تحميل

إبحث

ماذا لو

قنبلة “الملالي النووية”…ممنوعة

Iran nuke

حلم لم يبصر الضوء (العدسة الذكية)

امتلكت إيران القنبلة النووية؟ سيناريو افتراضي لعالم تمتلك فيه طهران سلاح الدمار الشامل الأخطر...
ماذا لو؟

في صباح يوم مشمس من شهر أكتوبر 2026، يقف العالم على أعتاب لحظة تاريخية مفصلية. في مؤتمر صحفي مفاجئ من طهران، يعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن الجمهورية الإسلامية قد نجحت في تطوير وإنتاج أول سلاح نووي لها. الكلمات التي تخرج من فمه ليست مجرد إعلان، بل زلزال جيوسياسي سيهز أركان الشرق الأوسط ويعيد تشكيل موازين القوى العالمية إلى الأبد

هذا السيناريو، وإن كان افتراضياً اليوم، يبدو أقرب إلى الواقع مما قد يتصور كثيرون. فبحسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرة، تمتلك إيران اليوم ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع عشرة أسلحة نووية، وقد زادت مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 50% في ثلاثة أشهر فقط. الخبراء الغربيون يؤكدون أن إيران تمتلك المعرفة والبنية التحتية اللازمة لإنتاج سلاح نووي “في وقت قصير نسبياً” إذا قررت قيادتها ذلك.

لكن ماذا لو تحول هذا السيناريو إلى حقيقة؟ كيف ستبدو خريطة الشرق الأوسط الجديدة؟ وما هي التداعيات على القوى الإقليمية والعالمية؟ هذا التحليل يستكشف عالماً افتراضياً تمتلك فيه إيران القنبلة النووية، ويرسم صورة لمستقبل قد يكون أقرب مما نتخيل.

الصدمة الأولى

في اللحظات الأولى التي تلي الإعلان الإيراني، تدق أجراس الإنذار في عواصم العالم. في تل أبيب، يجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي في جلسة طارئة، بينما تنطلق صافرات الإنذار في القواعد العسكرية. رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي طالما حذر من هذا اليوم، يواجه الآن أصعب قرار في تاريخ دولته: هل يأمر بضربة عسكرية فورية ضد المنشآت النووية الإيرانية، أم أن الوقت قد فات؟

في واشنطن، يستيقظ الرئيس الأمريكي على مكالمة هاتفية عاجلة من مستشار الأمن القومي. الخيارات المتاحة أمام البيت الأبيض محدودة ومحفوفة بالمخاطر. فالضربة العسكرية ضد دولة نووية تحمل مخاطر تصعيد كارثية، بينما عدم الرد قد يُفسر كضعف أمريكي وتراجع عن الالتزامات تجاه الحلفاء في المنطقة.

أما في الرياض، فيجد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نفسه أمام تحقق أسوأ كوابيسه. التصريح الذي أدلى به في 2018 بأن السعودية “ستحذو حذو إيران في أسرع وقت ممكن” إذا حصلت على السلاح النووي، يتحول فجأة من تهديد إلى ضرورة وجودية. الهاتف لا يتوقف عن الرنين في القصر الملكي، والمكالمات تتوالى من واشنطن وبكين وموسكو، كل طرف يحاول فهم النوايا السعودية والتأثير على قراراتها المقبلة.

سباق التسلح

في الأسابيع التي تلي الإعلان الإيراني، تشهد المنطقة حمى حقيقية من النشاط النووي. السعودية، التي كانت تتفاوض مع الولايات المتحدة حول برنامج نووي مدني، تغير مسارها بشكل جذري. الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، يعلن في مؤتمر صحفي عاجل أن المملكة “تعيد تقييم جميع خياراتها النووية في ضوء التطورات الإقليمية الجديدة”.

خلف الكواليس، تتسارع الاتصالات السعودية مع القوى النووية العالمية. الصين، التي تربطها بالسعودية علاقات اقتصادية وثيقة وسبق أن ساعدتها في برامج التنقيب عن اليورانيوم، تجد نفسها في موقف حرج. فمن جهة، تحتاج بكين إلى النفط السعودي وتسعى لتعميق نفوذها في المنطقة، ومن جهة أخرى، تحافظ على علاقات استراتيجية مع إيران وحتى ساعدت في تصميم منشآت تحويل اليورانيوم الإيرانية.

