إيران وإسرائيل… من الشراكة الاستراتيجية إلى الحرب المباشرة


من التحوّل الجذري في العلاقات بين البلدين، بدءًا بالتعاون الاستراتيجي في عهد الشاه بهلوي، وصولًا إلى العداء الظاهري المطلق بعد وصول الخميني، كيف تطوّرت المواجهات العسكرية والسياسية بين إيران وإسرائيل منذ عام 1979 وحتى الأحداث التي نشهدها اليوم على مدى أكثر من أربعة عقود؟
تُشكّل الضربات الإسرائيلية الواسعة على إيران اليوم نقطة تحوّل تاريخية في الصراع بين البلدين، حيث انتقل من الحرب بالوكالة والعمليات السرّية إلى المواجهة العسكرية المباشرة.
منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، شهدت منطقة الشرق الأوسط تحوّلًا جذريًا في موازين القوى والتحالفات الإقليمية، كان أبرز تجلّياته التغيير الكامل في طبيعة العلاقات بين إيران وإسرائيل، من شراكة استراتيجية وثيقة في عهد الشاه محمد رضا بهلوي إلى عداءٍ مطلق تحت حكم “الجمهورية الإسلامية”.
هذا التحوّل لم يكن مجرّد تغيير في السياسة الخارجية، بل انعكاسًا لتبدّل جذري في الهوية والأيديولوجيا والرؤية الاستراتيجية للدولة الإيرانية. فبينما كانت إيران الشاه تنظر إلى إسرائيل كحليف طبيعي في مواجهة التهديدات العربية والشيوعية، أصبحت إيران الثورة تعتبر إسرائيل “الشيطان الأصغر” و”الكيان الصهيوني” الذي يجب إزالته من الوجود.
على مدى أكثر من أربعة عقود، تطوّر هذا العداء من مجرّد خطاب سياسي إلى صراعٍ متعدّد الأبعاد، شمل المواجهات العسكرية بالوكالة، والحرب السيبرانية، والاغتيالات المتبادلة، والصراع الدبلوماسي في المحافل الدولية، والتنافس على النفوذ الإقليمي. وقد بلغ الصراع ذروته اليوم مع الضربات الإسرائيلية المباشرة والواسعة على الأراضي الإيرانية، ممّا يُمثّل تصعيدًا نوعيًا قد يُعيد تشكيل خريطة المنطقة.
الخلفية التاريخية
شكّلت الفترة من 1948 إلى 1979 عصرًا ذهبيًا للتعاون بين إيران وإسرائيل، تميّزت بشراكة استراتيجية عميقة شملت مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. تضرب جذور هذه العلاقة في التاريخ القديم، حيث تشير المصادر التاريخية إلى علاقة وثيقة ربطت الفُرس باليهود عبر التاريخ.
فبعد حادثة السبي البابلي التي أَسر فيها نبوخذ نصّر عددًا كبيرًا من اليهود وأخذهم إلى بابل عام 627 ق.م، شنّ الفُرس بقيادة كورش حملة على بابل ونجحوا في السيطرة عليها بمساعدة اليهود عام 539 ق.م. ترك كورش تأثيرًا كبيرًا على اليهود نتيجة سياسته معهم ومساعدته لهم، إذ أعادهم بعد السبي وأعطاهم الأموال لتجديد بناء الهيكل.
في العصر الحديث، وقبيل إعلان قيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1948، كانت إيران واحدة من الأعضاء الـ11 في لجنة الأمم المتحدة الخاصة التي تشكّلت عام 1947 لبحث حلّ قضية فلسطين. وعلى الرغم من أنّ إيران كانت واحدة من الدول الثلاث التي صوّتت ضد خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين إلى دولتين بدعوى الخوف من تصعيد العنف في المنطقة، إلا أنّها سرعان ما اعترفت بإسرائيل “دولة ذات سيادة” عام 1950، فكانت ثاني دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بها بعد تركيا.
التعاون الاقتصادي والتجاري
شهدت فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تطوّرًا مطّردًا في العلاقات التجارية بين البلدين. أنشأت إسرائيل سفارةً لها في طهران، وأصبحت إيران مُزوِّدًا رئيسيًا لإسرائيل بالنفط، حيث كانت تستورد منها 40% من احتياجاتها النفطية. وفي المقابل، كانت إسرائيل تُزوِّد إيران بالأسلحة والقدرات التكنولوجية والمنتجات الزراعية.
أنشأ الطرفان خطّ أنابيب يهدف إلى إرسال النفط الإيراني إلى إسرائيل ثم إلى أوروبا، ممّا شكّل شريانَ حياةٍ اقتصاديًّا مهمًّا لكِلا البلدين. هذا التعاون الاقتصادي لم يكن مجرّد علاقة تجارية عادية، بل جزءًا من استراتيجية إقليمية أوسع تهدف إلى مواجهة التهديدات المشتركة في المنطقة.
