أفكَهُ ما يمكنُ أن يسمعَه العارفونَ بحقيقةِ الموضوع، هو ما صرّح به رئيسُ بلديّةِ الهلاليّة ميشال أبو زيد مؤخرًا، بأنّ قرارَ تخفيضِ نسبةِ العمارة “زون البناء” في ما أسماه “شارع القصور” الممتدّ من فيلّا الحريري حتّى حدودِ بلدةِ البراميّة، “لم يكن وليدَ اللحظة، بل جاء نتيجةَ دراسةٍ شاملةٍ أعدّها (هو) منذ تولّيه رئاسةَ البلديّة، تناولت أهميّة الحفاظ على هويّة شارع القصور ومنع تحوّله إلى منطقةٍ مكتظّةٍ بالمباني السكنيّة”، مؤكّدًا “أنّ الهدف هو صونُ طابعِه التاريخيّ والتراثيّ والجماليّ، فضلًا عن حمايته أمنيًّا..” “الكلامُ الكبيرُ” الذي قاله أبو زيد في تصريحاته العلنيّة لا يتعدّى كونَه استعراضَ لفظي؛ أمّا الحقيقةُ – بحسبِ ما علمت صحيفة “البوست” – فتكمنُ في مكانٍ آخرَ كليًّا. إذ إنّ قرارَ تخفيضِ “زون البناء” من 30/90 إلى 25/50 جاء من محافظِ الجنوب منصور ضو، الذي أبلغه بشكلٍ صارمٍ لأبو زيد للتنفيذ. أمّا الأسبابُ الحقيقيّةُ الكامنةُ وراءَ الموضوعِ، فهي حمايةُ عقاراتِ آلِ جنبلاط في تلكَ المنطقة، بعدما تمّ بيعُ قطعتي أرضٍ على مدخلِ قصرِ نسيبِ جنبلاط التاريخيّ من قِبَلِ آلِ العلّايلي لمتموِّلٍ من آلِ الجمل وتاجرِ عقاراتٍ من صيدا، كانا ينوِيَانِ تشييدَ عمارتينِ سكنيّتَينِ عندَ مدخلِ القصر، ما كان سيُلحقُ حُكمًا ضررًا بقيمتِه التاريخيّةِ والرمزيّة. أمرٌ قد تتفهّمه من الناحيةِ الجماليّةِ والفنيّة، لكن كان من الأَولى تصنيفُ الموقعِ منذُ البدايةِ كإرثٍ ثقافيٍّ لا يَجبُ أن يَتَّخذَ بُعدًا تجاريًّا واستهلاكيًّا، ليكونَ المستثمرونَ المُهتمّون على دِرايةٍ بخصوصيّتِه، ولمنعِ حصولِ تَغابُن. وللعِلمِ فحسب، فإن قصّةُ هاتينِ العقارين تعودُ لأكثرَ من 12 سنة مضت، حين تدخّلت مرجعيّةٌ سياسيّةٌ كبرى وعرضت على مالكِهما استبدالَهما بقطعتي أرضٍ في مكانٍ آخر، للحفاظِ على رمزيّةِ القصرِ الجنبلاطيّ، إلّا أنّ المالكَ رفض العرض آنذاك، لكنه لم يُقدِم على تشييدِ أيّ إنشاءاتٍ عليهما، إلى أن باعَهما قبل فترةٍ قصيرةٍ للمالكِ الجديد. ويبدو أنّ الموضوعَ لم ينتهِ بعد. فبحسبِ متابعين، تعملُ أطرافٌ متضرّرةٌ على السعي لتجميدِ القرارِ وفقًا للأصولِ القانونيّة، بعدما أثار تصريحُ أبو زيد سلسلةً من ردودِ الفعلِ المستنكِرةِ والمعترِضةِ في الأوساطِ الصيداويّة، على اعتبارِ أنّ عددًا من أصحابِ الأراضي اشتروها على أساسِ النسبةِ السابقة، وسيتضرّرون من التخفيضِ الذي حصل، لكن الظاهر أن ما قد كُتب قد كُتب…
أوحت إحدى الجهاتِ السياسيّةِ النافذةِ في المدينةِ إلى رئيسِ البلديةِ الحاليّ ضرورة تثبيتَ الشَّتائمِ والعنفِ اللفظيِّ الذي شهدتْه إحدى الجلساتِ البلديّةِ الأخيرة، والذي طاله شخصيًّا بشكلٍ غيرِ مقبول، في محضرِ بيانِ الاجتماعِ الرسميّ للبلدية، كي يوقِّعَ عليه الأعضاءُ في جلستهم المقبلة. من شأنِ هذا الأمر، إنْ حصل، أنْ يحفظَ حقَّ الأداءِ الشخصيِّ أو حتى العامّ بحقِّ مرتكبِها، وإحالته إلى القضاءِ في مرحلةٍ لاحقةٍ إنِ استدعتِ الظروفُ ذلك. ومن المرتقبِ أن يكونَ هذا الموضوعُ مادةً خلافيّةً بين أعضاءِ المجلس، الذين سينقسمون بين مؤيِّدٍ ومعارِضٍ لهذه الخطوة، لما تحمله من تداعياتٍ على أداءِ عملِ المجلسِ وخارطةِ تقاسُمِ القوى داخله في المرحلةِ المقبلة.