روسيا، رغم العقوبات المفروضة عليها، تجد في الأزمة فرصة ذهبية لكسر عزلتها الدولية. موسكو تعرض على الرياض “حلولاً نووية متقدمة” مقابل استثمارات سعودية ضخمة في القطاع الطاقوي الروسي. الكرملين يدرك أن مساعدة السعودية في الحصول على قدرات نووية قد تخلق توازناً إقليمياً جديداً يخدم المصالح الروسية في مواجهة النفوذ الأمريكي.

لكن السعودية ليست الوحيدة في هذا السباق. في القاهرة، يجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية لمناقشة “الخيارات الاستراتيجية المتاحة”. مصر، التي تمتلك برنامجاً نووياً مدنياً متواضعاً، تجد نفسها مضطرة لإعادة النظر في سياساتها النووية. الرئيس المصري يوجه تعليماته لوزارة الخارجية بـ”استكشاف جميع السبل المتاحة لضمان الأمن القومي المصري في ظل التطورات الإقليمية الجديدة”.

في أنقرة، يشعر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالقلق من تراجع النفوذ التركي في المنطقة. تركيا، التي تمتلك طموحات إقليمية واسعة وتسعى لاستعادة مكانتها كقوة عظمى، تجد نفسها أمام خيارات صعبة. أردوغان يعلن في خطاب متلفز أن تركيا “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التهديدات الوجودية”، في إشارة واضحة إلى إمكانية السعي للحصول على قدرات نووية.

حتى الإمارات العربية المتحدة، التي وقعت اتفاقية شاملة مع الولايات المتحدة تتضمن تعهداً بعدم تخصيب اليورانيوم، تبدأ في إعادة النظر في التزاماتها. في أبوظبي، يجتمع المجلس الأعلى للاتحاد لمناقشة “المتغيرات الاستراتيجية الجديدة في المنطقة”. مصادر دبلوماسية تتحدث عن “مراجعة شاملة للسياسات النووية الإماراتية” في ضوء التطورات الإقليمية.

إسرائيل: بين الضربة الوقائية والردع النووي

في تل أبيب، تواجه إسرائيل أصعب معضلة في تاريخها. للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1948، تواجه الدولة العبرية تهديداً نووياً مباشراً ووجودياً. الخيارات المتاحة أمام القيادة الإسرائيلية محدودة ومحفوفة بالمخاطر.

الخيار الأول هو الضربة العسكرية الوقائية، وهو الخيار الذي نفذته إسرائيل بنجاح في العراق عام 1981 وسوريا عام 2007. لكن الوضع مع إيران مختلف تماماً. فإيران ليست العراق أو سوريا، بل قوة إقليمية كبرى تمتلك قدرات دفاعية متقدمة وشبكة واسعة من الحلفاء والوكلاء. كما أن المنشآت النووية الإيرانية منتشرة في مواقع متعددة، بعضها محصن تحت الأرض، مما يجعل تدميرها بالكامل مهمة شبه مستحيلة.

الأهم من ذلك، أن إيران تمتلك الآن سلاحاً نووياً جاهزاً، مما يعني أن أي ضربة إسرائيلية قد تؤدي إلى رد نووي إيراني. هذا الاحتمال، مهما كان ضئيلاً، يجعل الضربة الوقائية مقامرة وجودية قد تؤدي إلى تدمير إسرائيل نفسها.

الخيار الثاني هو قبول الواقع الجديد والاعتماد على الردع النووي المتبادل. هذا الخيار يتطلب من إسرائيل التخلي عن سياسة “الغموض النووي” التي اتبعتها لعقود، والإعلان صراحة عن امتلاكها للأسلحة النووية. رئيس الوزراء الإسرائيلي يجد نفسه أمام قرار تاريخي: الكشف عن الترسانة النووية الإسرائيلية المقدرة بـ80-400 رأس نووي، وتطوير استراتيجية ردع واضحة ومعلنة.

في جلسة مغلقة للكنيست الإسرائيلي، يحتدم النقاش بين أعضاء البرلمان. فريق يدعو إلى الضربة الفورية “قبل فوات الأوان”، بينما يحذر فريق آخر من “الانتحار الجماعي”. وزير الدفاع الإسرائيلي يقدم تقييماً قاتماً: “نحن نواجه تهديداً وجودياً حقيقياً لأول مرة في تاريخنا. كل الخيارات المتاحة أمامنا سيئة، والسؤال هو أيها أقل سوءاً”.

