“أغنياء صيدا الفلسطينيون”، ظاهرةٌ نشأت في المدينة منذ سنوات، لكنها فرضت نفسها بسرعةٍ بحكم “الأمر المفروض” في الفترة الأخيرة بعد سيطرة مجموعة من “حديثي الثراء” بشكلٍ تدريجي على قطاعاتٍ أساسية في المدينة، يُصنَّف بعضها بحسب المعايير الدولية ضمن “استراتيجيات الأمن المجتمعي”، لما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على حياة الناس وسلوكياتهم وقراراتهم، والتي لا يمكن أن تُترك بأيدي من هم من غير الأهلية لذلك، بحسب القانون. ولأن صيدا “قريةٌ كبيرة”، والكل يعرف بعضه، طرحت هذه الظاهرة الكثير من الأسئلة التي تُقال سراً وعلانية، برضى أو بسخط، أبرزها طبعاً: من أين لكم هذا؟
لليوم الثالث على التوالي، تتصاعد ألسنة اللهب والدخان الأسود من جبال النفايات المتراكمة حول ما يُسمى “معمل معالجة النفايات” في صيدا، في مشهد يذكّر بأفلام الرعب البيئي. الحريق الذي اندلع يوم الاثنين 11 آب 2025 لم يكن مجرد حادث عابر، بل كشف عن فضيحة مدوية تجمع بين الفساد المالي والإهمال البيئي والتلاعب الإداري
تعاني بلدية صيدا، شأنها شأن غيرها من البلديات، من أزمة سيولة مالية كبيرة. وعند محاولة نقاش أسباب الأزمة، يكون الجواب حاضراً: تدهور قيمة العملة الوطنية وتراجع جباية الرسوم البلدية. لا يختلف اثنان على أن الانهيار المالي لعب دوراً في هذه الأزمة، لكنه ليس العامل الوحيد، بل هو جزء من عوامل أخرى أهمها غياب رؤية استراتيجية لتأمين موارد مالية منتظمة للصندوق البلدي، رغم أن بلدية صيدا تمتلك موارد مالية وطبيعية عديدة قادرة على تأمين مداخيل ضخمة إذا أُحسن استثمارها