى مواجهةٍ مباشرة. الرّأيُ العامُّ الأميركي تشيرُ استطلاعاتُ الرأي الحديثةُ، التي أجرتها شركةُ “يو غوف”، إلى أنّ الرأيَ العامَّ الأميركيَّ لا يُؤيّدُ التّدخّلَ العسكريّ في الصّراعِ الإيرانيّ-الإسرائيلي. فقط 16٪ من الأميركيين يؤيّدونَ تدخّلَ الولاياتِ المتحدةِ في الحرب، بينما يُعارضُ 60٪ ذلك. حتّى بين الجمهوريّين، الذين ينتمي إليهم ترامب، فإنّ 23٪ فقط يؤيّدون التّدخّلَ العسكريّ، بينما يُعارضُه 51٪. هذه الأرقامُ تُشيرُ إلى أنّ أيَّ قرارٍ بالتّدخّلِ العسكريّ سيواجهُ معارضةً شعبيّةً كبيرة، ممّا قد يُؤثّرُ على الحساباتِ السّياسيّةِ للإدارةِ الأميركيّة. في المقابل، يُؤيّدُ 61٪ من الجمهوريين التّفاوضَ مع إيران حولَ برنامجها النّووي، ممّا يُشيرُ إلى تفضيلِ الحلولِ الدبلوماسيّةِ على العسكريّة. يلعبُ اللّوبي الإسرائيليّ في الولاياتِ المتحدةِ دورًا مهمًّا في الضّغطِ من أجلِ التّدخّلِ العسكريّ. أيُّ مشروعِ قانونٍ لصالحِ إسرائيل يُمرَّرُ بنسبة 99.9٪ في الكونغرس الأميركيّ، وهناك تمويلاتٌ ضخمةٌ من داعمينَ صهاينة دعمتْ حملةَ ترامب مقابلَ ضماناتٍ باستمرارِ الدّعمِ غير المشروطِ لإسرائيل التّجربةُ العراقيّة يلعبُ تاريخُ التّدخّلِ الأميركيِّ في العراق عامَ 2003 دورًا مهمًّا في تشكيلِ الرّأيِ العامِّ الأميركيِّ تجاهَ أيّ تدخّلٍ عسكريٍّ جديدٍ في المنطقة. لا يزالُ الأميركيّونَ يذكرونَ التّجربةَ السلبيّةَ للحربِ العراقيّة، وكذبَ الادّعاءاتِ حولَ أسلحةِ الدّمارِ الشّاملِ، والتّكاليفِ الباهظةِ لتلك الحرب على الصّعيدَيْن البشريّ والماليّ. هذه الذّاكرةُ التّاريخيّةُ تجعلُ الأميركيّينَ أكثرَ حذرًا من أيّ مغامرةٍ عسكريّةٍ جديدة، خاصّةً عندما تكونُ مبرّرةً بادّعاءاتٍ حولَ أسلحةِ الدّمارِ الشّامل. وقد عبّرتْ مديرةُ الاستخباراتِ الوطنيّة، تولسي غابارد، عن هذا الحذر بقولها: “تقييماتُ الاستخباراتِ تُفيدُ بأنّ طهران لا تعملُ على تطويرِ سلاحٍ نوويّ، وأنّ المرشدَ الأعلى خامنئي لم يُوافقْ على استئنافِ برنامجِ الأسلحةِ النّوويةِ الذي تمّ تعليقه منذ عام 2003”. السّيناريوهاتُ المتوقَّعة السيناريو الأول: التّدخّلُ العسكريُّ المحدود في هذا السّيناريو، تقومُ الولاياتُ المتحدةُ بتدخّلٍ عسكريٍّ محدودٍ يركّزُ على أهدافٍ محدّدةٍ دونَ الانجرارِ إلى حربٍ شاملة. قد يشملُ هذا التّدخّلُ ضرباتٍ جويّةً دقيقةً ضدّ المنشآتِ النّوويّةِ الإيرانيّة، خاصّةً منشأةَ “فوردو” العميقة، التي تحتاجُ إلى القنابلِ الأميركيّةِ الخارقةِ للتحصينات من نوع GBU-57 لتدميرِها. الخصائصُ المتوقّعة لهذا السّيناريو: ضرباتٌ جويّةٌ خاطفةٌ ومركّزةٌ وعاليةُ الدّقّة باستخدامِ أحدثِ الأسلحةِ الأميركيّة؛ استهدافُ البنيةِ التّحتيّةِ النّوويّةِ والعسكريّةِ الإيرانيّةِ الحيويّة؛ تجنّبُ الأهدافِ المدنيّةِ لتقليلِ الخسائرِ البشريّة؛ مدّةٌ زمنيّةٌ محدودةٌ للعمليّاتِ لتجنّبِ التورّطِ في حربٍ طويلة. التّداعياتُ المحتملة:ستعتبرُ إيرانُ أيَّ ضربةٍ أميركيّةٍ، مهما كانتْ محدودة، بمثابةِ إعلانِ حرب، وستقومُ بتوسيعِ نطاقِ ردّها ليشملَ المصالحَ الأميركيّةَ في المنطقة. قد تستهدفُ القواعدَ العسكريّةَ الأميركيّةَ في الخليج، والبعثاتِ الدبلوماسيّة، ومعسكراتِ القوّاتِ الخاصّةِ في العراق. كما قد تُفعّلُ شبكةَ حلفائها الإقليميّين، بما في ذلك الميليشياتُ المواليةُ لها في العراق وسوريا. السيناريو الثاني: الحربُ الشّاملة في حالِ فشلِ السّيناريو الأوّل في تحقيقِ أهدافه، أو في حالِ تصاعدِ الرّدِّ الإيراني، قد تجدُ الولاياتُ المتحدةُ نفسَها منجرّةً إلى حربٍ شاملةٍ مع إيران، وهذا يُمثّلُ أسوأَ الاحتمالاتِ وأكثرَها تدميرًا. خصائصُ الحربِ الشّاملة: استخدامٌ كاملٌ للقوّةِ العسكريّةِ الأميركيّة، بما في ذلك القوّاتُ البريّة؛
على الرغم من مرور أكثر من أربعة قرون على إعلان التشيّع كمذهبٍ رسمي في إيران منذ العهد الصفوي، ورغم السياسات المتشدّدة التي فرضها النظام بعد الثورة الإسلامية عام 1979، لا يزال السُنّة في إيران يُشكّلون واقعًا اجتماعيًا ودينيًا حيًّا، ومصدرَ قلقٍ دائمٍ للسلطة. فكيف استمرّت هذه الجماعة