القيادة العسكرية الإسرائيلية تضع خططاً طارئة لسيناريوهات متعددة. الخطة “أ” تتضمن ضربة جوية شاملة ضد المنشآت النووية الإيرانية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة. الخطة “ب” تركز على تطوير قدرات دفاعية متقدمة، بما في ذلك أنظمة اعتراض صاروخية قادرة على التعامل مع الرؤوس النووية. الخطة “ج” تتضمن إعادة تموضع استراتيجي شامل، بما في ذلك نشر جزء من الترسانة النووية الإسرائيلية في مواقع سرية خارج البلاد.

 

أمريكا: إعادة تعريف الاستراتيجية

في واشنطن، يواجه البيت الأبيض أزمة استراتيجية حقيقية. لعقود، كانت السياسة الأمريكية تجاه إيران تقوم على “منع” حصولها على السلاح النووي. الآن، وبعد فشل هذه السياسة، تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة لإعادة تعريف استراتيجيتها بالكامل.

الرئيس الأمريكي يجتمع مع فريق الأمن القومي في جلسة ماراثونية تستمر 12 ساعة. الخيارات المطروحة على الطاولة تتراوح بين العمل العسكري المباشر والقبول بالأمر الواقع. وزير الدفاع يحذر من أن “أي عمل عسكري ضد إيران الآن قد يؤدي إلى حرب نووية إقليمية”، بينما يؤكد وزير الخارجية أن “عدم الرد سيُفسر كضعف أمريكي وقد يشجع دولاً أخرى على السعي للحصول على أسلحة نووية”.

مدير وكالة الاستخبارات المركزية يقدم تقييماً استخباراتياً مفصلاً عن القدرات النووية الإيرانية الجديدة. التقرير يشير إلى أن إيران تمتلك على الأرجح 3-5 رؤوس نووية جاهزة، مع قدرة على إنتاج رأس نووي إضافي كل شهرين. كما يحذر التقرير من أن إيران قد تنقل جزءاً من ترسانتها النووية إلى حلفائها، خاصة حزب الله في لبنان.

في النهاية، يتخذ الرئيس الأمريكي قراراً بتبني استراتيجية “الاحتواء النووي” بدلاً من “المنع”. هذه الاستراتيجية تقوم على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز الدفاعات الصاروخية للحلفاء في المنطقة، فرض عقوبات اقتصادية مشددة على إيران، وتطوير قدرات ردع نووي إقليمية.

الولايات المتحدة تعلن عن نشر أنظمة دفاع صاروخي متقدمة في إسرائيل ودول الخليج، بما في ذلك نظام “ثاد” المضاد للصواريخ الباليستية. كما تعلن عن زيادة وجودها العسكري في المنطقة، بما في ذلك نشر غواصات نووية في الخليج العربي بشكل دائم.

النفوذ الشيعي: المظلة النووية الجديدة

امتلاك إيران للسلاح النووي لا يغير فقط موازين القوى العسكرية في المنطقة، بل يعيد تشكيل خريطة النفوذ الطائفي والسياسي بشكل جذري. “الجمهورية الإسلامية”، التي تعتبر نفسها حامية الشيعة في العالم، تجد في ترسانتها النووية الجديدة أداة قوية لتعزيز نفوذها وحماية حلفائها.

في لبنان، يشعر حزب الله بثقة جديدة لم يعهدها من قبل. الأمين العام للحزب يلقي خطاباً متلفزاً يؤكد فيه أن “المقاومة تحظى الآن بحماية نووية من الجمهورية الإسلامية”. هذا التصريح ليس مجرد خطابة سياسية، بل تغيير جوهري في معادلة الردع الإقليمية. إسرائيل، التي اعتادت على شن ضربات جوية ضد أهداف حزب الله دون خوف من تصعيد كبير، تجد نفسها الآن مضطرة لحساب احتمال الرد النووي الإيراني.

هذا التغيير في معادلة الردع يمنح حزب الله حرية حركة أكبر في جنوب لبنان والجولان. الحزب يبدأ في نشر صواريخ أكثر تطوراً على الحدود الإسرائيلية، ويعزز من وجوده العسكري في المناطق الحدودية. إسرائيل، التي كانت تتدخل عسكرياً لمنع وصول أسلحة متطورة لحزب الله، تجد نفسها عاجزة عن الرد خوفاً من التصعيد النووي.