وكان للجانبين تعاون عسكري وأمني واسع النطاق، لكنه ظلّ طيّ الكتمان لتجنّب استفزاز الدول العربية. شمل هذا التعاون تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتدريب العسكري، ونقل التكنولوجيا العسكرية. وقد لعبت إسرائيل دورًا مهمًا في تحديث الجيش الإيراني وتطوير قدراته التكنولوجية.
عام 1957، أُنشئت منظّمة المخابرات والأمن القومي الإيرانية “سافاك” بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ولاحقًا مع جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، بهدف حماية النظام من اختراقات الشيوعيين، وخاصة حزب “توده” الشيوعي المعارض للشاه.
هذا التحالف لم يكن مجرّد “زواج مصلحة” مؤقّت، بل شراكة استراتيجية عميقة قائمة على رؤية مشتركة لأمن المنطقة ومصالح البلدين. وقد وصف مسؤولون إسرائيليون العلاقة مع إيران في تلك الفترة بأنها “تحالف الأطراف” ضد “القلب العربي” للمنطقة.
عقب الثورة، قطعت طهران علاقتها الدبلوماسية مع تل أبيب عام 1979، وهي السنة التي أطاحت فيها الثورة الإسلامية بالنظام الملكي، ونقلت البلاد لأوّل مرة في تاريخها إلى النظام الجمهوري المؤسَّس على نظرية “الولي الفقيه” المعتمدة في المذهب الشيعي.
في هذا السياق الأيديولوجي الجديد، أصبحت إسرائيل تُنظر إليها ليس فقط كعدوّ سياسي، بل كرمزٍ للظلم والاستعمار الغربي في المنطقة. أُلغيت رحلات الطيران إلى إسرائيل، وتحوّلت السفارة الإسرائيلية في طهران إلى سفارة فلسطينية، في خطوة رمزية تعكس عمق التحوّل في الموقف الإيراني.
لم يؤثّر هذا التحوّل الجذري في الموقف الإيراني على العلاقات الثنائية مع إسرائيل فحسب، بل أحدث زلزالًا في موازين القوى الإقليمية. فقدت إسرائيل حليفًا استراتيجيًا مهمًّا في المنطقة، بينما أثّر هذا التحوّل على الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، حيث فقدت الولايات المتحدة أحد أهم حلفائها في مواجهة التوسّع السوفياتي.
من جانبٍ آخر، رحّبت معظم الدول العربية والإسلامية بهذا التحوّل، رغم قلقها من الطبيعة الثورية للنظام الإيراني الجديد، وإمكانية تصدير الثورة إلى أراضيها. هذا الترحيب كان مشوبًا بالحذر، خاصة من جانب الدول العربية السنّية التي كانت تخشى من النفوذ الشيعي المتزايد.
الحروب بالوكالة
حزب الله، الذي نشأ في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، أصبح الذراع العسكرية الرئيسية لإيران في مواجهة إسرائيل. وقد تلقى الحزب دعمًا ماليًّا وعسكريًّا وتدريبيًّا واسعًا من إيران، مما مكنه من تطوير قدرات عسكرية متقدمة وشن عمليات مقاومة ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان.
خلال هذه الفترة، تطور الخطاب العدائي الإيراني تجاه إسرائيل ليصبح أكثر حدّة وتطرّفًا. فقد أصبحت إسرائيل تُوصف في الأدبيات الإيرانية الرسمية بـ”الكيان الصهيوني” و”الشيطان الأصغر” و”السرطان الذي يجب استئصاله”.
هذا الخطاب لم يكن مجرد بلاغة سياسية، بل انعكس في سياسات عملية تمثلت في دعم الفصائل الفلسطينية المسلحة، وتمويل عمليات المقاومة ضد إسرائيل، والعمل على تطوير قدرات عسكرية تهدد الأمن الإسرائيلي. كما أن إيران بدأت في تطوير برنامجها الصاروخي بهدف معلن هو الوصول إلى إسرائيل.
الاستجابة الإسرائيلية
من جانبها، لم تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي أمام هذا التحول الجذري في الموقف الإيراني. فقد بدأت في إعادة تقييم استراتيجيتها الإقليمية وتطوير قدراتها للتعامل مع التهديد الإيراني الجديد. شمل ذلك تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة، وتطوير قدرات استخباراتية للتعامل مع الأنشطة الإيرانية في المنطقة، والبحث عن حلفاء جدد لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد.
كما بدأت إسرائيل في تطوير خطاب مضاد يصور إيران كتهديد ليس فقط لإسرائيل، بل للاستقرار الإقليمي والدولي.
