تؤكد مصادر سياسية مطّلعة لـ”البوست” أنّ إحدى السفارات الإقليمية النافذة في الشأن اللبناني دخلت على خطّ الانتخابات المقبلة من الباب العريض، إذ كلّفت شركة محليّة بارزة في مجال استطلاعات الرأي بإجراء دراسة ميدانية “سرّية” لقياس المزاج الشعبي تجاه ثلاث شخصيات سنيّة حاضرة في الندوة البرلمانية.. المصادر نفسها تشير إلى أنّ إحدى هذه الشخصيات هي شخصية صيداوية معروفة، تتعاطى العمل بالشأن العام والسياسة المحلية، وتشهد منذ فترة حالة من التقارب المتنامي مع هذه الدولة الإقليمية التي تُفضّل الاطمئنان إلى قوّة حلفائها قبل أن تشتعل المعركة الانتخابية. وتوضح المعلومات أنّ هدف الاستطلاع يتخطّى حدود الأرقام الجافة، ليُشكّل بوصلة سياسية لتحديد حجم التأييد الشعبي، واكتشاف مكامن الخلل أو الضعف التي قد تُهدّد حظوظ المرشحين في الاستحقاق النيابي المقبل. وبينما تلتزم الأطراف المعنية صمتًا تامًا حول النتائج الأوّلية، يطرح المتابعون أكثر من علامة استفهام: هل تعكس هذه الخطوة خشية إقليمية من تراجع نفوذ الحلفاء، أم أنها مجرد استباق انتخابي لضمان الإمساك بالمفاتيح السنيّة في مدينة صيدا وغيرها؟ قراءة في المشهد الصيداوي المتابعون للمشهد الانتخابي في صيدا يرون أنّ دخول العامل الإقليمي عبر الاستطلاعات الميدانية يضيف طبقة جديدة من التعقيد على خريطة التحالفات. فالتوازنات المحلية التي تحكمها حساسيات شخصية وطائفية قد تتبدّل بسرعة إذا ما أظهرت النتائج تفاوتًا واضحًا في الشعبية بين المرشحين الثلاثة. بين حسابات الداخل وضغوط الخارج تبدو صيدا مقبلة على معركة انتخابية ليست محصورة في صناديق الاقتراع، بل مرسومة أيضًا في مكاتب السفارات وغرف الاستطلاعات المغلقة. وهو ما يجعل من هذا الاستحقاق المقبل اختبارًا مزدوجًا: إرادة الناخب الصيداوي من جهة، وحسابات العواصم الإقليمية من جهة أخرى.
قبل أن تُحسم التحالفات أو تُعلن الترشيحات رسميًا، بدأت رياح المعركة النيابية تهبّ على شوارع صيدا. اللوحات الإعلانية التي طالما شكّلت واحدة من الأدوات المهمة في هذه المعركة، تتحوّل اليوم إلى ساحة صامتة ترسم ملامح الصراع الانتخابي المقبل. مصادر صيداوية متابعة كشفت لصحيفة “البوست” أنّ قطبين أساسيين من القوى السياسية النافذة في المدينة كلّفا مسؤولين في ماكيناتهما الانتخابية بالتواصل مع إحدى الشركات التي تملك شبكة من اللوحات الإعلانية الموزعة على الطرق الرئيسية، للاستفسار عن أسعار الحجز في الفترة الممتدة بين نيسان وأيار 2026، وهي الفترة الحساسة التي تسبق الاستحقاق النيابي. هذه الخطوة، بحسب المراقبين، لا يمكن قراءتها إلا كإشارة واضحة على قرار خوض المعركة الانتخابية مهما كانت الظروف، بعيدًا عن الضبابية السياسية أو انتظار اكتمال خريطة التحالفات. فاللوحات في الشوارع قد تسبق صناديق الاقتراع في كشف النيات، وتعلن أنّ صيدا على أبواب جولة جديدة من المنافسة الساخنة.
سجَّلت أوساطٌ صيداويةٌ متابعةٌ استياءً واسعاً من قرارِ تعيينِ شخصيةٍ غير صيداويةٍ في منصبٍ حسّاس هو منصب “مأمور نفوس صيدا”، الذي يعّد على تماسٍّ مباشرٍ مع معاملاتِ مخاتيرِ المدينة وأحوالِ وشؤونِ الصيداويين التفصيلية الكثيرة. واستغربت هذه الأوساطُ اللامبالاةَ المُسجَّلة من قِبَل نوابِ المدينة وقواها السياسية حيالَ هذا القرار الذي حصل منذ فترة، مع العلم أنه كان تاريخياً ولسنواتٍ طويلةٍ يُسنَدُ لشخصٍ من صيدا (وأن كان القانون لا يلزم بذلك) كاشفةً أنّ التكتم وعدمَ إثارةِ الموضوع مردّه لحساباتٍ انتخابيةٍ صِرف، لا يريدُ الأطرافُ السياسيون إثارتها مع محيط المدينة على أبوابِ الانتخاباتٍ النيابية. مرّةً جديدةً تخسر صيدا منصباً مهماً، من المنطقي والطبيعي أن يكون لأحدٍ من أبنائها، في بلدٍ تقومُ تركيبته على التوزيع الطائفي والمذهبي والمناطقي. علماً أنّ موظفةً صيداويةً من عائلةٍ معروفة كانت مرشَّحةً للمنصب، لكنه تمَّ استبعادُها لأسبابٍ غير مبرَّرة، وأُحيلت لمزاولةِ مهامِّها في شرق صيدا.