في العراق، تشهد الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تعزيزاً كبيراً في نفوذها. الحشد الشعبي، الذي يضم عشرات الفصائل المسلحة الشيعية، يعلن عن “مرحلة جديدة من المقاومة ضد الوجود الأمريكي”. القواعد العسكرية الأمريكية في العراق تتعرض لهجمات صاروخية متزايدة، بينما تجد الولايات المتحدة صعوبة في الرد خوفاً من تصعيد قد يجر إيران النووية إلى الصراع.

في اليمن، يشعر الحوثيون بثقة جديدة في مواجهة التحالف العربي بقيادة السعودية. الجماعة تعلن عن “مرحلة جديدة من العمليات العسكرية” ضد الأهداف السعودية. الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على المنشآت النفطية السعودية تتزايد، بينما تجد الرياض صعوبة في الرد بقوة خوفاً من جر إيران النووية إلى الصراع.

الكويت، التي تفتقر إلى أي برنامج نووي مدني، تجد نفسها في موقف أكثر ضعفاً. أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح يوجه تعليماته للحكومة بـ”دراسة جميع الخيارات المتاحة لضمان الأمن القومي الكويتي”. الكويت تبدأ في استكشاف إمكانية الانضمام إلى برنامج نووي خليجي مشترك، أو الحصول على ضمانات أمنية نووية من القوى الكبرى.

قطر، رغم علاقاتها المعقدة مع إيران، تشعر بالقلق من التطورات الجديدة. أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يعقد اجتماعات طارئة مع المستشارين الأمنيين. الدوحة تسعى للحفاظ على توازن دقيق بين علاقاتها مع إيران وحاجتها للأمان من التهديد النووي الإيراني.

البحرين، التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، تجد نفسها في خط المواجهة المباشر مع إيران. الملك حمد بن عيسى آل خليفة يطلب ضمانات أمنية إضافية من الولايات المتحدة، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع صاروخي متقدمة في الجزيرة. البحرين تعلن عن “مراجعة شاملة للسياسات الأمنية والدفاعية” في ضوء التهديدات الجديدة.

عُمان، التي تحافظ تقليدياً على علاقات جيدة مع جميع أطراف المنطقة، تجد نفسها في موقف وسيط حساس. السلطان هيثم بن طارق يعرض الوساطة بين إيران والقوى الإقليمية والدولية لـ”تجنب سباق تسلح نووي مدمر في المنطقة”. مسقط تستضيف سلسلة من الاجتماعات السرية بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين وخليجيين لاستكشاف إمكانيات التهدئة.

عندما يهتز النفط

التداعيات الاقتصادية لامتلاك إيران السلاح النووي لا تقتصر على المنطقة، بل تمتد لتشمل الاقتصاد العالمي بأكمله. في اللحظات الأولى التي تلي الإعلان الإيراني، تشهد أسواق النفط العالمية هزة عنيفة. أسعار النفط الخام ترتفع بنسبة 40% في يوم واحد، مسجلة أعلى مستوياتها منذ أزمة النفط في السبعينيات.

مضيق هرمز، الذي يمر عبره 20% من إنتاج النفط العالمي، يصبح فجأة نقطة اختناق استراتيجية أكثر حساسية. إيران، التي تمتلك الآن “مظلة نووية”، تصبح أكثر جرأة في تهديداتها بإغلاق المضيق. وزير النفط الإيراني يعلن أن “الجمهورية الإسلامية ستدافع عن حقوقها المشروعة بكل الوسائل المتاحة”.

شركات النفط العالمية تبدأ في إعادة تقييم استثماراتها في المنطقة. شركة “إكسون موبيل” تعلن عن “مراجعة شاملة لعملياتها في الخليج العربي”، بينما تعلن “شل” عن تأجيل مشاريع جديدة في المنطقة “حتى استقرار الوضع الأمني”. أسعار التأمين على ناقلات النفط في الخليج ترتفع بنسبة 300%، مما يزيد من تكلفة نقل النفط ويؤثر على الأسعار العالمية.