منذ أيّام، انشغل الرأيُ العامّ الصيداوي بموضوع تعديل إيجارات المحال في “الحِسبة”. الموضوع الذي كان سببًا لنقاشٍ موتور و”هابط المستوى” داخل المجلس البلدي، انتهى إلى قراراتٍ “ضبابيّة” يُفسِّرها كلُّ طرفٍ على ليلاه في الجهة التي عارضت فكرةَ تمديد العقود لـ 20 و30 سنة، اعتبر المعنيّون في المجلس البلدي أنّ القرار لم يُقَرّ، وسيُعاد بحثه في جلسة جديدة. أمّا الطرف المتحمّس لقطف ثمار هذا الطرح، فاعتبر أنّ القرار قد اتُّخذ، وإن لم يُعلَن إقراره رسميًّا خلال الجلسة، وأنّ سريانه لا يحتاج أكثر من توقيع الرئيس، بعدما نال حقّه من تصويت الأعضاء—وهو أمر قد يحصل في أيّ وقت. “على الطريقة الصيداويّة”، خرج طرفا “مجلس الغِلمان البلدي” الحالي ليُخبرا الناس أنّه حقّق ما هو لصالح المصلحة العامّة ولتحصيل حقوق الشعب. بحسب مصادر مُطّلعة لصحيفة “البوست”، فإنّ كلَّ ما تحقّق حتى الآن لا يعدو كونه “كلامًا فارغًا” غير نهائيّ، يندرج ضمن لعبة شدّ الحبال بين طرفَي النقيض داخل البلديّة حيال هذا الملف، كما أنّه موضوع تجاذب يتمّ توظيفه لأغراض سياسيّة قبيل الانتخابات النيابيّة، والوجاهة. فكلُّ ما قيل عن التوصّل إلى قرار يقضي بتمديد عقود إيجار المحال في السوق المركزي للخضار والفاكهة—”الحُسبة”—سيصطدم بواقعٍ قانونيّ واضح: لا قرارًا بلديًّا ولا اتفاقًا محلّيًا بين “زعماء أزقّة” يمكن أن يتقدّم على قانونٍ نافذٍ أقرّه مجلس الوزراء فكلُّ ما قيل عن التوصّل إلى قرار يقضي بتمديد عقود إيجار المحال في السوق المركزي للخضار والفاكهة—”الحُسبة”—سيصطدم بواقعٍ قانونيّ واضح: لا قرارًا بلديًّا ولا اتفاقًا محلّيًا بين “زعماء أزقّة” يمكن أن يتقدّم على قانونٍ نافذٍ أقرّه مجلس النواب بخصوص قضيّة بعينها. وسيسأل المحافظُ البلديّة “على أيّ أساس قانوني استندتم في مقاربتكم وأرقامكم؟” الجواب: لا يوجد. ويبدو أنّ رئيس البلدية مصطفى حجازي على علمٍ تامٍّ بهذا الواقع، لكنه تصرّف بمنطق تقاذُف كرة النار بعيدًا عن ملعبه؛ أي إنّه أظهر عدم معارضة المجلس البلدي لتمديد العقود لفترةٍ طويلة تصل إلى 20 عامًا كما يُشاع، مع علمه “المبطّن” بأنّ الموضوع لن يمرّ حين يُحال إلى وزارة الداخليّة التي سترده بالرفض، فيتجمّد لاحقًا داخل أروقة محافظة الجنوب—من دون أن يتحمّل هو شخصيًّا أو المجلس مسؤوليّة الأمر. وبمعنى أبسط: التجّار سينامون على حرير، معتقدين أنّ الأمر قد حُلّ، بينما سينصدمون بالواقع خلال فترة قصيرة. لن يتمّ الاستثناء لأيٍّ منكم مهما كانت “الخلوات” التي دفعتموها. سقف المهلة لن يتجاوز 7 سنوات، وما يقرّه القانون الحالي سينفَّذ عليكم. أمّا أولئك اللاهثون وراء طباعة صورهم العملاقة وتعليقها على الحيطان الوسخة لـ”الحِسبة”، فتمهّلوا قليلًا. اكتفوا بما نُشر لكم من صور بوضعيات مضحكة على مواقع ومجموعات واتساب “خفيفة”، لأنّكم لن تقطفوا إلا “سوادة الوجه” وأوهامًا منفوخة. ما هكذا تُورَد الإبل يا مصطفى، ويا عامر، ويا أبو سلطان، ويا عبد الجواد، و…