صراع إسرائيل وإيران بالوكالة، أو الحرب الإسرائيلية الإيرانية بالوكالة، هو صراع مستمر غير مباشر بين إسرائيل وإيران بدأ في 16 فبراير 1985 ومستمر حتى الآن. يتمحور الصراع حول النضال السياسي للقيادة الإيرانية ضد إسرائيل، وهدف إسرائيل في منع إيران من إنتاج أسلحة نووية وإضعاف حلفائها وأتباعها مثل حزب الله في لبنان.
يمثل هذا الصراع نموذجًا معقدًا للحروب الحديثة، حيث تتجنب القوى الرئيسية المواجهة المباشرة وتعتمد بدلًا من ذلك على شبكة من الوكلاء والحلفاء لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. هذا النمط من الصراع يتيح لكلا الطرفين تحقيق مكاسب استراتيجية مع تجنب التكاليف الباهظة للحرب المباشرة.
الاستراتيجية الإسرائيلية المضادة
في مواجهة شبكة وكلاء إيران، طورت إسرائيل استراتيجية متعددة الأبعاد تهدف إلى احتواء النفوذ الإيراني ومنع تعزيز قدرات وكلائها.
تشمل هذه الاستراتيجية:
الحملة بين الحروب: حيث تتبع إسرائيل استراتيجية تُعرف بهذا الاسم تهدف إلى منع تعزيز قدرات أعدائها من خلال عمليات عسكرية محدودة ومتكررة. في إطار هذه الاستراتيجية، شنت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا لمنع نقل أسلحة متطورة من إيران إلى حزب الله.
الحرب السيبرانية: طورت إسرائيل قدرات سيبرانية متقدمة استخدمتها في مهاجمة البنية التحتية الإيرانية، خاصة المنشآت النووية. أشهر هذه الهجمات كان فيروس “ستوكسنت” الذي استهدف أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز النووية عام 2010.
الاغتيالات المستهدفة: نفذت إسرائيل سلسلة من الاغتيالات استهدفت علماء نوويين إيرانيين وقادة عسكريين. أبرز هذه الاغتيالات كان اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده عام 2020.
حرب لبنان 2006: نقطة تحول
شكلت حرب لبنان عام 2006 نقطة تحول مهمة في الصراع الإيراني-الإسرائيلي. فقد أظهرت هذه الحرب قدرة حزب الله، المدعوم إيرانيًّا، على مواجهة الجيش الإسرائيلي وإلحاق خسائر فادحة به. أثبتت هذه الحرب فعالية الاستراتيجية الإيرانية في الحرب بالوكالة، وأظهرت أن إيران قادرة على تهديد إسرائيل دون التعرض لرد مباشر. كما أنها عززت من مكانة إيران في المنطقة وأثبتت قدرتها على تحدي إسرائيل والولايات المتحدة.
مع اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، أصبحت سوريا ساحة صراع رئيسية بين إيران وإسرائيل. دعمت إيران نظام بشار الأسد بقوة، وأرسلت آلاف المقاتلين من الحرس الثوري وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية للقتال إلى جانب الجيش السوري.
هذا التدخل الإيراني في سوريا أثار قلقًا إسرائيليًّا شديدًا، خاصة من إمكانية إقامة إيران قواعد عسكرية دائمة في سوريا ونقل أسلحة متطورة إلى حزب الله. ردت إسرائيل بشن مئات الضربات الجوية في سوريا استهدفت المواقع الإيرانية وشحنات الأسلحة المتجهة إلى حزب الله.
التهديد الوجودي
كان البرنامج النووي الإيراني في قلب المواجهات بين الطرفين. تعهدت إسرائيل بعدم السماح لإيران أبدًا بتطوير قنبلة نووية، في حين تؤكد طهران دومًا أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية.
في يوليو 1998 بدأت طهران عدة تجارب على صاروخ “شهاب 3” انتهت مطلع يوليو 2003، مما مثل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل. هددت طهران باستخدامه ضد إسرائيل إذا ما هاجمت المنشآت النووية الإيرانية.
تطور البرنامج النووي الإيراني عبر عدة مراحل، شهدت تصاعدًا تدريجيًّا في القدرات والطموحات. بدأ البرنامج في عهد الشاه بمساعدة أمريكية، لكنه توقف مع الثورة الإسلامية ثم استؤنف في فترة الثمانينيات. في التسعينيات، حصلت إيران على مساعدة من شبكة عبد القدير خان الباكستانية، مما ساعدها في تطوير تقنيات تخصيب اليورانيوم.
في يوليو 2015، توصلت إيران مع كل من (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) إلى اتفاق نووي شامل يُعرف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”. فرض الاتفاق قيودًا صارمة على البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.
عارضت إسرائيل الاتفاق بشدة واعتبرته “خطأ تاريخي” يمنح إيران شرعية دولية ويوفر لها الموارد المالية لتعزيز أنشطتها الإقليمية.