الدول المستهلكة للنفط تبدأ في البحث عن بدائل عاجلة. الولايات المتحدة تعلن عن إطلاق احتياطيات النفط الاستراتيجية لتهدئة الأسواق، بينما تبدأ الصين في تسريع مفاوضاتها مع روسيا وفنزويلا لزيادة الواردات النفطية من مصادر بديلة. الاتحاد الأوروبي يعقد اجتماعاً طارئاً لوزراء الطاقة لمناقشة “خطة طوارئ لأمن الطاقة”.

أسواق الأسهم العالمية تشهد انهياراً حاداً. مؤشر “داو جونز” ينخفض بنسبة 15% في يوم واحد، بينما يفقد مؤشر “فوتسي” البريطاني 12% من قيمته. أسهم شركات الطيران تتكبد خسائر فادحة بسبب ارتفاع أسعار الوقود، بينما ترتفع أسهم شركات الطاقة المتجددة بشكل حاد. البنوك المركزية العالمية تتدخل لتهدئة الأسواق. الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يعلن عن “استعداده لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان استقرار الأسواق المالية”، بينما يعلن البنك المركزي الأوروبي عن برنامج طوارئ لضخ السيولة.

امتلاك إيران للسلاح النووي لا يغير فقط موازين القوى العسكرية في المنطقة، بل يعيد تشكيل خريطة النفوذ الطائفي والسياسي بشكل جذري. فإيران التي تعتبر نفسها حامية الشيعة في العالم، تجد في ترسانتها النووية الجديدة أداة قوية لتعزيز نفوذها وحماية حلفائها ونشر مذهبها

أسد من ورق

القوى الكبرى تعيد الحسابات

موسكو وبكين تجدان نفسيهما في موقف استراتيجي معقد أمام التطورات الجديدة. كلا القوتين تحافظان على علاقات وثيقة مع إيران، لكنهما في الوقت نفسه تدركان خطورة انتشار الأسلحة النووية على الاستقرار الإقليمي والعالمي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقد اجتماعاً طارئاً مع مجلس الأمن الروسي لمناقشة التطورات الجديدة. موسكو تجد نفسها في موقف حساس، فهي من جهة تسعى للحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع إيران كجزء من محور مقاومة النفوذ الأمريكي، ومن جهة أخرى تدرك أن انتشار الأسلحة النووية قد يهدد مصالحها الأمنية.

خلف الكواليس، تبدأ روسيا في إعادة تقييم علاقاتها مع إيران. الكرملين يدرك أن إيران النووية قد تصبح أكثر استقلالية وأقل اعتماداً على الدعم الروسي. في الوقت نفسه، تسعى موسكو لاستغلال الأزمة لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال تقديم نفسها كوسيط محايد.

الصين تجد نفسها في موقف أكثر تعقيداً. بكين تحتاج إلى النفط الإيراني وتسعى لتعميق علاقاتها الاقتصادية مع طهران كجزء من مبادرة “الحزام والطريق”. لكن الصين تدرك أيضاً أن انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط قد يؤثر على مصالحها الاقتصادية في المنطقة.

separator

عوالم محتملة

بعد مرور عام على امتلاك إيران للسلاح النووي، تبدأ معالم النظام الإقليمي الجديد في التبلور. عدة سيناريوهات محتملة تطرح نفسها، كل منها يحمل تداعيات مختلفة على المنطقة والعالم.

السيناريو الأول
سباق التسلح النووي الشامل في هذا السيناريو، تنجح السعودية في الحصول على أسلحة نووية خلال ثلاث سنوات من الإعلان الإيراني، بمساعدة صينية أو روسية. مصر وتركيا تحذوان حذوها خلال خمس سنوات، مما يؤدي إلى ظهور خمس قوى نووية في الشرق الأوسط. هذا السيناريو يؤدي إلى انهيار كامل لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ويشجع دولاً أخرى حول العالم على السعي للحصول على أسلحة نووية. المنطقة تشهد حالة من "الردع النووي المتعدد الأطراف"، حيث تحافظ كل قوة على ترسانة نووية لردع الأخريات. هذا الوضع يؤدي إلى استقرار نسبي على المدى القصير، لكنه يحمل مخاطر كارثية على المدى الطويل بسبب احتمالات الحوادث والحسابات الخاطئة.
السيناريو الثاني
التدخل العسكري الدولي : في هذا السيناريو، تقرر الولايات المتحدة وإسرائيل شن ضربة عسكرية شاملة ضد المنشآت النووية الإيرانية، رغم المخاطر النووية. العملية تنجح جزئياً في تدمير جزء من الترسانة النووية الإيرانية، لكنها تؤدي إلى رد إيراني عنيف يشمل إغلاق مضيق هرمز وشن هجمات صاروخية على إسرائيل ودول الخليج. الصراع يتطور إلى حرب إقليمية شاملة تشمل إيران وحلفاءها من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة ودول الخليج من جهة أخرى. روسيا والصين تتدخلان دبلوماسياً لمنع التصعيد النووي، بينما تشهد أسواق النفط العالمية انهياراً كاملاً.
السيناريو الثالث
التطبيع النووي : في هذا السيناريو، يقبل المجتمع الدولي بالأمر الواقع ويسعى لاحتواء إيران النووية من خلال الدبلوماسية والعقوبات. إيران تصبح عضواً فعلياً في "النادي النووي"، وتبدأ في تطوير استراتيجية ردع نووي مسؤولة. الولايات المتحدة تعزز من ضماناتها الأمنية لحلفائها في المنطقة، بينما تنجح الدبلوماسية في منع انتشار الأسلحة النووية إلى دول أخرى. هذا السيناريو يؤدي إلى استقرار نسبي في المنطقة، لكنه يعزز من النفوذ الإيراني ويضعف موقف الولايات المتحدة وحلفائها. إيران تستخدم مظلتها النووية لحماية حلفائها وتوسيع نفوذها، بينما تجد إسرائيل ودول الخليج نفسها مضطرة للتعايش مع واقع جديد.
السيناريو الرابع
الانهيار الداخلي: في هذا السيناريو، يؤدي امتلاك إيران للسلاح النووي إلى تصاعد التوترات الداخلية والاحتجاجات الشعبية. الشعب الإيراني، الذي يعاني من العقوبات الاقتصادية والقمع السياسي، يرى في البرنامج النووي مضيعة للموارد وسبباً في تفاقم العزلة الدولية. الاحتجاجات تتطور إلى ثورة شعبية تطيح بالنظام الإسلامي، والحكومة الجديدة تعلن عن استعدادها للتخلي عن الأسلحة النووية مقابل رفع العقوبات والاندماج في المجتمع الدولي. هذا السيناريو يؤدي إلى حل سلمي للأزمة، لكنه يحمل مخاطر الفوضى وعدم الاستقرار في إيران خلال فترة الانتقال.
separator

عالم جديد في طور التشكيل

عالم جديد في طور التشكيل بينما نقف على أعتاب هذا السيناريو الافتراضي، ندرك أن امتلاك إيران للسلاح النووي لن يكون مجرد حدث إقليمي، بل زلزال جيوسياسي سيعيد تشكيل خريطة الشرق الأوسط والعالم. التداعيات ستمتد من أسواق النفط العالمية إلى أروقة الأمم المتحدة، ومن شوارع طهران إلى البيت الأبيض. السؤال الذي يطرح نفسه ليس ما إذا كان هذا السيناريو سيحدث، بل متى وكيف. إيران اليوم تقف على بُعد خطوات قليلة من امتلاك السلاح النووي، والوقت ينفد أمام المجتمع الدولي لمنع هذا التطور. الخيارات المتاحة محدودة ومحفوفة بالمخاطر، والثمن سيكون باهظاً بغض النظر عن المسار المختار. ما يمكن تأكيده هو أن عالماً تمتلك فيه إيران السلاح النووي سيكون مختلفاً جذرياً عن العالم الذي نعرفه اليوم. قواعد اللعبة ستتغير، والتحالفات ستُعاد صياغتها، والمخاطر ستتضاعف. السؤال الوحيد المتبقي هو: هل سيكون العالم مستعداً لهذا التحول؟ هذا السيناريو الافتراضي يذكرنا بأن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط ليسا مضمونين، وأن القرارات التي تُتخذ اليوم في طهران وواشنطن وتل أبيب والرياض ستحدد مصير المنطقة للعقود القادمة. الوقت ما زال متاحاً لتجنب هذا السيناريو الكارثي، لكن النافذة تضيق بسرعة، والثمن يزداد مع كل يوم يمر.

separator
العلامات

يعجبك ايضاً

أترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تفعيل التنبيهات نعم كلا