في مايو 2018، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على إيران. ردت إيران بالتراجع التدريجي عن التزاماتها النووية، وبدأت في زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم وتقليل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. هذا التصعيد زاد من التوترات الإقليمية وأثار مخاوف من اندلاع حرب.
المواجهة المباشرة (2020–2025)
في 3 يناير 2020، شهدت المنطقة حدثًا مفصليًّا غيّر مجرى الصراع الإيراني–الإسرائيلي بشكل جذري. ففي ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، شنّت الولايات المتحدة غارة بطائرة مسيّرة على قافلة كانت تسير بالقرب من مطار بغداد الدولي، أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، إلى جانب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.
كشفت تقارير إعلامية عن دور إسرائيلي في هذه العملية، وإن إسرائيل ساعدت الولايات المتحدة في العملية من خلال تقديم معلومات استخباراتية حاسمة حول تحركات سليماني.
ردّت إيران على اغتيال سليماني بإطلاق عشرات الصواريخ الباليستية على قاعدتين أمريكيتين في العراق، في أول هجوم إيراني مباشر على أهداف أمريكية منذ عقود. لكن الأهم من ذلك كان الإعلان الإيراني عن التراجع الكامل عن التزاماتها النووية في إطار اتفاق 2015، مما فتح الباب أمام تسارع البرنامج النووي الإيراني. هذا القرار كان له تداعيات بعيدة المدى على الأمن الإقليمي والدولي.
تسارع البرنامج النووي
في أعقاب اغتيال سليماني وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، شهد البرنامج النووي الإيراني تسارعًا ملحوظًا. بدأت إيران في زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم تدريجيًّا، من 3.67% المنصوص عليه في الاتفاق إلى 20% ثم 60%، وهو مستوى قريب جدًّا من مستوى صنع الأسلحة.
كما بدأت إيران في تركيب أجهزة طرد مركزي متطورة من الجيل الجديد، مما زاد من قدرتها على إنتاج اليورانيوم المخصب بكميات أكبر وفي وقت أقل. وقلّلت من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنعت المفتشين من الوصول إلى بعض المواقع الحساسة.
هذا التطور أثار قلقًا شديدًا في إسرائيل، التي اعتبرت أن إيران تقترب بسرعة من “نقطة اللاعودة” النووية. وبدأت إسرائيل في التحضير لخيارات عسكرية لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي، بما في ذلك ضربة عسكرية وقائية.

الهجمات المتبادلة 2024
شهد عام 2024 تصعيدًا نوعيًّا في الصراع الإيراني–الإسرائيلي، حيث انتقل من الحرب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة لأول مرة منذ عقود. في أبريل 2024، شنّت إيران هجومًا مباشرًا على إسرائيل باستخدام مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، ردًّا على اغتيال قادة إيرانيين في سوريا.
هذا الهجوم، الذي أُطلق عليه اسم “عملية الوعد الصادق”، مثّل أول هجوم إيراني مباشر على إسرائيل منذ قيام الجمهورية الإسلامية. رغم أن معظم الصواريخ والطائرات المسيّرة تم اعتراضها، إلا أن الهجوم أرسل رسالة واضحة بأن إيران مستعدة للمواجهة المباشرة عند الضرورة.
ردّت إسرائيل بضربات محدودة على أهداف إيرانية، في محاولة لإرسال رسالة ردع دون التسبب في تصعيد شامل. لكن هذا التبادل فتح الباب أمام جولة جديدة من التصعيد في أكتوبر 2024، عندما شنّت إيران هجومًا ثانيًا أوسع نطاقًا، ردّ عليه الإسرائيليون بضربات أكثر قوة.
فشل المفاوضات
في محاولة لتجنّب التصعيد العسكري، بدأت الولايات المتحدة وإيران مفاوضات غير مباشرة في عُمان لإحياء الاتفاق النووي أو التوصّل إلى اتفاق جديد. شملت هذه المفاوضات خمس جولات امتدّت من أوائل 2024 حتى يونيو 2025.
لكن هذه المفاوضات واجهت عقبات جوهرية، حيث طالبت إيران برفع جميع العقوبات ورفضت قيودًا إضافية على برنامجها النووي، بينما أصرت الولايات المتحدة على قيود أكثر صرامة وفترة أطول للاتفاق. كما أن إسرائيل مارست ضغوطًا مكثفة على الإدارة الأمريكية لعدم التوصل إلى اتفاق.
في 12 يونيو 2025، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران غير ملتزمة بتعهداتها النووية، وذلك للمرة الأولى منذ عشرين عامًا. هذا الإعلان جاء بعد رفض إيران السماح للمفتشين بالوصول إلى مواقع حساسة، وتسارع أنشطة التخصيب بما يتجاوز أي غرض مدني معقول.
